خفضت منظمة التجارة العالمية «WTO» توقعاتها التجارية لعام 2019 إلى الأضعف في ثلاث سنوات، مشيرة إلى تأثير تصاعد التوترات والتعريفات التجارية. أتي ذلك بعد أن خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي الأخرى توقعاتها الاقتصادية خلال مارس الماضي، وحذرت من مخاطر الهبوط التي قد تعني نتيجة أسوأ للاقتصاد العالمي. وتوفر التوقعات المتشائمة مقياسًا مهمًا للمخاطر التي تنطوي عليها الحرب الاقتصادية للرئيس دونالد ترامب مع الصين، بعد أن حذر محافظو البنوك المركزية وصناع السياسة الآخرون منذ فترة طويلة، من تأثير التوترات التجارية على المعنويات الاقتصادية حول العالم. وخفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي الأخرى توقعاتها الاقتصادية لعام 2019، خلال مارس الماضي، وقالت إن تجسيد المخاطر المتعلقة بالحمائية قد يعني نموًا أضعف. فيما قام صندوق النقد الدولي، الذي سيحدّث توقعاته الأسبوع المقبل، بتخفيض وجهة نظره في يناير الماضي، عندما حذر أيضًا من تزايد التهديدات. نمو أقل وقالت منظمة التجارة العالمية، في تقرير نُشر الثلاثاء، إن نمو تجارة البضائع العالمية سيتباطأ إلى 2.6% خلال العام الجاري و3% في العام المُقبل، بعد أن سجل 3% في عام 2018، متراجعة بذلك عن التوقعات المتفائلة التي أصدرتها المنظمة في سبتمبر الماضي، قائلة بأن التجارة ستزيد بنسبة 3.9% في عام 2018 و3.7% في عام 2019. ويمثل انخفاض التوقعات لعام 2019 السنة الثانية على التوالي التي خفضت منظمة التجارة العالمية من التوقعات بشأنها، وتعكس تلك التوقعات على نطاق واسع، قراءات مماثلة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وقال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو: «مع ارتفاع التوترات التجارية، يجب ألا يفاجأ أحد بهذه النظرة (..) من الملح بشكل متزايد أن نحل التوترات ونركز على رسم مسار إيجابي للأمام للتجارة العالمية يستجيب للتحديات الحقيقية في اقتصاد اليوم». وقالت كريستين لاجارد، في معاينة لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الفترة من 12 إلى 14 أبريل الجاري، إن «الاقتصاد العالمي غير مستقر بعد عامين من النمو المطرد، مع توقعات محفوفة بالمخاطر، وعرضة للصدمات التجارية وبريكست والأسواق المالية». وقالت لاجارد في تصريحات صحافية في واشنطن: إن صندوق النقد الدولي لا يتوقع ركودًا على المدى القريب، وأن «وتيرة التحلي بالصبر الأكثر تطبيعًا في السياسة النقدية» لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، ستوفر بعض الدفع للنمو في النصف الثاني من عام 2019 وحتى عام 2020. أسباب التراجع وتتعدد الأسباب التي تجعل المحللين قلقين بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية؛ يأتي في المقدمة تعثر المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، دون أي علامة واضحة على قرارات إيجابية. تليها سياسات عدم اليقين بسبب حروب التعريفة الجمركية، وكانت حالة عدم اليقين في السياسة الصينية واضحة بشكل خاص؛ حيث يحاول المحللون التعرف على كيفية إدارة المسؤولين للتباطؤ هناك. وأشار تقرير منظمة التجارة العالمية إلى مخاطر مختلفة على نمو التجارة بما في ذلك التعريفات الجديدة، والتدابير الانتقامية التي تؤثر على السلع المتداولة على نطاق واسع. وقالت منظمة التجارة