«التعليم العالي» تعاملت مع 1500 طالب شهاداتهم غير معتمدة وليست مزورة!

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بينما تتزايد المطالبات بإغلاق ملف الشهادات الدراسية الصادرة من خارج البلاد عبر الأجهزة التنفيذية او القضائية يثور الحديث عن حقيقة تلك الشهادات وما هو المسمى الحقيقي لها قانوناً، وهل هي شهادات مزورة أم وهمية أم غير معتمدة؟ وسط خلط إعلامي لحقيقة هذه الشهادات التي بدأت برعاية وزارة التعليم العالي ومازال بعضها معروضا أمام القضاء! قبل الولوج في بيان حقيقة قضية الشهادات الدراسية الخارجية تجب الاشارة الى ضرورة التفرقة بين مسميات الشهادات المخالفة في نظر القانون أولا، ومن ثم الإشارة الى حقيقة موضوع تلك الشهادات، وأخيرا على من تقع المسؤولية القانونية لها، هل هي الدولة ممثلة بوزارة التعليم العالي أم الخريجون؟ والشهادات التي تتلقاها وزارة التعليم العالي من خارج البلاد هي ثلاثة أنواع؛ الاولى شهادات سليمة وتقوم الوزارة بتصديقها وتعتمدها بعد سلسلة من الاجراءات والمراسلات التي تتم بين الوزارة والمكتب الثقافي التعليمي في تلك الدولة والجامعة المنسوب إليها صدور الشهادة منها، بينما النوع الثاني من الشهادات هو المزورة، التي يتم تقديمها لموظف وزارة التعليم العالي فيقوم الموظف بحسن نية بتصديقها وتتم الموافقة عليها والاستفادة منها، ثم يتم اكتشاف تزويرها؛ كأن تكون الشهادة المقدمة لم تصدر من الجامعة أو انه لا توجد جامعة بهذا الاسم، أو ان المتقدم ليس من بين طلاب هذه الجامعة. مراقبة القضاء أصدرت محكمة التمييز الإدارية في عام 2012 حكما قضائيا بأن القضاء لا يراقب الشهادات من الناحية الفنية، لأن أمر اعتمادها متروك لجهة الإدارة، وأن القضاء يراقب فقط انحراف جهة الإدارة في اعتماد ومصادقة الشهادات، كما أصدرت محكمة التمييز في عام 2018 أحكاما باعتماد شهادات لخريجين من مصر في الجامعات المصرية التي تتبع التعليم المفتوح، ورفضت في أحكام أخرى التعليم عن طريق المراسلة، وكذلك التعليم من شهادات صادرة من بعض المعاهد المصرية، وكذلك برفض الاعتماد من شهادات من دول عربية وأجنبية، لعدم الموافقة عليها من الوزارة، رغم موافقة المكاتب الثقافية في تلك الدول على تلك الشهادات. وأما الحالة الثالثة فهي الشهادات غير المعتمدة، وهي التي تقدم الى وزارة التعليم العالي ولا تقوم الوزارة باعتمادها ولا حتى تصديقها وترفض البت فيها، إما لأسباب واقعية كأن تكون الجامعة المطلوب التصديق منها وهمية وغير موجودة أو صدر بشأنها قرار بإغلاقها من الدولة التي تقع فيها، لعدم انطباق المعايير عليها او انها ليست بجامعة بالاساس الواقعي، أو تعود لاسباب فنية علمية كأن تكون تلك الجامعة قائمة حقيقة وموجودة فعلا، الا ان نظامها الاكاديمي غير متوافق عليه في الكويت، إما لضعف المناهج او عدم كفايتها او لضعف النظام التعليمي وما يرتبط به بالالتزام الدراسي او لضعف الكادر أو اعضاء هيئة التدريس. عرفي ورسمي ولذلك، فإنه ليس كل شهادة ترفضها وزارة التعليم العالي هي شهادة مزورة أو منسوب صدورها لجامعة، لأن التزوير اما ان يكون عرفيا وإما ان يكون رسميا، ولذلك فالتزوير العرفي هو أمر قد لا تجزم بوقوعه الوزارة لأنها امام شهادة احضرها الخريج من أثينا، وهي بالاساس ترفض خريجي هذه الدولة مثلا دون فحص الشهادة والتأكد من صدورها، بينما يقع التزوير المحاسب عليه في القانون الكويتي في مرحلة لاحقة، وهي من بعد تصديق الوزارة على المستندات والاوراق التي قدمها الخريج، كأن يتبين فيما بعد للوزارة أن المستند الذي صدقته إما انه مستند غير حقيقي وكاذب، أو مصطنع كأن يكون منسوبا صدوره للجامعة المطلوب تصديق الشهادة عليها. ومن ثم فإن شبهة التزوير ترتبط بالشهادات التي تصادق عليها وزارة التعليم العالي أو المكتب الثقافي الكويتي، الذي يقع بالدولة التي تصادق على تلك الشهادة فور تقديمها إليه، وذلك من خلال ما يرتبه هذا التصديق من إضفاء الرسمية