«أنظمة البناء الحديثة» تختصر الوقت والجهد والمال

  • 4/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت طرق البناء المستخدمة في الإمارات تطوراً غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل تبني شركات المقاولات العاملة في الدولة لبرمجيات «نمذجة معلومات البناء» المعززة بتقنيات الواقع الافتراضي، فضلاً عن البناء الآلي الذي يعتمد على إحلال الروبوت محل عامل البناء التقليدي، واستخدام الطائرات المسيرة من دون طيار «درون» في عمليات التصميم والتخطيط والبناء. وأكد خبراء وتنفيذيون في قطاع الإنشاءات، أن تبني شركات المقاولات الوطنية لأحدث تقنيات البناء شكل ضرورة ملحة لمواكبة إحداثيات النهضة العمرانية غير المسبوقة التي تشهدها الإمارات. وقالوا إن تطور أساليب البناء الحديثة في الإمارات لم يتوقف عند حدود تبني أحدثها عالمياً، بل تجاوز ذلك من خلال تطوير تقنيات جديدة كلياً، لاسيما عند تنفيذ المشروعات المتفردة التي تزخر بها مدن الدولة. وأشاروا إلى عدد من المشاريع الريادية في الدولة، والتي حققت إضافة للهندسة المعمارية وطرق البناء الحديثة مثل برج خليفة الأطول عالمياً، ومبنى «إتش كيو» أول مبنى دائري في العالم، وبرج «كابيتال جيت» البرج الأكثر ميلاً في العالم، مؤكدين أنه لم يكن من الممكن تنفيذ هذه المباني الأيقونية باستخدام طرق البناء التقليدية.وأكدوا أن طرق البناء الحديثة على صعيد «نمذجة البناء» ساهمت في توفير نسبة تتراوح بين 20% و30% من إجمالي التكاليف، فضلاً عن دور هذه الأنظمة في تحقيق الاستغلال الأمثل للمواد المستخدمة، مشيرين إلى أن عمليات «التنفيذ الآلي» ونظام «بناء الأجزاء» تختصر 85% من الأيدي العاملة بالموقع، ما يعزز معايير الأمن والسلامة على نحو غير مسبوق. شركات وطنية وأكد أحمد خلف المزروعي، نائب رئيس جمعية المقاولين في الإمارات، مدير مكتب الجمعية في أبوظبي لـ «الاتحاد»، أن أنظمة البناء الحديث شهدت تطوراً متسارعاً يعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا المتقدمة، إلا أن السوق الإماراتي حافظ على ريادته الإقليمية في تبني أحدث هذه الأنظمة وأكثرها فعالية بما يواكب توجهات الدولة نحو المستقبل. وقال، إن شركات المقاولات الوطنية الكبرى تقف على قدم المساواة مع الشركات العالمية، بل تتفوق في توظيف هذه التقنيات بما يتناسب مع طبيعة السوق المحلي، لافتاً إلى أن الشركات الإماراتية تمتلك رصيداً من الخبرات يمتد إلى أكثر من 50 عاماً، حيث ساهمت بشكل فاعل في نهضة البناء والتعمير التي شهدتها ربوع الدولة. وأوضح أن شركات المقاولات المحلية المدرجة ضمن تصنيف الفئة الأولى بسجلات المقاولين، الأكثر حرصاً على تبني أحدث أنظمة وتقنيات البناء الحديث وهو أمر حتمي، كونها تعمل في سوق متطور للغاية وتشارك في تشييد مشاريع متفردة تتطلب أعلى درجات الدقة والفعالية. ولفت إلى أن بعض هذه الشركات انتقل إلى مرحلة التوسع خارج الحدود الجغرافية للدولة لنقل التجربة الإماراتية إلى العديد من أسواق الشرق الأوسط، مستفيدة من تطورها التقني وقدرتها الفائقة في مواكبة تطورات وتحديثات أنظمة البناء. وعلى الجانب التقني أوضح المزروعي، أن تقنيات البناء الحديثة تسهم في توفير نفقات التشغيل، وتسريع وتيرة البناء، واستخدامها مواد صديقة للبيئة، فضلاً عن دورها في زيادة فعالية التكاليف، وخفض حجم القوى العاملة، ورفع جودة البناء، وتعزيز استدامته وكذلك تعزز معايير أمن وسلامة البناء والعاملين. تطور مستمر وقال كمال فرح، مدير مجموعة شركة المقاولات الهندسية، إن الشركة أدركت أن تبني أحدث تقنيات البناء يشكل ضرورة ملحة في ظل العمل في سوق يشهد نهضة عمرانية غير مسبوقة، ويسعى دائماً إلى تطوير مشروعات عقارية متفردة لم يسبق تنفيذها مثيل لها في العالم. وأوضح أن طرق البناء تتغير بخطى سريعة بفضل الأساليب الجديدة والمطورة التي يتم تطبيقها في مواقع العمليات، بهدف الحصول على أفضل النتائج من