الطبيب اليمني محمد عبد المغني الذي وصف الزيادة في حالات الكوليرا التي كان يعالجها بأنها "كارثية"، قضت عليه الكوليرا بعد أسبوعين. يعاني اليمن ثالث انتشار كبير لمرض الكوليرا، الناجم عن عدوى بكتيرية تنتقل عن طريق الماء، منذ تفجرت الحرب عام 2015 وتسببت في أشد الأزمات الانسانية إلحاحاً في العالم، ودفعت بعشرة ملايين شخص إلى حافة المجاعة. وتقول الأمم المتحدة إن المرض ينتشر كالنار في الهشيم، وقد سجلت 110 آلاف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا و200 حالة وفاة موضع اشتباه في ثلاثة أشهر. وتتسبب الكوليرا في حالة إسهال شديد وفقدان السوائل، ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة خلال ساعات. والأطفال وكبار السن ومن أضعفهم سوء التغذية على مدار سنوات هم أكثر الفئات عرضة للخطر. وكثيرون من الوافدين إلى المستشفى يعانون من الصدمة أو من فشل كلوي وضمور الأوردة من جراء الجفاف، لدرجة يصعب معها استخدام الحقن لنقل السوائل إليهم لإنقاذهم من الموت.Reuters الطبيب عبد المغني كان يعمل في مركز مؤقت لعلاج حالات الإسهال، في فناء مستشفى بصنعاء يستقبل ما بين 120 و250 حالة حادة كل يوم. في بلد مزقت أوصاله حرب مستمرة منذ سنوات ونقص في العاملين في المجال الطبي. وقال الطبيب إسماعيل منصوري الذي كان يعمل جنباً إلى جنب مع عبد المغني إن المركز سمح خلال أسبوعين بدخول 1100 حالة. وأضاف "طبعاً فيه ضغط كبير على المركز وفيه هناك احتياج كبير جدا للسوبلاي، اللي هي المحاليل والسوبلاي الآخر اللي هي المضادات الحيوية". ويقع المركز خارج مستشفى السبعين بالعاصمة اليمنية، وبه خيام ودورات مياه خارجية ويعاني العاملون فيه من الإجهاد من كثرة العمل. وتشغل نساء متصلات بأجهزة التغذية بالمحاليل كل مساحات الظل المتاحة في المركز. وقد تسببت الحرب التي بدأت قبل أربع سنوات بين حركة الحوثي التي تدعمها إيران، والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية (وتحظى بشرعية دولية) في إعاقة نظام الرعاية الصحية والاقتصاد، الأمر الذي دفع الناس للسفر مسافات طويلة طلبا للرعاية الطبية.مياه الآبار سافرت حماة منى مسافة 25 كيلومتراً إلى المستشفى في حافلة صغيرة، بعد أن أصيبت بنوبة إسهال وقيء لم يمكن السيطرة عليها لمدة ثلاثة أيام. وقالت منى التي أصيبت منذ شهرين بالكوليرا وشفيت منها في بيتها، إن الأسرة فقيرة للغاية واضطرت للاقتراض لنقل حماتها البالغة من العمر 70 عاماً. وتندر موارد المياه في اليمن أفقر دول شبه الجزيرة العربية، ويتطلب الأمر استخدام مضخات في كثير من أنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، لرفع المياه الجوفية إلى سطح الأرض. وأدى نقص الوقود إلى زيادة حادة في سعر المياه النقية. وقالت منى إن قريتها لا تملك ثمن وقود الديزل اللازم لضخ المياه الجوفية. وأضافت أن الناس يضطرون لاستخدام مياه الآبار، رغم أن بعض الآبار لا يكاد يوجد فيها قطرة ماء ورغم أن مياهها مؤذية. ويتزامن انتشار الكوليرا مع بداية مبكرة لموسم الأمطار في اليمن، غير أن ثمة ما يشير إلى تدهور حالة البنية التحتية العامة. وقال طارق جساريفيتش المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية "توجد مشكلة في التخلص من النفايات في هذا البلد. نعرف أن مجتمعات كثيرة لا يوجد بها شبكات سليمة لمياه الصرف الصحي. وتستخدم مياه الصرف الصحي تلك في الري وأغراض أخرى". وأضاف أن زيادة الوعي بالمرض قد تفسر أيضاً زيادة الحالات التي يتم الإبلاغ عنها هذا العام. وفي محاولة لوقف انتشار المرض يعمل حفارون على نقل النفايات من مصارف الأمطار في صنعاء، ويتولى عمال رش مواد مطهرة في الشوارع والبالوعات وعلى أكوام القمامة.للمزيد على يورونيوز:باحثون يتمكنون من تحديد مصدر وباء الكوليرا المتفشي في اليمنمنظمة أنقذوا الأطفال: خطر المجاعة يهدد أكثر من 4 ملايين طفل باليمنأزمة النفايات مستمرّة في لبنان والمئات يتظاهرون ضدّ مشروع إنشاء محارق نكب اليمن منذ عشرات السنين بعدم الاستقرار وقد بدأ الصراع الأخير في أواخر 2014 عندما أخرجت قوات الحوثي حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من العاصمة صنعاء. وتدخل تحالف تدعمه السعودية من القوات اليمنية والعربية في مارس آذار (مارس) 2015 لإعادة حكومة هادي. وقد قطعت الحرب خطوط المواصلات للمساعدات والوقود والمواد الغذائية، وأدت إلى انخفاض الواردات وتسببت في تضخم حاد. وفقدت أسر مصادر رزقها بسبب عدم صرف مرتبات العاملين في القطاع العام، ولأن الصراع أرغم كثيرين على النزوح عن بيوتهم وترك أعمالهم. ولا يزال محمد حباب خريج الجامعة البالغ من العمر 34 عاماً وهو أب لثلاثة أولاد، يعمل في شركة أدوية من شركات القطاع العام، لكنه لا يحصل على مرتبه. وكانت ابنته زينب ذات الثلاثة أعوام متصلة بجهاز لحقن السوائل في العراء على مسافة 80 كيلومتراً من بيته، بعد أن ظهرت عليها أعراض الكوليرا التي يعزوها الأب لعدم توفر المياه النقية والطعام المغذي. وتعمل الأمم المتحدة ووكالات المساعدات على تعزيز تحركاتها استجابة للوضع، لكن الأوضاع وصعوبة التحرك داخل البلاد مازالت تمثل تحديا أمامها. وحذرت اليونيسيف من أن نحو 1.8 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض ومن بينها الكوليرا.
مشاركة :