الأمراض الجسدية تبقى في النهاية قابلة للمتابعة وللعلاج، ولكن المرض النفسي فهو يصبح عدوا يعيش وينمو داخلك يشاركك أكلك، هواءك وابتسامتك وكل ممارساتك اليومية. أدركته قبل أن ينخر قلبي وعقلي.. كان الإيمان، سلاحي ورفيقي. مرض الاضطرابات الهضمية الذي أعانيه يعالج باتباع تعليمات وأدوية، ولكن ماذا عن مرض «البوليميا»، الذي عانيته أيضا وما مدى خطورته. عرفت المرض.. بحثت وسألت عنه، إن أردنا هزيمة شيء ما لا بعد أن نعرف كل شيء عنه. بدأت أتفهم أن مرضي نفسي، ولكن الأمر لم يتحسن. أحسست أن المعركة صعبة، كنت أبكي وأتألم لوحدي، كان من الصعب أن أبث حزني لأحد، وبالصدفة وجدت في أحد الكتب وهي خير صديق وجليس معلومة تقول: إن لكل منا شخصا بداخله.. ضعيف، هش، جبان، منعزل.. هو من يرضى بالخوف فنخاف فيرضى بالفشل فنفشل فيرضى بالسقوط فنزيد انحدارا. احتجت لقوة استمديتها من الصلاة، قراءة القران، الدعاء، وثقة وتيقن بالقدرة على مجابهته وجماية نفسي من أعراضه وتبعاته. قرأت الكثير من كتب التنمية وتطوير الذات بدأت جروحي تلتئم، ان يكون الإنسان صديق خليل لنفسه متصالحا معها وان يزيج تلك الفجوة بينه وبين عيوبه ومزاياه وحقيقته، لان موجة التغيير مسارها من الداخل الى الخارج وليس العكس.. هي دواء العليل وهي الطاقة الايجابية لحياة ذات جودة عاليه متعالية على المنغصات النفسية ايا كانت وايا كانت اسبابها. للخروج من أي مشكلة معقدة ومتشابكة، يفضل تقسيمها إلى مشكلات، وتبسيط كل مشكلة أو حلها منفردة حتى تصل لقلب المشكلة وسببها الأول، وحينئذ يسهل حلها أو علاجها أو استئصالها بالمرة. دائما الإخفاقات مهمتها قول هذا الطريق غير صالح يجب التوجه لأخر.. وهذا درس آخر في كيفية التعامل مع الواقع. ردة الفعل تجاه مشكلة حتى وإن سلبت الراحة والسعادة وأعطت الألم والوحدة والعزلة مهم جدا ان تكون متأنية وعقلانية.. ومن خلال تجربتي لم أعد أنظر للألم بخوف فدخلت السعادةروحي وأروت نفسي المتعطشة. وتأتي أهم خطوة عدم النظر للوراء ومحوه من الذاكرة، ليس فقط ذاكرة العقل بل من ذاكرة القلب أيضا. دفعتني حالتي إلى قراءة الكثير من كتب التنمية البشرية فأصبحت أرى الحياة بمنظار مختلف كليا عن السابق، تعلمت كيف أتنفس كيف أمد جسمي بالطاقة، تعلمت أنني لست رقما على ميزان، فجنحت للرياضة، تعلمت أن أحلم وأن تفوق أحلامي عنان السماء فحين تغلبت على شيء كان مستحيلا في يوم ما، لم أعد أؤمن بالمستحيل. وأنتم مهما كانت مشكلاتكم النفسية تستطيعون التغلب عيها فقط وجهوا أبصاركم للسماء وادعوا الله وسيمدكم بالقوة والعون، ثم فتشوا دواخلكم واقضوا على العدو المتغلغل في ذواتكم. استثمروا في أنفسكم، فذلك الاستثمار. فلقد أمسكت بيد نفسي وركضنا سويا لطريق النجاح ولن أتوقف.. فماذا عنكم؟!.
مشاركة :