على تلك الشهادة، ويجعل منها مستندا صالحا ونافعا لممارسة أعمال ذلك الخريج وتقديمه لتعيينه بجهة ما أو تعديل وضعه الوظيفي، لأنه لولا ذلك التصديق الرسمي لما استطاع هذا الخريج أو الطالب الاستفادة من تلك الشهادة. التصديق ضرورة ومن ثم فإن مناط قيام جريمة التزوير في الشهادات الدراسية هو بتصديق وزارة التعليم العالي عليها واعتمادها لكي تكون صحيحة، ومن ثم فإن أي شهادات لم تعتمدها الوزارة لأسباب واقعية أو فنية أكاديمية لا تقع جريمة التزوير لكونها جريمة ترتبط بالتصديق، واما ان الوزارة لم تعتمدها أو تصادق عليها فلا يصح القول اننا امام جريمة التزوير في المحررات الرسمية، بل امام شهادات غير معتمدة، إما لعدم توافر المعايير الواقعية كعدم وجود الجامعة في الأساس، أو لعدم توافر المعايير الفنية أو الأكاديمية. والشهادات التي عرضت على وزارة التعليم العالي منذ عام 2010 كانت تعرض على تلك الأنواع الثلاثة، فصدقت الوزارة المتوافر فيه الشروط والمعايير التي تتوافق معها، وبعد التأكد من سلامتها وأصدرت المعادلات، ثم قدمت الوزارة مجموعة كبيرة من الطلاب والخريجين على مستوى كل الشهادات الدراسية الثانوية والجامعية والماجستير والدكتوراه صادرة من دول خليجية وعربية وأجنبية بقضايا تزوير إلى المحاكم، وانتهت المحاكم الجزائية الى تبرئة العديد، وإدانة العديد منهم ورد المبالغ التي تمت الاستفادة منها من جراء تعديل المسميات الوظيفية ومصادرة الشهادات، ثم رفضت «التعليم العالي» التصديق إداريا لأكثر من 1500 شهادة دراسية اعتبرتها صادرة من جامعات غير معتمدة وغير حقيقية، ولا تتوافر فيها المعايير الأكاديمية مثل اثينا والهند وسلوفاكيا والفلبين، ومن ثم التزمت الوزارة بهذا الموقف السلبي واكتفت بعدم الاعتماد على تلك الشهادات، ما دعا أصحاب تلك الشهادات إلى اللجوء الى القضاء الإداري، الذي خلص إلى رفض أغلب تلك الشهادات لأسباب تعود الى عدم مطابقتها للمعايير والضوابط الفنية والأكاديمية التي وضعتها الوزارة. لذلك فإن وزارة التعليم العالي تعاملت مع الشهادات الصادرة من جامعات اثينا والهند والفلبين وسلوفاكيا على انها شهادات غير معتمدة، لافتقاد بعضها المعايير الواقعية كعدم وجود مقار أو مبان لتلك الجامعات، أو لإلغاء الدولة التي تقع فيها تلك الجامعات لتراخيصها ولافتقاد البعض الآخر منها المعايير الفنية والاكاديمية، لعدم اعتمادها لمناهج أو لنظام تعليمي، أو لضعف المستوى الاكاديمي لها، او لطريقة التدريس فيها، أو لعدم الالتزام، أو لضعف مستوى اعضاء هيئة التدريس. غير معتمدة والذي يؤكد أن الجامعة تعاملت مع شهادات خريجي الفلبين واثينا وسلوفاكيا والهند على انها شهادات غير معتمدة فقط لا مزورة هو سلوك وزارة التعليم العالي مع تلك الشهادات على النحو التالي: أولا: قامت وزارة التعليم العالي باعتماد الدراسة في تلك الجامعات بناء على توصيات المكاتب الثقافية التي سوقت بانطباق المعايير الاكاديمية والفنية لتلك الجامعات، ما دعا وزارة التعليم العالي الى تمكين الراغبين من التسجيل بها والالتحاق بمقاعدها، وهو الأمر الذي دفع العشرات إلى التسجيل بتلك الجامعات من بعد عام 2008، ولذا فإن من سوق لتلك الجامعات ليس الطلاب بل المكاتب الثقافية والوزارة من بعدها، ولم يثبت أن أيا منهما قدم للمحاكمة عن واقعة التزوير بصلاحية تلك الجامعات التي تبين عدم صلاحيتها فيما بعد! صورة ضوئية من حيثيات حكم محكمة الاستئناف الادارية برئاسة المستشار عادل بورسلي في القضية رقم 1260 /2009 إداري 1 والذي أوصت فيه بالتعامل مع الشهادات غير المعتمدة. ثانيا: عندما تراود لوزارة التعليم العالي في عام 2010 عدم سلامة الدراسة في تلك الجامعات ارسلت وفودا إلى تلك الدول، وقامت بعدها بإعداد تقارير تطالب بوقف الدراسة بتلك الجامعات بعدم سلامتها، فأصدر وزير التعليم العالي حينئذ قرارا بوقف الدراسة وعدم اعتماد شهادات خريجي تلك الدول، رغم انها هي من سمحت بالابتعاد والدراسة في