علي بن محمد مدهش (نائب رئيس تحرير «عكاظ» سابقا وعضو مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر)، قال: بكل المقاييس الفرق شاسع جدا بين عكاظ الأمس وعكاظ اليوم، ولا مجال للمقارنة لصدور صحيفة كانت تمثل أيقونة زمنها الجميل، رغم ندرة الإمكانات الطباعية وفقرها قبل 50 عاما من الآن، وبين ما حدث من طفرة تطويرية هائلة في صناعة الصحافة تبعا لمنطق التطور الحلم الذي شهدته بلادنا في كل المجالات حسب مراحل نموها، وهذا شيء ظاهر ومشهود ولم يبق من ماضي عكاظ ومن بداية إصدارها الأول بواقع ست صفحات يوميا وغيابها يوما في الأسبوع إبان تحولها من صحافة الأفراد إلى عهد المؤسسات الصحفية، والتي كان يتطلب التحضير لإصدار العدد الواحد وقتا لايقل عن 16 ساعة وبجهاز تحريري يقل أفراده عن عدد أصابع اليدين تجمعهم غرفة واحدة ذات مساحة ضيقة في الجهة الخلفية من مطابع الأصفهاني، والتي أصبحت ذكرى لايتخطاها التاريخ كما هو حال «عكاظ» في الزمن الجميل والتي لم يبق منها إلا عكاظ الهوية والحدث والمراحل التدريجية التي مرت بها وأوصلتها لمرافئ نجاحها اليوم. وأضاف مدهش: «وبحساب التاريخ فإن الأمانة تقتضي أن نسجل بأحرف من نور رعاة الفكر والطموح اللذين تجليا من خلال العناصر الفاعلة والتي كانت وجوها تلمع طموحا وبشرى لمولدها الجديد آن ذاك، أمثال الأستاذ الكبير عبدالله عمر خياط، والأستاذ عبدالله الداري، والمرحوم الدكتور علي عمر جابر، والأستاذ عبدالعزيز فرطوشي، والمرحوم الشاعر محمود عارف، والمرحوم عبدالله الجفري، بالإضافة إلى كوكبة من الكتاب والمثقفين الذين أسهموا في التنوير في المرحلة الأولى مثل الأستاذ محمد حسن زيدان، والأستاذ ضياء الدين رجب، وعبدالعزيز الرفاعي، ومحمد حسن عواد، وعبدالله الحسين، وحسين سرحان، ومحمد عمر توفيق، إلى أن جاء الدكتور هاشم عبده هاشم الذي نقل «عكاظ» من مرحلة إلى مرحلة متطورة استطاعت أن تتسيد المشهد الصحفي السعودي بكل اقتدار، حتى أضحت متقدمة بين الصحف المحلية. وقال مدهش معقبا: لأن الشيء بالشيء يذكر فإن «عكاظ» اليوم الجديرة بالاعتزاز والقابلة للمباهاة في عالم الصحافة والتي شرفت بخدمتها طيلة 36 سنة أبلينا فيها بلاء حسنا بقيادة من تداول ترؤسها على مر تاريخها، إلا أن التحولات التي شهدتها وتشهدها حاليا فتحقق لها قفزات تقنية ومهنية تمارس بحرفية عالية تبعث على الطمأنينة بأن كيانها الصحفي القائم بذاته جدير بالقفز إلى الأمام طالما هناك إرادة تضامنية مع إدارة المؤسسة في توسيع قاعدة العمل الصحفي بكافة أركانه وأشكاله، يحدوها شعور محفز ودائم بأن القفزة التي تريدها لم تتحقق بعد بدليل خطوات التجديد والتطوير التي تضاف لرصيدها بين الحين والآخر، الأمر الذي يعزز حاضرها المعاصر الذي يملك مقومات نجاحه من خلال الوسائل والأدوات التكنولوجية الحديثة وكتائب القدرات الصحفية المتميزة في كل التخصصات والفنون. وأوضح مدهش: «ومن ثم فإن شريط الذكريات يعيدني للإمساك بأول خطوة بدأتها الصحيفة كانت من الضعف المرتهن بضعف إمكانات المؤسسة التي كانت تدير تلك المرحلة وفقا لظروف وشح موارد البلاد بشكل عام في تلك الحقبة من التاريخ، فماذا تفعل مؤسسة وصحيفة بلا مقر ولا طباعة إلا أن تظل تدير حراكنا بالتنقل من مكان إلى آخر دون أن تهدأ، هكذا كنا، ومع كل ما واكبها من مشكلات إدارية لم تتوقف الصحيفة يوما ما عن الصدور إلا يوما واحدا فقط بسبب انقطاع تيار الكهرباء المتأثر بمياه الأمطار، وبقية التفاصيل لدى الأستاذ الخياط والأستاذ علي العمير عافاهما الله، وما نالاه من عقاب كان النقد فيه لشركة الجفالي قبل تحولها إلى شركة وطنية موحدة في عهد الوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي يعد عملا من أعمال السيادة لايجوز المساس بها، وبهذه الصورة الذهنية التي كانت «عكاظ» تحارب من أجل البقاء بسيف خشبي وتمشي بكعب أخيل كأمر يذكرنا بحرب طروادة، وتلك هي العلامة الفارقة بين ماض أشاحت غيومه بهجة حاضر حول فيه المولود (أيقونة زمانه) إلى عملاق ناجز أضحى مقره في جدة معلما حضاريا بين فروع أخرى من المقرات في مدن المملكة، ومع كل ما طرأ من متغيرات نشكره سبحانه مغير الأحوال. وعن مستقبل «عكاظ»، قال مدهش: أؤكد هنا أن «عكاظ» كان لها دور إيجابي في صناعة الإعلام الجديد والنشر الإلكتروني، لذا أتوقع أن يحافظ رجالات «عكاظ» على مستوى توزيعها، ولا ننكر أن الصحف الإلكترونية حتما ستؤثر في الصحيفة الورقية.
مشاركة :