يقف قصر الملك عبدالعزيز التاريخي بمدينة السيح عاصمة الخرج قديماً، شامخاً يحمل في جنباته تاريخا يتجاوز الـ 80 عاماً محتفظا بهوية المكان على طرازه الإسلامي، حيث أمر بتشييده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في عام 1359هـ عقب استعادته ـ رحمه الله ـ عاصمة الدولة السعودية "الرياض" عام 1319هـ، وبعد استعادة الخرج إثر معركة الخرج الفاصلة في عام 1320هـ وبذلك تم توحيد المناطق جنوب الرياض.وجرى تشييد القصر على مرحلتين تتمثل الأولى التي استغرقت عامًا كاملاً في بناء القصر الغربي بسوره الخارجي والممر الخاص بالسيارة الذي يؤدي إلى الدور الأول من القصر في عام 1359هـ، وأشرف على بناء هذه المرحلة رجل من الأحساء يقال له "ابن دحيم البقري" وخصص لاستقبال زوار الملك في القاعة الغربية والشرقية من الدور الأول واستخدم في بنائه الطين اللبن وسعف وجريد النخيل وخشب الأثل، فيما تتمثل المرحلة الثانية في بناء القصر الشرقي بسوره الخارجي وممر السيارة الذي يتصل بالقصر الغربي وكان ذلك عام 1360هـ، وقد خصص الدور الأول من هذا القصر لإقامة الملك وأسرته والدور الأرضي لحاشيته، أما ملحقات القصر الشرقي فقد أسندت في بنائها إلى إبراهيم النشمي الذي أصبح أميراً للخرج فيما بعد.وعدت دارة الملك عبدالعزيز في توثيق لها للقصر من معالم محافظة الخرج، حيث تصل المساحة الإجمالية للقصر (1725) متراً مربعاً وتزينه الزخارف والعقود المزخرفة والألوان المميزة.ويتكون من خمس وحدات معمارية متماثلة من حيث التصميم ومواد البناء وعدد الطوابق، أما ساحة القصر فهي مربعة الشكل وبها أعمدة تحيط بالساحة من جميع الجوانب، كما يوجد ثلاثة أسوار: السور الخارجي ثم سورين داخليين، كما يوجد إلى جانب القصر مبنى آخر يتكون من طابقين مطلي بالجص ونوافذه زجاجية كبيرة تتوجها فتحات نصف دائرية.وأرجعت الدارة أسباب بناء القصر إلى حماية العاصمة "الرياض" وتأمين حدودها الجنوبية من أي تمرد على الدولة، فالخرج هدف استراتيجي لكل طامع يريد السيطرة على اليمامة ونجد، والاستفادة من موارد الخرج الطبيعية المتمثلة في خصوبة أراضيها ووفرة عيونها المائية، حيث يقول الدكتور جورج خير الله في كتابه "نهضة الجزيرة العربية" الذي نشرته دارة الملك عبدالعزيز عام 1430هـ، الذي زار المملكة في تلك الفترة التاريخية متحدثا عن مشروع الخرج الزراعي " وأنشأ الملك عبدالعزيز مقر إقامة له في الخرج، حيث يمضي بعض الوقت في كل عام ليرعى هذا المشروع العزيز إلى قلبه، ولكي ترتاض أصائل خيله " مضيفة الدارة أن محافظة الخرج تمتاز بالكثير من المواقع الأثرية المهمة التي يرجع تاريخ بعضها إلى 500 ق. م مثل المدافن الأثرية ومواقع (البنه) الأثرية باليمامة التي تمر عليها القوافل في رحلتها من الشام إلى اليمن والعكس، والمعروفة برحلة الشتاء والصيف.يذكر أن وزير المالية السابق عبدالله الحمدان أطلق على هذا القصر اسم "المِشْرِفْ" لأن الجالس في القصر كان يشرف على بعض بلدات الخرج، وكان من عادة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- اتخاذ قصر لاستقبال الضيوف وتفقد أحوال الأهالي.
مشاركة :