في ذلك المكان القصي من العالم حيث الدمار الشامل ورائحة الغازات السامة تقربك للموت مع كل ذرة، وأبخرته تحجب ضوء الشمس عن بقعة من الأرض تعتبر واحدة من أندر الأماكن في العالم، حيث لا تشرق فيها الشمس، دفع حب الوطن وعدم إيجاد بديل عنه 2800 شخص ممن بقوا أحياء إلى مواصلة العيش على أرض جزيرة "مياكي جيما" إحدى أكثر "جزر يام" اليابانية نشاطا بركانيا، وممارسة حياتهم الطبيعية فهم يأكلون ويشربون وينامون، ولكن دون أن يرى بعضهم وجه بعض، بسبب ارتدائهم الدائم أقنعة ضد الغازات ما داموا خارج منازلهم، أما داخلها فهم يسارعون لارتدائها كلما سمعوا صافرات الإنذار! إن حبك لوطنك يجبرك على تحمل العيش في قرية غارقة في الغازات السامة منذ عقدين من الزمن ينبعث من فوهة بركانها الشهير من 10 إلى 20 ألف طن من غاز الكبريت السام حولت الغازات والحمم القرية إلى مدينة أشباح، الأموات فيها أكثر من الأحياء، المنازل تحولت إلى خرائب مهجورة، والمباني والمدارس أغلبها هدم تماما ولم يبق إلا أثرها والأشجار ميتة والسيارات الصدئة في كل مكان. اندلع البركان ست مرات وبلغ نشاطه ذروته في عام 2000، ما اضطر الحكومة اليابانية إلى إجلاء سكانها المتبقين واعتبرت خارج حدود العالم لمدة خمس سنوات. وفي عام 2005 سمح للسكان بالعودة إلى موطنهم مع ارتداء الأقنعة طوال الوقت! أما من لم يرغب في العودة وفرت لهم مساكن في طوكيو. ورغم ذلك لا يزال أكثر من ثلث المدينة خارج حدود العالم للأحياء حين تشاهدها تحس أنك ترى العالم بعد النهاية، وحماية لسكانها المغامرين تقوم الحكومة بفحوص صحية مستمرة لمتابعة حالتهم وقياس نسبة الغازات المنبعثة وقرع صافرات الإنذار عند الحاجة! ورغم أنهم يعيشون فوق صفيح ساخن إلا أن ذلك لم يمنعهم من مزاولة حياتهم الطبيعية وإقامة حفلات الأعراس، ولكن بزي موحد من الأقنعة! واستقبال السياح من كل مكان حتى مكاتب السفر لدينا تنظم رحلات لزيارة أكثر الأماكن خطورة على وجه الأرض "مياكي جيما"! ويأتي إليها السياح والزوار بكثرة حتى إن زيارتها سميت "بسياحة أقنعة الغاز" فأصبحت الأقنعة تباع في المحطات وفي المتاجر العامة. وتحولت الكارثة إلى مصلحة تجنى الأموال من ورائها فتنظم رحلات سياحية بين البيوت المهجورة والسيارات الصدئة والأبنية والمدارس التي دمرتها تدميرا كاملا أو نصفيا من قبل الحمم الملتهبة.