حيث الفعالية والسرعة والسلامة. وأضاف، أنه من بين هذه التقنيات الحديثة التي اكتسحت عالم البناء مؤخراً هي تقنية نمذجة معلومات المباني «BIM» المعززة بتقنية الواقع الافتراضي، وهي تقنية حلول هندسية متكاملة تشكل منصة ذكية تعتمد على النماذج ثلاثية الأبعاد توفر للمستخدمين رؤية افتراضية لأي جزء من المبني والتمديدات الداخلية بطريقة سلسلة وفعالة تسهم في رفع كفاءة التخطيط، والتصميم، والبناء، كما تذهب إلى تحسين فعالية التشغيل وإدارة المباني والبنية التحتية بطريقةٍ افتراضية. وقال، إن الشركة قامت بتطبيق أنظمة ونماذج جديدة لتعزيز الكفاءة، وهو الهدف الذي تم تحقيقه من خلال التركيز على البحث والتطوير وتقديم حلول هندسية مبتكرة، حيث تم رصد العديد من النتائج الإيجابية بعد التطبيق الفعلي للتقنية على جميع المشاريع، لاسيما على صعد التكلفة وتوفير الوقت، بالإضافة إلى تقليص الوقت المستغرق لتنفيذ هذه المشروعات. وأكد أن التجربة العملية أكدت أن النتيجة الرئيسية لتطبيق أي أساليب بناء حديثة هي زيادة جودة التطوير، إلى جانب الشفافية والسلامة والاستدامة، كما يساعد اعتماد أحدث التقنيات والأنظمة والممارسات في تقليل التكرار في سير العمل، وتحسين الكفاءة من حيث التكلفة والوقت، وتسهيل التنسيق والتعاون بين الفرق وبالتالي تحسين جودة التسليم.ولفت إلى وجود طريقتين لنمذجة معلومات البناء، حيث تتمثل الطريقة الحديثة الأخرى في دمج مبادئ مرنة في جميع مراحل عملية البناء لتوفير الوقت والتكلفة وزيادة الكفاءة الإجمالية للمشروع. وقال إن الإمارات من بين الدول التي تبنت تقنية نمذجة معلومات المباني، بالإضافة إلى المملكة المتحدة، فرنسا، الولايات المتحدة، ألمانيا، سويسرا، والدول الإسكندنافية والعديد من الدول الأخرى، أما بالنسبة لاعتماد المبادئ المرنة «Lean Principles»، حيث بدأت من اليابان وكانت تطبق في البداية في قطاع صناعة السيارات. وقال، إن شركته من بين أولى شركات المقاولات الخاصة في السوق في تبني تقنية نمذجة معلومات المباني، والمبادئ المرنة، إدراكاً من الشركة أنها ستسمح لنا بالتغلب على أي تحديات ربما نواجهها في المستقبل، من أجل تقديم حلول هندسية قيمة لشركائنا الأساسيين وللسوق المحلي. التكلفة الإجمالية من جانبه، قال المهندس أحمد أبوعلفة، المتخصص في مجال «نمذجة معلومات البناء»، إن التكنولوجيا باتت مساهماً رئيسياً لتحقيق كفاءة التشغيل وتقليص النفقات وتعزيز معايير أمن وسلامة البناء والعاملين، لافتاً إلى أن مفهوم نمذجة معلومات البناء يعتمد على إدخال جميع البيانات المتعلقة بالمشروع، مثل الرسومات الهندسية والمواصفات، إلى البرنامج الذي يقوم بدوره بإعطاء صورة افتراضية عامة للمشروع بشكل مكتمل. وأشار أبوعلفة، إلى وجود أكثر من نوع من هذه الأنظمة منها ثنائي الأبعاد والآخر ثلاثي الأبعاد، ومعزز بتقنيات الواقع الافتراضي، حيث يتميز الأخير بتقليص نسبة التحديات التي يمكن أن يواجهها المقاول عند تنفيذ المشروع على أرض الواقع بنسبة لا تقل عن 70%، حيث يعطي النظام صورة أقرب ما تكون إلى حقيقة صورة المبنى بعد اكتماله، وهو الأمر الذي يسهم بشكل مباشر في تقليص التكلفة. وأضاف أن أهم ما تقوم به أتمتة البناء الحديثة هو التنسيق بين المعطيات المعمارية، والإنشائية، والتمديدات الكهروميكانيكة، وهي مهمة كانت تستغرق في السابق وقتاً طويلاً للغاية، كما تجعل الأنظمة الحديثة تنفيذ هذه العناصر على أرض الواقع سلساً، إلى جانب إسهامها في تسريع وتيرة تنفيذ المشروع بنسبة 20% بشكل عام. وقال أبوعلفة: تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية للمقاول في كل مشروع في البقاء ضمن الميزانية وتقليل النفقات التشغيلية، حيث أثبتت التكنولوجيا مساهمتها الفعالة رفع الكفاءة ومراقبة التكاليف والجودة العالية من خلال تطبيق تقنية نمذجة معلومات المباني «BIM» التي تزيد من الكفاءة التشغيلية، كما أنها من الخطوات الضرورية لتمكين