المدن بالنسبة إلى ساكنيها، ككفّ اليدّ، يحفظونها جيداً، ويعرفون كل تفاصيلها وملامحها. وفي هذه المدن هناك معالم كالخطوط في كفّ اليدّ، تُشكل هوية وحياة الناس، تعبر عن مشاعرهم وقلوبهم ورزقهم وارتباطهم الوثيق بالمكان. وبكل تأكيد فإن المدن ليست مجرد أماكن للمكوث أو المبيت أو العمل، فهي جزء من كينونتنا وهويتنا الثقافية والفكرية والاجتماعية. فإذا نظرنا إلى أي مدينة في العالم، فسوف نلاحظ كم تشبه من يعيشون فيها. سنمضي معكم في جولة بأبرز المعالم التي تشتهر بها بعض المدن العربية، والتي قد تعدّ عنواناً رئيساً وعريضاً لما ينتظرنا في كل واحدة منها. القاهرة.. دار الأوبرا المصرية: دعونا نبدأ جولتنا في مصر «أم الدنيـا»، وعميدة الثقافة والفنون في العالم العربي، وتحديداً من عاصمتها التي لا تنام أبداً.. القاهرة، هذه المدينة التي تزدحم بالحياة وتضج بالموسيقى والقلوب الطيبة التي تحمل اللكنة المصرية التي نعشقها جميعنا، والتي كبرنا ونحن نسمعها في الأغاني والأفلام والمسلسلات. ومن هناك، وعند الحديث عن الفن والثقافة عموماً، لا بد لنا أن نزور دار الأوبرا المصرية، في منطقة «أرض الجزيرة» بالقاهرة، أبرز وأشهر معالم المدينة الفنية والثقافية، والتي لا تُفرق بين غني وفقير، فالكل هناك يراها مكانه الأمثل لأخذ جرعته من الموسيقى والفن والشِعر. على طراز العمارة الإسلامية، تم تشييد دار الأوبرا المصرية لتكون تحفةمعمارية فنية جاذبة للجميع، وعلامة فارقة بالمدينة، وليس حاضرها فقط ما يعتبر مهماً، بل ماضيها أيضاً، حيث إن هذا الصرح الثقافي والفني الذي افتتح لأول مرة في 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1988، يعتبر بديلاً عن «دار الأوبرا الخديوية»، التي بناها «الخديو إسماعيل» في العام 1869، والتي كانت قد تعرضت لحريق هائل في 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1971، لذلك تم افتتاح الجديدة في التاريخ نفسه، تعبيراً عن استمرار المسيرة الفنية والثقافية في البلاد.خانالخليلي: لا يمكنك أن تزور القاهرة النابضة بالحب، من دون أن تذهب إلى أحد أهم معالمها على الإطلاق، وهو سوق «خان الخليلي»، الموجود في «حي الحسين» أحد أقدم الأحياء في المدينة المصرية، وهناك كل ما يرغب السياح بشرائه واقتنائه، لوجود عدد كبير من البازارات والمحلات والمطاعم الشعبية. مكة المكرمة.. أبراج البيت: على الرغم من أننا لن نتحدث عن المسجدالحرام، إلا أننا لن نبتعد عنه كثيراً، وسنمضي إلى خارجه لقرابة الـ500 متر فقط، حيث توجد «أبراج البيت»، وهي مجموعة تتكون من 7 أبراج ضخمة، هي كل من: «برج الصفا، برج المروة، برج هاجر، برج زمزم، برج المقام وبرج القِبلة»، وأخيراً أكبر هذه الأبراج السبعة برج الساعة. وجميعها تعتبر علامة مميزة وفارقة في مكة المكرمة والعالم أجمع؛ إذ إن برج ساعة مكة الملكي، بطوابقه الـ120، وارتفاعه البالغ أكثر من 600 متر، يعدّ خامس أطول مبنى مستقل وثالث أكبر مبنى في العالم. ساعة مكة: وفي برج الساعة الذي ذكرناه سابقاً، توجد «ساعة مكة» الشهيرة، أكبر ساعة في العالم، بعرض 45 متراً، وارتفاع 43 متراً، وبطول عقرب سّاعات يصل إلى 17 متراً، والدقائق لـ22 متراً. وما يميز «ساعة مكة»، ليس فقط كونها الأكبر في العالم فقط، بل كونها صُممت على الطراز المعماري الإسلامي، وتم تزيينها بـ98 مليون قطعة فسيفساء مطلية جميعها بالذهب من عيار 24 قيراطاً. دبــــــي..