العالمية إن التقلبات في الأسواق المالية والظروف النقدية المشددة أثقلت أيضًا معدلات نمو التجارة العالمية. وحتمًا ستؤدي الحرب التجارية إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2022 بنحو 2% وتقليص التجارة العالمية بنحو 17% مقارنة بتوقعات خط الأساس، وفقًا لأسوأ سيناريو لمنظمة التجارة العالمية حول توقعات الاقتصاد العالمي. وفي المملكة المتحدة، أصبح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الثقل الذي يعرقل الإنفاق الرأسمالي والنمو الاقتصادي الأوسع، بعدما تراجعت نوايا الاستثمار في بريطانيا إلى أدنى مستوياتها في ثماني سنوات؛ حيث ترفض الشركات الالتزام بمشاريع في ظل هذا المستقبل المجهول للدولة. توقعات فقدان زخم النمو ووفقًا لإحصاءات آخر ثلاثة أشهر؛ تنبأ مقياس التجارة العالميDHL (GTB) ، باستمرار فقدان الزخم بنمو التجارة العالمية، وذلك بعد انخفاض مؤشر النمو العام بمقدار أربعة نقاط مقارنةً بالتحديث الأخير في ديسمبر الماضي. وسجل المؤشر معدل 56 نقطة في مارس الماضي، مُقتربًا أكثر من عتبة الـ 50 نقطة، والتي تُمثل الخط الفاصل بين النمو الإيجابي والسلبي في منهجية GTB. ويعزى ضعف متوسط التوقعات العالمية إلى انخفاض معدلات النمو في كل من تجارة البر والبحر؛ حيث انخفضت قيمة المؤشر العالمي المعني بالتجارة الجوية بأربع نقاط إلى 55 نقطة، وانخفض معدل نمو التجارة العالمية البحرية بنحو خمس نقاط إلى 56 نقطة. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إطلاق مقياس DHL Global Trade Barometer في يناير 2018، وهو مؤشر مبكر مبتكر وفريد للحالة الحالية والمستقبلية للتجارة العالمية، ويعتمد على كميات كبيرة من البيانات اللوجستية التي يتم تقييمها بمساعدة الذكاء الاصطناعي. أوروبا تتقدم وآسيا تفقد نموها ووفقًا لبيانات مقياس التجارة العالمي، لم تتمكن أي دولة خضعت للمسح من الحفاظ على قيمة مؤشر إجمالية قدرها 60 نقطة أو أعلى، مع تباطؤ التوقعات بالنسبة لجميع البلدان تقريبًا، وكانت الدولتان الوحيدتان اللتان تقاومان هذا الاتجاه الهبوطي هما ألمانيا والمملكة المتحدة. وبغض النظر عن المناقشات الجارية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى جانب القلق من ركود محتمل، فإن التوقعات بشأن نمو التجارة البريطانية لا تزال إيجابية عند مستوى 54 نقطة، مما يشير إلى نمو ضعيف على الأقل ولكن لا يوجد انخفاض في التجارة الدولية، كما تحسن مؤشر التجارة الألماني بنقطتين إلى 53 نقطة. فيما يعتمد النمو المعتدل المتوقع في ألمانيا بشكل أساسي على توقعات صادرات الشحن الجوي الألمانية التي ارتفعت تسع نقاط. وعلى الرغم من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، انخفضت توقعات التجارة الصينية بنقطة واحدة فقط إلى 56 نقطة، وفي المقابل تراجعت توقعات التجارة في الولايات المتحدة بخمس نقاط إلى 55 نقطة. وبالرغم من كون الهند وكوريا الجنوبية من البلدان التي حققت أقوى نمو في تحديث GTB لشهر ديسمبر الماضي، فإنهما وبعد ثلاثة أشهر فقط، أصبحتا أول وثاني أعلى مؤشر للخسائر الإجمالية على التوالي، وسجلت كوريا الجنوبية خسائر قدرها -12 نقطة، لتنزلق من نمو التجارة المعتدل إلى الركود ومن ثاني أعلى معدل إلى أدنى درجة بمقياس التجارة العالمي GTB مُسجلة 49 نقطة فقط في مارس الماضي.
مشاركة :