تلقَّى حزب العدالة والتنمية التركي، الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، ضربة قوية تمثَّلت في خسارته العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول وعدد من المدن الكبرى في الانتخابات البلدية، للمرة الأولى منذ نحو ربع قرن. واعترف أردوغان بخسارة حزبه الحاكم في عدد من البلديات بمدن ذات أهمية انتخابية، بعد ساعات من بدء فرز أصوات الناخبين؛ حيث أشارت أحدث النتائج الرسمية إلى فوز حزب الشعب الجمهوري المعارِض ببلديات إسطنبول وأنقرة وأزمير ومارسين وأنطاليا ومدن أخرى. ورغم أن حزب أردوغان فاز بأكثر من نصف البلديات على مستوى تركيا، اعتبر محللون خسارة «حزب الرئيس» نقطة تحوُّل تاريخية أظهرت مدى تراجع شعبية أردوغان بسبب سياساته المثيرة للجدل في الداخل أو في الخارج. وقال المحلل السياسي محمد عبدالقادر -في معرض تعليقه على الانتخابات لموقع «سكاي نيوز»- إن هذه خسارة كبيرة لأردوغان الذي قاد بنفسه الحملات الانتخابية وحضر عشرات التجمُّعات الجماهيرية. وأجَّج أردوغان -بتصريحاته المنطوية على اتهام معارضيه بالإرهاب والخيانة- حرارة الانتخابات البلدية، وحوَّلها إلى ما يشبه الانتخابات الرئاسية؛ الأمر الذي انعكس سلبًا على صورته الانتخابية، على حد قول عبدالقادر. وألقت الأزمة الاقتصادية التي يواجهها أردوغان، بظلالها على الاستحقاق الانتخابي؛ إذ هوت العملة إلى مستوياتٍ دُنيا غير مسبوقة، وارتفع معدل التضخُّم، وسيطر الركود على الأسواق. ولم تفلح بعض الإجراءات الأخيرة من الحكومة التركية بشأن ضبط الأسعار أو توزيع سلع بأسعار مخفضة في مناطق عديدة؛ في إنقاذ حزب العدالة من خسارة تاريخية في أهم مدينة، وفي العاصمة، ومدن كبرى. كما فتح هذا الاستحقاق الانتخابي، الباب أمام التشكيك في النظام الرئاسي الذي تحوَّلت إليه تركيا بعد النظام البرلماني، وهو ما جعل الرئيس وحزب العدالة والتنمية الحاكم يتحمَّلان مسؤولية كافة السياسات الأمنية والاقتصادية، لتتحوَّل الانتخابات البلدية إلى ما يشبه استفتاءً جديدًا على هذا النظام. والانتخابات نفسها شابها كثيرٌ من التجاوزات؛ حيث اتهمت مجموعة أوروبية تُراقب الانتخابات البلدية؛ نظام أردوغان بوضع قيود على حرية تعبير المواطنين والصحفيين هناك. وقال أندرو دوسون رئيس بعثة المراقبة التي يقوم بها كونجرس السلطات المحلية والإقليمية التابع لمجلس أوروبا؛ إن المواطنين في تركيا يحتاجون إلى التعبير عن آرائهم دون خوف من رد انتقامي من جانب الحكومة
مشاركة :