طالب الرئيس الجزائري المُستقيل عبد العزيز بوتفليقة، الشعب بالصفح، مبدياً اعتذاره عن كل تقصير ارتكبه في حقهم سواء بكلمة أو بفعل، وبالوفاء لمن قضوا نحبهم أو ينتظرون ممن صنع معجزة التحرير الوطني، إلى جانب عدم التشرذم والوحدة، فيما أعلن المجلس الدستوري، أمس الأربعاء، ثبوت حالة الشغور النهائي لمنصب الرئاسة؛ وذلك بعد استقالة بوتفليقة من منصبه.وقال بوتفليقة، في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري، وسعى خلالها للتذكير بإنجازاته خلال الفترة التي قضاها في رئاسة الدولة، التي استمرت نحو 20 عاماً،: «عما قريب سيكون للجزائر رئيس جديد، أرجو أن يعينه الله على مواصلة تحقيق آمال وطموحات بناتها وأبنائها، اعتماداً على صدق إخلاصهم، وأكيد عزمهم على المشاركة الجادة الحسية الملموسة».وأضاف: «إن كوني أصبحت اليوم واحداً من عامة المواطنين لا يمنعني من حق الافتخار بإسهامي في دخول الجزائر في القرن الحادي والعشرين وهي في حال أفضل من الذي كانت عليه، وبما تحقق للشعب الجزائري الذي شرفني برئاسته مدة عشرين سنة، من تقدم مشهود في جميع المجالات».وتابع في الرسالة التي وصفها ب«الوداع الأخير»: «ولما كان دوام الحال من المحال، وهذه هي سنة الحياة، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولا لقضائه مرداً وتحويلاً، أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين ولا خائف على مستقبل بلادنا؛ بل أنا على ثقة بأنكم ستواصلون مع قيادتكم الجديدة مسيرة الإصلاح والبذل والعطاء على الوجه الذي يجلب لبلادنا المزيد من الرفاه والأمن؛ بفضل ما لمسته لدى شبابنا قلب أمتنا النابض».وفي ختام رسالته، سعى بوتفليقة لشكر الجزائريين، قائلاً: «كنتم خير الإخوة والأخوات وخير الأعوان والرفاق، وقضيت معكم، أخصب سنوات عطائي لبلادنا، ولن يعني لزوم بيتي بعد اليوم، قطع وشائج المحبة والوصال بيننا ولن يعني رمي ذكرياتي معكم في مهب النسيان».وطالب الرئيس المنتهية عهدته، الجزائريين بمسامحته، والصفح عما بدر منه، والتوحد وعدم التشرذم، قائلاً: «أطلب منكم وأنا بشر غير منزه عن الخطأ، المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل، وأن تظلوا موفين الاحتفاء والتبجيل لمن قضوا نحبهم، ولمن ينتظرون، من صنّاع معجزة تحريرينا الوطني، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تكونوا في مستوى مسؤولية صون أمانة شهدائنا الأبرار».من جهة أخرى، أعلن المجلس الدستوري الجزائري، أمس، ثبوت حالة الشغور النهائي لمنصب الرئاسة، وقرر إبلاغ البرلمان؛ وذلك بعد استقالة بوتفليقة من منصبه.وأعلن المجلس في قراره تُبلغ اليوم (أمس) شهادة التصريح بالشغور النهائي لرئاسة الجمهورية إلى البرلمان، طبقاً للمادة (102) الفقرة 5 من الدستور، على أن ينشر القرار في الجريدة الرسمية.ووفقاً للدستور الجزائري، سيتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوماً، تنظم خلالها انتخابات رئاسية، ولا يَحق له أن يترشح لرئاسة الجمهورية.وفي أعقاب قرار المجلس الدستوري، أعرب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عن تقديره للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة؛ لتجاوبه مع مقتضيات المرحلة؛ وضمان استمرارية الدولة.كما ثمن الحزب موقف الجيش منذ بداية الحراك والانحياز لمطالبه، وتلبيتها في إطار الالتزام التام لأحكام الدستور، كما دعا الحزب للالتفاف حول مقترحات الجيش؛ بتفعيل المواد: (7و8و 102)؛ لتحقيق انتقال سلمي وديمقراطي.وكان بوتفليقة قد أبلغ، مساء أول أمس الثلاثاء، المجلس الدستوري باستقالته، ابتداء من تاريخ أول أمس الثلاثاء. وتأتي استقالة بوتفليقة؛ بعد احتجاجات عارمة في مختلف أنحاء البلاد، شارك فيها مئات الآلاف من الجزائريين، ودعوة الجيش إلى «التطبيق الفوري للحل الدستوري»، الذي يتيح عزل الرئيس بوتفليقة.وجاء في نص استقالة بوتفليقة: «دولة رئيس المجلس الدستوري، يشرفني أن أعلمكم أنني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيساً للجمهورية؛ وذلك اعتباراً من تاريخ، الثلاثاء 26 رجب 1440 هجري، الموافق ل2 إبريل 2019».وأضاف: «إن قصدي من اتخاذي هذا القرار إيماناً واحتساباً، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم؛ لكي يتأتى لهم الانتقال جماعياً بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحاً مشروعاً».وأوضح: «أقدمت على هذا القرار؛ حرصاً مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب، ويا للأسف، الوضع الراهن، واجتناب أن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات، الذي يظل من الاختصاصات الجوهرية للدولة». (وكالات)
مشاركة :