برجخليفة: لا تكاد تخلو دبي في الإمارات العربية المتحدة، من زاوية لا تعتبر مَعلماً هاماً وفارقاً في المدينة، فكل شوارعها وبناياتها معالِم جاذبة للجميع ومستفزة للزيارة، ولكن من بينها كلها –وهي كثيرة- هناك مبنى واحد فقط، يعتبر الأشهر والأهم والأطول أيضاً. إنه «برج خليفة»، ليس فقط أطول برج في العالم، بل هو أطول هيكل صنعه الإنسان في التاريخ حتى هذه اللحظة، بارتفاع يصل حتى 828 متراً، وهذا الأمر فقط، كفيل بأن يجعله المعلم الأبرز في المدينة كلها. كانت اللحظة التاريخية في 9 كانون الثاني / يناير من العام 2010، عندما تم الإعلان عن افتتاح «برج خليفة»، الذي بلغت كلفة بنائه قرابة الـ 1.5 مليار دولار، ويتضمن حوالي 30 ألف مسكن في 200 طابق، وبحيرة اصطناعية ضخمة تبلغ مساحتها 30 فداناً، وساحة لركن السيارات بمساحة 7 أفدنة، و9 فنادق، ومركز تسوق، و19 برجاً سكنياً. حديقة الورود تخيل عزيزي القارئ، أن تكون جالساً في أكبر حديقة ورود في العالم، تخيل كل هذه الأنفاس العليلة، والمشاهد الساحرة التي سوف تُشعرك بالقشعريرة من شدة جمالها. وتخيل أيضاً أن ما ذكرناه قبل قليل، ليس ضرباً من الخيال، بل هو واقع بإمكانك أن تعيشه كل يوم في حال زرت «حديقة ورود دبي» الشهيرة، التي هي بالفعل أكبر حديقة للورود في العالم، بمساحة تزيد على الـ72 ألف متر مربع، وأكثر من 150 مليون زهرة من أنحاء العالم، بينها الكثير من الأنواع النادرة. «الحديقة المعجزة» كما يصفها الكثيرون، لتحديها ووجودها بمنطقة تتمتع بطبيعة صحراوية قاسية مثل الإمارات العربية، تعدّ المشروع الأضخم في الشرق الأوسط عموماً؛ إذ إن تكاليف إنشائها وصلت حتى 11 مليون دولار، وتم افتتاحها في يوم الحبّ الـ«فالنتاين» في 14 شباط / فبراير من العام 2013، وخلال الشهر الأول فقط من افتتاحها، جذبت ما يزيد على 200 ألف زائر. بيروت..صخرةالروشة: كأن الأمر أصبح أحد طقوس زيارة العاصمة اللبنانية الساحرة بيروت، وهو أن تتجه صوب الـ«كورنيش»، وتلتقط صورة يظهر فيها خلفك جانب من شاطئ البحر الأبيض المتوسط، و«صخرة الروشة» الشهيرة، التي لا تكاد تخلو أي صورة لبيروت منها، فقد أصبحت -على الرغم من كونها صخرة– القلب الذي يرحب بضيوف المدينة اللبنانية، والذي يخبر الجميع عن صمودها عبر التاريخ. فهذه المدينة الساحلية التي ضربها العديد من الزلازل وأغرقت أجزاء كبيرة منها، اعتاد الباحثون القول بشأنها أن هنالك «سبع بيروتات» أخرى، تقبع تحت بيروت التي نعرف. كما تُعرف هذه الصخرة بأسماء أخرى أقل شهرة، مثل «صخرة الحب» و«صخرة الحمام».
مشاركة :