تلك الجامعات. ثالثا: عند رفع الدعاوى القضائية من الخريجين تمسكوا بعدم انطباق احكام القرار على الدارسين بتلك الجامعات بأثر رجعي انما بأثر فوري بعد القرار، ورفضت المحاكم الإدارية الدعاوى المرفوعة، مطالبة وزارة التعليم بالمحافظة على التعليم الأكاديمي، ووقف العمل بالشهادات الخارجية، واقترحت محكمة الاستئناف الادارية في عام 2012 حلولا لمعالجة أزمة الطلبة الدارسين وخريجي تلك الجامعات كإخضاعهم لاختبارات للتأكد من سلامة تحصيلهم العلمي، إلا أن الوزارة لم تطبق هذه الحلول الا في 2014، وأعلنت إجراء الاختبارات بالتنسيق مع جامعة الكويت لكل خريجي تلك الجامعات، ولم يتقدم من الـ1500 سوى 120 منهم، وتجاوز الاختبار طالبة واحدة، حسب افادة التعليم العالي تخرجت في الفلبين. أسباب فنية رابعا: الذي يثبت أن اعتراض الوزارة على عدم اعتماد الشهادات الدراسية من تلك الجامعات لأسباب فنية لا جنائية، لأنها شهادات مزورة مثلا هو سلوكها عندما وافقت على الحلول التي طرحتها محكمة الاستئناف، ودعت الـ 1500 للاختبارات بالتنسيق مع جامعة الكويت، والتي لم يدخل فيها سوى 120 طالبا، ولم يجتزها سوى طالب واحد، والسؤال الذي يثور إن كانوا هؤلاء مزوّرين، فلماذا تدعوهم الوزارة لإجراء الاختبارات، وتربط اعتماد شهاداتهم بتجاوزها، بل وكيف إن كانت تعتبرهم مزورين تعتمد شهادة طالبة واحدة فقط حصلت على شهادة من الفلبين، وإن كانوا مزورين، لمَ لَم تتمسك الوزارة بتزوير شهاداتهم أمام المحاكم الإدارية عند نظر دعاوى معادلتهم للشهادات؟! أحكام قضائية خامسا: حصل خريجو عدد من تلك الجامعات على أحكام قضائية بمعادلة الشهادات الحاصلين عليها من تلك الجامعات، وقد يكون بعضها نهائيا، والبعض الآخر معروضا أمام محكمة التمييز حتى الآن، لكن فيما يخص من حصل على الأحكام القضائية، فقد اكتسب مركزا قانونيا بسلامة معادلة تلك الشهادة المعترض فنيا وأكاديميا عليها من وزارة التعليم العالي، ولا يجوز للوزارة إلا تنفيذ تلك الأحكام، وإلا تعرض ممثلها القانوني للحبس والعزل، وفق ما تقرره أحكام قانون الجزاء. كما أن وزارة التعليم العالي فيما لو ثبت أن أيا من خريجي تلك الجامعات سبق لها أن صدّقت شهادته من تلك الجامعات، وثبت أن الجامعة في وقت الدراسة التي يدعي بها الخريج غير موجودة، فلها أن تتقدم في هذه الأثناء ببلاغ بالتزوير ضد هذا الموظف لادعائه بواقعة أنه قام بالدراسة والانتظام بالدراسة بتلك الجامعة، وهي واقعة غير حقيقية، وقام بإثباتها على الموظف الرسمي حسن النية على أنها واقعة حقيقية، فتقع جريمة التزوير بحق هذا الخريج. صورة من قرار التعليم العالي السماح بالابتعاث للدراسة في أثينا لطلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في عام 2008 أنواع الشهادات الصحيحة التي يقدمها الخريجون إلى الوزارة مستكملة للشروط فتقوم بتصديقها ويستفيدون منها مالياً ووظيفياً. المزورة التي يقدمها الخريجون إلى الوزارة مستكملة للشروط فتقوم بتصديقها ويستفيدون منها مالياً ووظيفياً ثم يتضح لاحقاً عدم سلامة محتواها أو أنها غير حقيقية. غير المعتمدة التي يقدمها الخريجون إلى الوزارة فترفض النظر فيها لأسباب فنية أو أكاديمية، ولا تبت الوزارة لا في شكلها ولا مضمونها. المسؤولية القانونية للوزارة بشأن المسؤولية القانونية التي تثار على أزمة الشهادات، فهي مسؤولية مشتركة بين المكاتب الثقافية ووزارة التعليم العالي الذين وافقوا على تلك التوصيات الصادرة من تلك المكاتب، وتكون المسؤولية القانونية التي تثار على وزارة التعليم العالي من طلبة خريجي الفلبين الذين رفضت شهاداتهم والاستمرار بالدراسة، لأن تلك الجامعات بها مبان، وبها أعضاء هيئة تدريس، لكن تم رفضها لاحقا لأسباب أكاديمية ولضعف أعضاء هيئة التدريس، بينما تكون المسؤولية مشتركة على الوزارة والطلبة بالجامعات التي لا مباني بها، ولا دراسة حقيقية وهي بالأساس ليست بجامعات، كما أفادت الوزارة بتقريرها بشأن أثينا.

مشاركة :