بصرف النظر عما ستسفر عنه الانتخابات المحلية، اليوم الأحد، ستكون تركيا على أعتاب بداية مرحلة جادة تعيد فيها تقدير حساباتها، إذ سيستهل الاقتصاد التركي مرحلة تزيد على 4 سنوات تخلو من أية انتخابات قادمة، مما يحرم حكومة رجب طيب أردوغان من إبداء الأعذار عن أية أخطاء مستقبلية في السياسة، بعد أكثر من عقد من السعي لتحقيق النمو بأي ثمن، بحسب ما نشره موقع "بلومبيرغ". معنويات متدنية وقال بيوتر ماتيس، المحلل الاستراتيجي في رابوبنك: "يتوقع المستثمرون الأجانب أن تحقق الإدارة تقدمًا كبيرًا في الإصلاحات الاقتصادية، لأن عدم القيام بذلك يمكن أن يشعل ضغوط البيع على الليرة ويقوض بشكل خطير جهود البنك المركزي لتحقيق الاستقرار في العملة، في الوقت الذي لا تزال فيه المشاعر بين الأسر والشركات متدنية". تركيا تدفع الثمن غالياً سيكون لدى أردوغان الكثير من العمل للحاق بالركب، خلال أطول فترة خالية من الانتخابات، في فترة حكمه البالغة 16 عامًا. لقد دفعت تركيا ثمناً غالياً مرة أخرى من خلال الاعتماد على حلول سريعة للتشويش في الفترة التي سبقت التصويت اليوم الأحد، ما جعلها عرضة لهجوم من السوق. محاولة يائسة وفي محاولة يائسة لتفادي هزيمة العملة، الأمر الذي جعلته السلطات من المستحيل هذا الأسبوع على المستثمرين الأجانب، من حيث البيع على المكشوف لليرة، ومن خلال احتجازهم في صفقات أرادوا الخروج منها. وكانت ضغوط السيولة بمثابة نهاية مناسبة لحملة انتخابية محيرة دارت رحاها بين الصناعات الحكومية القوية، التي تتراوح بين البنوك وتجار التجزئة للمواد الغذائية. إجراءات متخبطة وفجر زائف بينما تواجه تركيا تضخما سنويا يقرب من 20%، لجأت إلى محاربة ضغوط الأسعار من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد تخزين وبيع المواد الغذائية مخفضة السعر مباشرة للمستهلكين. ولإنعاش الاقتصاد، اعتمدت البنوك الحكومية على زيادة الائتمان، وإعادة ضخ رؤوس الأموال إلى 3 من بنوكها عن طريق بيع السندات إلى صندوق البطالة. وتعمل تركيا حاليا على خطة جديدة لتعزيز رأسمال البنوك المملوكة للدولة. وبعد تعدد رؤية الفجر الزائف من قبل، من المحتمل أن يكون المستثمرون أقل تسامحًا من أي وقت مضى. ويعلم كبار المسؤولين الأتراك أن صبر السوق ينفد. وقال وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق، الخميس، إن تركيا سوف تدخل "فترة إصلاح" بعد الانتخابات وستضع رؤية للمضي قدماً. اتهام الغرب هو النغمة السائدة كما أن أردوغان قد تعهد بإجراء تغييرات لتقوية الاقتصاد بعد التصويت، وأقر بنقاط الضعف التي ما زال الاقتصاد يعاني منها، لكن على الرغم من الحديث عن الإصلاح، فإن الترويج لمفهوم الحصار مازال هو النغمة السائدة. ففي أعقاب الموجة الأخيرة من تقلبات السوق الأسبوع الماضي، قال أردوغان إن الفوضى كانت نتيجة لجهود الغرب بقيادة الولايات المتحدة لمحاصرته قبل الانتخابات. التصدي للهجمات بعد الانتخابات وقال أردوغان: "سننفذ إصلاحات هيكلية تجعل اقتصادنا أقوى ضد مثل هذه الهجمات بسرعة كبيرة بعد الانتخابات". وتثير هذه التصريحات تساؤلا حول ما إذا كان المستثمرون سوف ينتظرون طويلا لمعرفة ما إذا كان سيصدق القول هذه المرة. ظروف غير مواتية مستقبلاً ومع خضوع تركيا لأول ركود لها منذ عقد، ومع زيادة البطالة إلى أعلى مستوياتها في 9 سنوات، حسب ما يقول ناز مصراف، مدير قطاع أوروبا بمجموعة أوراسيا، فإن أردوغان تنتظره معركة شاقة في المستقبل. وسيكون من الأكثر صعوبة إحراز تقدم في مواجهة تلك التحديات الرئيسية مثل إصلاح سوق العمل الآن مقارنة بالفترة التي كان فيها النمو الاقتصادي بنسبة 5% أو أكثر هو المعيار بالنسبة لتركيا. وقال مصراف: "إنها أقل فترة ممكنة تقريبًا لإجراء إصلاحات هيكلية بعد الانتخابات. وإذا كانت تركيا قد أخفقت في تحقيق ذلك عندما كان النمو أعلى، وكانت البلاد تتحسن اقتصاديًا في العامين 2011 و2012، فسيكون من الصعب فعل ذلك في ظل هذا التراجع". عقوبات أميركية محتملة كما أن العقوبات الأميركية المحتملة ضد تركيا حليفتها في الناتو، بسبب إصرار أنقرة على شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400 ربما تزيد الأمور سوءًا. ضربة لكبرياء أردوغان كما أن هناك مجهولاً آخر وهو كيف سيكون رد فعل تحالف أردوغان القومي إذا خاب أمله في صناديق الاقتراع. وقال وولفانغو بيكولي، الرئيس المشارك في Teneo Intelligence بلندن، المتخصصة في رصد وتحليل أوضاع المناطق التي تعاني من مشكلات ومصاعب حول العالم: "إن فقدان السيطرة على مدينة أو أكثر من المدن الكبيرة سيشكل ضربة لكبرياء أردوغان، وربما يقوض قدرة حزبه الحاكم على تلبية المطالب الانتخابية على المستوى المحلي". وأضاف بيكولي في تعليق عبر البريد الإلكتروني، الخميس: "في أعقاب مثل هذه النتيجة، ستعمل طاحونة الشائعات التركية لوقت إضافي، كي تنسج قصصا حول انتخابات عامة مبكرة".
مشاركة :