الإعلام النفطي الغربي دائماً يتفنن في اتهام اوبك والمملكة العربية السعودية بتبني إستراتيجيات تستهدف سقف معين للاسعار، كان اخرها الاسبوع الماضي بإدعاء مصادر لوكالة رويترز ان السعودية تستهدف سعر 70 دولار لخام برنت، هذا السقف الذي عجز عن بلوغه منذ نوفمبر 2018 على الرغم من اساسيات السوق القوية وتدني المخزونات وبوادر شح امدادات قادم لامحالة. وفقًا للمجلس الوطني الكندي للطاقة، استوردت الولايات المتحدة الامريكية 3.6 مليون برميل يوميا من كندا في عام 2018 على النحو التالي: – نحو 2.8 مليون برميل يومياً من الخام الثقيل. – نحو 800 الف برميل يومياً من الخام الخفيف والمكثفات. في ديسمبر 2018، وضعت حكومة منطقة البرتا (غرب كندا حيث تكمن غالبية النفط الكندي)، وضعت سياسة مؤقته لخفض الإنتاج بمقدار 325 الف برميل يوميا ابتداء من يناير 2019. يأتي ذلك بالرغم من حاجة مصافي التكرير الامريكية للخام الكندي الثقيل، ولكن تدني اسعاره إلى مستويات قياسية وصلت إلى 33 دولار اقل من خام غرب تكساس نهاية عام 2018 الا انه بعد تبنّي استراتيجية خفض الإنتاج المؤقتة، تقلص هذا الفارق إلى اقل من عشرة دولارات للبرميل بحلول منتصف شهر مارس. جاء التغيير المؤقت في تقليص صادرات كندا النفطية لغرض واحد فقط وهو تعديل الاسعار (Canadian Select (WCS) vs. WTI)، ولم يكن هذا التغيير واضح الاستراتيجية والاهداف منذ إعلانه مطلع شهر ديسمبر 2018، ولكن بعد نحو شهرين تغيرت استراتيجية خفض الانتاج وبدأت زيادة الإنتاج تدريجيا لتعود صادراتها إلى امريكا إلى المستويات السابقة عند 3.6 مليون برميل يوميًا في شهر يونيو المقبل. لم يتوقع أحد هذا التغيير السريع في سياسة الإنتاج، بينما كان توقيت الإعلان حرجا جدا للسوق ولمصافي التكرير الامريكية، لاسيما ان النفط الكندي الثقيل اصبح اكثر اهمية لمصافي التكرير الامريكية بعد ان انخفضت وارداتها من الخام الفنزويلي الثقيل إلى الصفر في ظل العقوبات. كما ان سوق النفط العالمي يشهد شح واضح في امدادات النفط المتوسط والثقيل، وسوف يزيد هذا الشح اكثر خاصّة مع ارتفاع الطلب في الصيف. في الجهة المقابلة لم نسمع اي ضجيج من الاعلام النفطي الغربي عندما اعتمدت كندا هذه الاستراتيجية المؤقتة لخفض الإنتاج والتي نتج عنها زيادة كبيرة في سعر نفطها، ومن المفارقات ان لايكشف الاعلام النفطي الغربي الآثار المترتبة على تقليص انتاج البرتا قبل وبعد زيادة الاسعار. على عكس الجهود المستمرة التي تبذلها اوبك والمملكة العربية السعودية لتوازن السوق، لم يكن المقصود من تقليص إنتاج نفط البرتا توازن السوق ابدا، بل كان يهدف إلى إصلاح الاسعار في استراتيجية قصيرة الأجل تغيرت خلال شهرين فقط. وبعد ذلك تأتي الإجابة على سؤال محوري: لماذا لم تضع حكومة البرتا اي إطار زمني لخفض الإنتاج عندما تم الإعلان عن خفض الإنتاج مطلع شهر ديسمبر 2018 ليكون ساري المفعول من اول يناير 2019؟ بينما انتهي العمل به بنهاية فبراير 2019؟ المؤكد ان الازدواجية هي من تحكم توجهات الاعلام النفطي الغربي اكثر من ان تكون هي حقائق وواقع الامر على ارض الحقيقة. فالاعلام الغربي وايضا بعض السياسيين دائما يضعون اوبك وقبلها السعودية كشماعة لتحقيق غايات بعيدة عن واقع السوق النفطي فيحملون المنظمة وايضا المملكة اكثر مما يحتمل الامر. فأين الانصاف؟ فيصل مَرزا مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا. faisalmrza @
مشاركة :