الشركة من أن تصبح شركة مرنة بفضل استراتيجية «مبادئ البناء المرن التي تنظم العمليات والحدّ من الأنشطة المعدومة من حيث القيمة المضافة، وتحسين في جودة التسليم، وكذلك انخفاض في التكلفة والمهلة الزمنية للمشروع. وحول استعداد شركات المقاولات المحلية لتبني أحدث الحلول التكنولوجية في البناء قال أبوعلفة، إن الشركات منفتحة على هذه التقنيات لأنها تعمل في سوق متقدم على هذا الصعيد، وتدرك أهمية مواكبة هذا التطور المتسارع لتصبح أكثر كفاءة ومرونة لتتمكن من الاستمرار في هذا السوق. وأكد أن ترقية التقنيات واعتماد أنظمة وممارسات متطورة ضرورية للتطور والبقاء على قدم المساواة مع المعايير الدولية، حيث يمثل الاستثمار في التكنولوجيا مطلباً يتعين على الشركات الالتزام به وتبنيه من أجل مواكبة متطلبات السوق التي تتطور باستمرار ومواكبة أحدث التوجهات والتكيف معهما. ضرورة ملحة من جهته، قال محمد بن غاطي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بن غاطي للتطوير»، إن استخدام أنظمة البناء الحديث بات يشكل ضرورة ملحة نظراً لرغبة المطور والمقاول في ضبط النفقات، وتنفيذ المشروع ضمن الإطار الزمني، فضلاً عن تقليل مصاريف تشغيل المبنى، ورفع جودة البناء. وأضاف أنه مع اتباع أحدث أنظمة نمذجة معلومات البناء يستطيع المطور والمقاول تحديد الإطار الزمني لتنفيذ المشروع على نحو دقيق، ما يسهم في تعزيز مصداقية الطرفين ويزيد من فرص نجاحهما. وأوضح أن شركته المتخصصة في تطوير العقارات أطلقت حملة تتعهد فيها بتحمل تكلفة الإيجار لحاجز الوحدة السكنية لحين تسليمها، انطلاقاً من ثقتها في تسليم الوحدات في الموعد المحدد وهو أمر لم يكن ممكناً من دون تبني أحدث تقنيات نمذجة معلومات البناء. نظام البناء الآلي خارج الموقع يوفر 85% من العمالة أجمع متخصصون أن «التشغيل الآلي» يعد من أهم أنظمة البناء الحديث والذي يتم اعتماده عند التفكير في ما نسمّيه التنفيذ التلقائي لأعمال البناء فعوضاً على تولي شخص واحد تنفيذ أعمال تفوق قدرته، يتم ذلك من خلال جهازٍ يتحمّل الضغوط الفعلية في هذه الأعمال، أو يزيد من سرعة الإنتاج، ولاسيما في الأنشطة ذات الطابع التعويضي. وتعد الطريقة الحديثة الأخرى هي «بناء الأجزاء السكنية» بعيداً عن موقع الإنشاء، واعتماد أسلوب تصنيع الوحدات «الأجزاء»، وذلك من خلال تحويل 85% من أنشطة البناء من موقع الإنشاء إلى المصنع فيما تعتمد الطريقة الثالثة على توحيد أسلوبٍ التصميم والتشييد المشروع. وقالوا إن الطفرة التي شهدتها مسيرة تحديث طرق البناء خلال السنوات الأخيرة عند هذا الحد ووصلت إلى استخدام الطائرات المسيرة من دون طيار (درون) في تشييد المباني حيث فطن مطورو أنظمة البناء الحديث مبكراً إلى إمكانية توسيع نطاق عمل هذا النوع من الطائرات ليتجاوز وظيفته التقليدية في التقاط الصور من الجو، ليتم بعد ذلك تزويدها ببرمجيات رسم الخرائط، والتحليل الحجمي، والتصوير الحراري، وغير ذلك من التقنيات المستخدمة في التطوير والبناء، متوقعاً إضافة المزيد من الإمكانات في المستقبل القريب. وأكدوا أن «نمذجة معلومات البناء» (BIM) لا تزال تشكل مساراً مشتركاً عالي الدقة، يتيح لشركاء البناء المتعددين والاختصاصيين بالفروع الثلاثة الرئيسية «المعمار والهندسة والبناء)، التعاون في تخطيط وتصميم وتشييد المبنى، عبر نموذجٍ واحد ثلاثي الأبعاد. ويمكن لهذه العملية أن تشمل أيضاً تشغيل وإدارة المباني، باستخدام بيانات يستطيع أصحاب الشأن الوصول إليها. وتعد الطباعة الثلاثية الأبعاد أحدث وسائل البناء الحديثة في الوقت الراهن حيث يمكن استخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد لإنشاء مكونات البناء، أو لـ«طباعة» المباني بكاملها حيث أن أثبت مجال البناء أنه يشكل بيئة ملائمة لاحتضان تطبيقات الطباعة الثلاثية الأبعاد، كما أتيح لهذا القطاع أن يختبر فعلاً الإمكانات المساعدة التي تمتاز بها الكمبيوتر وبرمجياته.

مشاركة :