الدوحة- الراية: رأت صحفية “واشنطن بوست” أن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي رغبة في التغيير كما تصرح أحيانا بذلك في العلن، وذكرت الصحفية الأمريكية أن الرياض تعتقد أن التوتر في علاقتها مع الولايات المتحدة لا يعدو أن يكون خلافاً عابراً في علاقة راسخة عمرها أكثر من سبعين عاماً. وقد جاء ذلك عبر مقال نشرته الصحيفة للكاتب جيسون رضيان، والذي قال فيه: من المعروف عن العائلة السعودية الحاكمة بأنه ليس لديها فائض في الثروة والمال وحسب، وإنما أيضاً في كيفية ممارسة أعضائها السلطة على رعاياهم، ويبدو أن الاختلاف الوحيد بين (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان ومن سبقه هو أنه يعتقد أن سلطته لا تعرف حدوداً، ولا تقتصر على حدود مملكة عائلته. وتضيف الصحيفة أن ابن سلمان جاء من العدم، فمنذ العام 2015 عندما أصبح وزيراً للدفاع في السعودية أصبح واحداً من أكثر الشخصيات شهرة في المنطقة، وعلى الرغم من ردود الفعل الدولية الغاضبة تجاه سلوكه العدواني وغير المنتظم، فإنه لا يظهر أي علامات حقيقية على أنه بحاجة إلى التغيير. ويعتقد الكاتب أن قصة ابن سلمان هي صعود مستبد لا يهتم بالحدود والقانون الدولي، ففي نهاية الأسبوع الماضي سلطت التقارير الإخبارية الضوء على جانب آخر من جوانب انتهاكات ولي العهد السعودي، عندما كشفت عن محاولته -من خلال شركات تابعة له- قرصنة هاتف جيف بيزوس، وأيضاً ما كشفته الوثائق المسربة التي نشرتها صحيفة “الجارديان” البريطانية والتي تحدثت عن عمليات تعذيب بحق نشطاء في سجون المملكة العربية السعودية. ومن وجهة نظر الكاتب، كل ذلك لا يمثل إلا جزءاً من الانتهاكات التي نفذها ولي العهد السعودي؛ بدءا من “الحرب المجنونة” في اليمن، إلى إدخال السجن كل من يعارضه بغير محاكمة، ومنهم أمراء وأثرياء ورجال أعمال، وابتزازهم مالياً من أجل الإفراج عنهم، وصولاً إلى سجن النشطاء والنساء، وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. لقد دلت التحقيقات الأمريكية في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عن وجود علاقة بين السعوديين منفذي التفجير، وعددهم 15 سعودياً من بين 19 شخصاً، وبين الحكومة السعودية، وهو ما أكده تحقيق الكونجرس الأمريكي، بحسب الكاتب. وكانت العلاقة بين السعودية وأمريكا هشة طيلة السنوات الماضية، كما يقول الكاتب، لكن استثمارات المملكة في الولايات المتحدة ساعدت على توجيه الأنظار بعيداً عن تلك الممارسات، وربما حان الوقت لوضع حد لذلك، يجب أن نوقف عصر الإفلات من العقاب. لقد فشل ترامب في القيام بذلك، وهو واحد من أسوأ ما قام به حتى الآن. ويضيف رضيان أن العديد من المشرعين الأمريكيين لديهم الرغبة في إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، ورد الفعل الحالي من الكونجرس ليس بالأمر الجديد، لقد كان ينظر ويراقب ويدقق لسنوات، الفرق الوحيد هو أنه بدأ ينقل تلك المناقشات والمراقبة والتدقيق للعلن، خاصة بعد أن أبدت المملكة العربية السعودية وحشية لم نعهدها من قبل. ويرى الكاتب أن إضعاف النفوذ السعودي في الشرق الأوسط وكذلك واشنطن، هو هدف أساسي للصفقة النووية التي وقعت عام 2015 مع إيران، فقد أدرك مسؤولو الإدارة السابقة أن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه، ومن هنا يمكن القول إن غطرسة العائلة السعودية ليست ظاهرة جديدة. ويقول الكاتب: لا يعني هذا بكل حال من الأحوال الدفاع عن “النظام الوحشي” في طهران، فكلاهما- السعودية وإيران- يمتلكان نفوذاً هائلاً في شكل احتياطات ضخمة من الطاقة، وساعدوا جماعات “إرهابية” تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها، وأبديا رغبة لا تنتهي في توسيع نطاق نفوذهما. وأحد الأطراف تعلم كيف يستخدم أمواله من أجل تبييض انتهاكاته في محاولة لاعتباره قوة حميدة أو حتى إيجابية في جزء مضطرب من العالم، أما الآخر ففشل فشلاً ذريعاً في جذب أي تعاطف معه من المجتمع الدولي. ويختم الكاتب مقاله: من المؤكد أنه لا أحد يستحق الدعم في الخليج، سواء إيران أو السعودية، عندما يقول قادتنا إنه يتعين علينا الاختيار بين الرياض وطهران، فلا تصدقهم لأن الإجابة الحقيقة هي لا شيء مما سبق.
مشاركة :