جاءت القمة العربية، التي احتضنتها الشقيقة تونس، شفافة وواضحة تجاه أبرز القضايا المصيرية والتحديات التي تواجهها الدول العربية، وهو ما عبّرت عنه القمّة من خلال إجماع رؤساء الدول وممثليها من مكاشفة صادقة، وضحت من خلالها نبرة التوجّع والأسف من حالة الخذلان التي تستشعرها الدول، عبر تدخّلات مرفوضة من بعض الدول العربية، ما فاقم المعضلات وزاد عبئاً على أعباء ومشكلات أثقلت كاهل دولها وبشكل لم يعد فيه مجال لاحتمال. ولعلّ مكاشفة المجتمعين من الرؤساء بحالة الجراح والنزاعات، التي حفرت أخاديد عميقة في وجداننا كعرب ومجتمعات عربية تروم السلام والحياة الرغيدة - تنذر بمخاطر عميقة، إن لم يتم احتواؤها واجتثاث جذورها، سيما وأن هناك من يقتات على آلام الشعوب ومقدراتها، فمن باب أولى إيصاد الأبواب أمام منتهزي الفرص ومقتنصي الغنائم من المزايدين على العرب ووحدتهم. ومن المهم التعريج على الكلمة الضافية والعميقة، التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين أمام القمة، فقد جاءت مُحدّدة لسياسة المملكة الثابتة التي لا تداور ولا تناور، بل كانت جليّة ومرسّخة لمواقف بلادنا المنحازة دوماً للحق والعدل، ومنسجمة مع نداءات الضمير النقّي، الذي لا يقف أمام الظلم والعدوان أو محاولة المساس بسيادات الدول أو أمنها واستقرارها. فقد أكد الملك سلمان محورية القضية الفلسطينية واعتلاءها رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه، كما جدد رفض المملكة القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان، مع التأكيد على دعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي وفق المرجعيات الثلاث، وبما يضمن التوصل إلى حل للأزمة السورية، وبما يضمن أمنها وحمايتها ووحدتها وسيادتها ومنع التدخل الأجنبي. ولم تخلُ كلمة خادم الحرمين من التنويه إلى التأكيد على استمرار المملكة في تنفيذ برامجها للمساعدات الإنسانية والتنموية لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني العزيز، كما أن الإرهاب ومواصلة مكافحته كان حاضراً في كلمته، إضافة إلى التأكيد على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، ودعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي، كما أكد خادم الحرمين ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه مواجهة سياسات النظام الإيراني، ووقف دعمه للإرهاب في العالم، مبدياً تفاؤله بمستقبل واعد لأمتنا العربية رغم الأحداث التي تمر بها.
مشاركة :