قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن المتابع لحادث مجزرة نيوزيلندا سيتضح له أن الذي قام بهذا الحادث هو داعشيُّ المنهجِ بامتياز؛ يحمل عقيدة "داعش" وأفكارها، ويُنَفّذ إستراتيجيتها، فهو يُصَوِّر جريمته، كما كانت تصنع داعش في دعايتها، بل سَبَقَ "داعشَ" في هذا المضمار بفكرة "البَثّ المباشر" عَبْرَ موقع الـ "فيس بوك".وأضاف المرصد في تقرير له، أن الإرهابي برع في استغلال "السوشيال ميديا" كما برعت في ذلك "داعش" من قَبلُ؛ بهدف تجنيد عناصرَ جديدةٍ من أيّ بُقعةٍ من بِقاع الأرض، تصلح لأن تكون حاضنةً لأفكارها وأيديولوجيتها، وهو ما نجحت فيه "داعش"، حيث مثّلت وسائل "التواصل الاجتماعي" السلاحَ الأقوى في الدعاية والتجنيد؛ ولذلك نشَر هذا السفاحُ مذكراتِه عَبْرَ "تويتر"، والتي كانت بهدف الدعاية لفكره وأيديولوجيته، وهي دعوةٌ صريحة للاقتداء بصنيعه وتقليد جُرمه، والذي يُعَدّ من وجهة نظره السقيمة عملًا بطوليًّا، سيُسارِع إليه كلّ مَن يحمل فكره أو ينتمي لأيديولوجيته.وتابع المرصد: الإرهابي صرّح بذلك حين قال: "سأستحق جائزة نوبل للسلام، بعدما أقضي في السجن 27 عامًا؛ فقد مُنحتْ للإرهابي في جنوب أفريقيا"، في إشارةٍ للرئيس "نلسون مانديلا"، الذي مُنح جائزة "نوبل" للسلام؛ بسبب مكافحته للعنصرية، لكنه سيستحقها -من وجهة نظره- لأنه سيُعيد هذه العنصريةَ ضد المهاجرين والمسلمين، والتي يرى فيها السبيلَ الوحيد لخلاص أوروبا والغرب من هؤلاء الغُزاة، على حَدّ زعمه.وسَجّل المجرمُ كتاباتٍ تُثبِتُ أنه يحمل عقيدةً تجمع بين الفكر الديني المتطرف والعنصري المَقيت؛ فتارةً يَسرُد أحداثًا تاريخيّة لهزائمِ المسلمين عَبْرَ قرونٍ من الزمن، بدايةً من معركة "بَلاط الشهداء"، ونهايةً بـ "حصار فيينا"، وتارةً أخرى يكتب أسماءَ أشخاصٍ قاموا بأعمالٍ إجرامية ضد المهاجرين دون دافعٍ ديني مثل: "أندرس بيهرينغ بريفيك"، مرتكب هجمات النرويج عام 2011م.. وحتّى الموسيقى، التي كان يَبُثّها، وهو في طريقه لارتكاب جريمته، هي من أغنيةٍ مُناصِرة لـ "رادوفان كاراديتش"، الذي كان يُلَقَّب بـ"سَفّاح البوسنة"، والذي جَرَتْ محاكمته بسبب ارتكابه "جرائمَ ضِدَّ الإنسانية"، حيث قاد هذا السَّفّاحُ مَذابِحَ ضد المسلمين في "البوسنة"، وهو ما يُمَثِّل خَلطًا في دَوافِع هذا المجرمِ بينَ ما هو دينيٌّ، وبينَ ما هو عنصريٌّ؛ وبذلك يصبح هذا النوعُ من التطرف والإرهاب، والذي يَتَبَنّاه الكثيرون من أبناء اليمين المتطرف حول العالم، أعظمَ خطرًا من تنظيم "داعش"؛ ولربّما يمتدّ هذا الخطرُ إلى بِقاعٍ آمِنة، عُرفتْ بتسامُح أهلها وتَعايُش أبنائها في سلامٍ وأمان.وشدد المرصد على أنه ينبغي أن يُحارِبَ العالَمُ هذا الفكرَ، الذي لا يَقِلُّ خطورةً عن فكر "داعش"، بنفْس القدْر وبنفس القوّة، وهذا ما أكّده فضيلةُ الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، في هذا السياق؛ أنه لَطالما بَقي الكُره والتعصُّب هو الداء العُضال، الذي بات يعاني منه عالمنا اليومَ، وأن تلك المذبحةَ، التي حدثتْ بنيوزيلندا، وجرائم "داعش"؛ هما فَرعانِ لشجرةٍ واحدة، رُوِيَتْ بماء الكراهية والعنف والتطرف، وقد آنَ الأوانُ أن يَكُفَّ الناسُ شرقًا وغربًا عن تَرديد أُكذوبة "الإرهاب الإسلامي"؛ فالإرهابُ لا دينَ ولا وطنَ له.
مشاركة :