في مقاله* لـ DW عربية يجيب علاء الأسواني عن السؤال: "هل أخطأ خالد أبو النجا وعمرو واكد..؟ عزيزي القارئ ..من فضلك أجب عن هذه الاسئلة: السؤال الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اذا شنت بلادك حربا ظالمة على بلد آخر وقامت باحتلاله بدون وجه حق ماذا سيكون موقفك؟ 1 - ستساند جيش بلادك في الحرب بغض النظر عن أي اعتبار آخر. 2 - ستعارض هذه الحرب لأنها ظالمة وستطالب بايقافها فورا السؤال الثاني: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اذا عرفت أن جنودا من جيش بلادك يمارسون التعذيب ضد الأسرى المدنيين وحصلت على فيديوهات وصور توثق جرائم التعذيب ماذا ستفعل؟ 1 - ستتجاهل هذه الجرائم لأنك لا تريد أن تسيء إلى سمعة جيش بلادك. 2 - ستصر على فضح هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها حرصا منك على تحقيق العدالة. السؤال الثالث ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اذا كنت تعيش في بلد يحكمه ديكتاتور عسكري يلقى بآلاف المعارضين في السجون حيث يتعرضون إلى التعذيب ويحاكمون بتهم ملفقة ثم سألك الصحفيون الأجانب عن الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب كيف تجيبهم؟ 1 - لن تخبرهم بالحقيقة وستخفي عنهم جرائم الديكتاتور حرصا منك على صورة بلادك في الصحافة العالمية. 2 - ستخبرهم بجرائم الديكتاتور لينشروها في مقالاتهم ويعرفها العالم كله الاجابة عن الاسئلة السابقة تكشف نموذجين في التفكير: اذا اخترت الاجابات رقم 1 فأنت لست وطنيا كما تعتقد وانما تعاني من العصبية القومية. معنى العصبية في اللغة "أن يتعصب الانسان إلى عصبته (قومه) ويناصرهم سواء كانوا ظالمين أو مظلومين". هذه العصبية ستدفعك إلى اخفاء الحقائق والوقوف ضد المظلومين والتستر على الجرائم. عندئذ تكون قد أجرمت في حق وطنك وفي حق الانسانية. اذا اخترت الإجابات رقم 2 فأنت تمارس حبك للوطن بانتمائك الانساني داخل اطار الحق والعدل. هذا المفهوم المتحضر للوطنية هو ما دفع مئات الألوف من المواطنين في الدول الغربية إلى التظاهر ضد حرب العراق وهو الذي جعل كبار المفكرين والأدباء يعارضون الجرائم التي ترتكبها سلطات بلادهم. في 1906 ارتكب الجنود البريطانيون حادثة دنشواي في مصر التي أدت الى اعدام بضعة فلاحين بعد محاكمة صورية. عندئذ شن الكاتب الانجليزي جورج برنارد شو( 1856- 1950) هجوما عنيفا ضد الحكومة البريطانية وكتب : "إذا كانت الإمبراطورية البريطانية تود أن تحكم العالم كما فعلت في دنشواي فلن يكون على وجه الأرض واجبٌ سياسيّ مقدسٌ وأكثر إلحاحاً من تقويض هذه الإمبراطورية وقمعها وإلحاق الهزيمة بها". أما الكاتب الفرنسي جون بول سارتر ( 1905-1980 ) فقد فضح جرائم التعذيب التي ارتكبها الجنود الفرنسيون ضد الجزائريين، وكتب داعيا إلى استقلال الجزائر عن فرنسا، وبالمثل وقف معظم الفنانين والأدباء الأميركيين ضد حرب فيتنام كما وقف المخرج الأميركي مايكل مور ضد غزو العراق وكشفت الصحافة الأميركية عن الجرائم التي ارتكبها الجنود الأميركيون ضد الأسرى العراقيين في معتقل ابوغريب. كل هؤلاء انحازوا إلى الحق والعدل وفعلوا ما يرضي ضمائرهم وفضحوا جرائم جيوش بلادهم، وبرغم ذلك لم يتهمهم أحد بالعمالة والخيانة وانما كانوا دائما محل تقدير الرأي العام باعتبارهم شخصيات انسانية عظيمة. خلال ثورة يناير عام 2011 اكتتشف المصريون ان معظم نجوم الغناء والتمثيل في مصر يعادون الثورة ويساندون نظام مبارك. كان موقفهم مؤسفا لا يمكن مقارنته بمواقف نجوم الفن الغربيين الذين دافعوا دائما عن كفاح الشعوب من أجل الحرية. مساندة الكثيرين من نجوم الفن المصريين للديكتاتور قد تعود إلى ضعف مستواهم الثقافي أو بسبب خوفهم من عواقب معارضة السلطة التي يؤدى رضاها عنهم إلى تدفق الملايين في حساباتهم البنكية. وسط الكثير من نجوم السينما المنافقين ظهر عدد قليل من الفنانين الثوريين مثل خالد ابوالنجا وعمرو واكد اللذين اشتركا في الثورة منذ اليوم الأول، وكافحا ضد المجلس العسكري وضد حكم الاخوان واشتركا في 30 يونيو للتخلص من الفاشية الدينية، وكان أملهما مثل ملايين المصريين أن يتم بناء الديمقراطية في مصر. لكن السيسي وصل إلى السلطة وأقام ديكتاتورية عسكرية وشرع في التنكيل بكل الثوريين ومن ضمنهم ابو النجا وواكد اللذين اضطرا إلى الخروج من مصر ولأنهما موهوبان فقد استمر نجاحهما وأثبتا وجودهما في السينما العالمية على أنهما ظلا على اخلاصهما للثورة واستمرا في معارضة نظام السيسي. في الأسبوع الماضى عقد خالد ابو النجا وعمرو واكد ندوة في الكونغرس الأمريكي أعلنا فيها رفضهما للتعديلات الدستورية الباطلة التي يسعى السيسي لتمريرها الآن حتى يتحول إلى سلطان مصر ويحكمها مدى الحياة بارادته المنفردة. أعلن نظام السيسي الحرب على واكد وأبو النجا واتهمهما بالخيانة العظمى وتم شطبهما من نقابة الممثلين المصريين الخاضعة لأجهزة الأمن. من حق هذين الفنانين المناضلين بل ومن واجبهما ان يكشفا للرأي العام في العالم طبيعة نظام السيسي لكنني كنت أتمنى ان تكون ندوتهما خارج الكونغرس وليس داخله لأن الكونغرس لا تنقصه المعلومات فالمخابرات الأمريكية تمده بأدق المعلومات عن مصر، كما أن الحكومات الأميركية لم تهتم قط الا بتحقيق مصالحها وقد ساندت على مدى عقود أسوأ الديكتاتوريات في العالم العربي وأمريكا اللاتينية كما أن عقد الثوريين المصريين لندوة داخل الكونغرس قد يعطى الانطباع بأنهم يطلبون التدخل الأمريكي في بلادهم وانا واثق ان ذلك لم يدر بذهن أبو النجا وواكد وزملائهما. مع ذلك فان خالد أبو النجا وعمرو واكد يقدمان نموذجا عظيما للشجاعة والوطنية. من حق المصريين أن يعيشوا في دولة ديمقراطية يتم تداول السلطة فيها عن طريق انتخابات محترمة. من حقنا العدل والحرية . الديمقراطية هي الحل draswany57@yahoo.com
مشاركة :