نحن وجدلية الكم والنوع

  • 4/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استمع ابن الديرة   تشغل جدلية الكم والنوع مسافة تتجاوز مدى النظر، وهي، في المطلق والمحدد، تتحمل الكثير من النظر والأخذ والرد. ذلك شأنها في كل مكان، وذلك شأنها في بلادنا بشكل خصوصي. لماذا؟ لأن دولة الإمارات مكان متغير بامتيازه، وزمانه غير زمان غيره، فالمسألة نسبية، وقد يتناول موضوع الكم والنوع فلا يكفيه المقام، لكن إثارة سؤاله اليوم مفتاح، مجرد مفتاح أو استهلال لنقاش معقول، ويرجى أن يكون مقبولاً. مسألة الكم والنوع حاضرة في كل مناحي حياتنا، والجواب الأبسط والأقرب: النوع مقابل الكم، لكن المسألة أعقد من ذلك، وليست بهذه البساطة. هي أشبه ما تكون بمعادلة حلها غير متحقق، ولا يتحقق بسهولة. هل نحقق الكم أو النوع أو الكم من نوع في الصحة والتعليم؟ هل نعتمد المعيار الكمي في الإسكان والتنمية المجتمعية أم نمازج بينه وبين المعيار النوعي؟ هل تنميتنا، لهذه الجهة، مرصودة وموثقة ومراقبة ومساءل عليها بأسلوب علمي ممنهج ومدروس؟ هل الهيئات أو القطاعات المسؤولة عن «التقييم» الذي هو «التقويم» في اللغة الصحيحة، حيادية، أو ملتزمة الحياد؟ يمكن التركيز بعد ذلك على الكم والنوع في حقلين كبيرين: الوظيفة العامة والخاصة أو ما يتعارف عليه، شعبياً، ب«الدوام»، وقد يشتمل الدوام على مفردات مثل الحضور والغياب والإنتاج، وأبعد من ذلك، التوطين، ثم توظيف المواطنين، وهو، بالمناسبة، غير التوطين. الحقل الثاني مبدأ أو فكرة المساواة بين الجنسين، وهي فكرة تجاوزت في الإمارات مرحلة الشعار إلى النظام والقانون والقرار النافذ. منطقياً وعقلياً وموضوعياً، لا يمكن الكلام عن دوام وظيفي يكتفي بالحضور دون الإنتاج والإنجاز. الدوام وحده لا يلبي الخطط أو يحقق الاستراتيجيات، ولا معنى له وحده، لكن يخشى أن هذا الذي لا معنى له وحده حاضر في الكثير من أماكن العمل، بحيث لا تحتاج رؤيته إلى نظارات نظر أو عدسات مكبرة. الكثيرون يداومون ولا يعملون، والكثيرون يداومون ولا يطلب منهم عمل. كل ما يطلب منهم إثبات الحضور والانصراف، وقد وصفت حالتهم منذ عقود ب«البطالة المقنعة». في المقابل طبعاً هناك من يلتزم الدوام حضوراً وانصرافاً ويعمل ملء ساعات العمل وينتج وينجز ويحقق الأهداف، لكننا اليوم لسنا بصدد هؤلاء. نحن بصدد من لا يعمل، فيضيف إلى كفة الكم من دون النوع أكداساً فوق أكداس. ترتبط بذلك جزئية مفصلية من قضية التوطين وتوظيف المواطنين، مؤداها الإجابة عن سؤال الكم والنوع. في الموضوع الآخر، موضوع المساواة بين الجنسين، وسط ما يتحقق من نمو سريع وجميل، يظل السؤال معلقاً وحائراً، لكن التجربة كفيلة به وبإجابته: المساواة الكمية أو النوعية؟ ألا يستدعي الأمر جهداً أكبر وأعمق نحو محاولة تحقيق مساواة نوعية تضمن تمكين المرأة إلى جانب الرجل، والرجل إلى جانب المرأة، بالفعل؟ طبعاً هذه الفكرة تشمل أو ينبغي أن تشمل الدوائر الحكومية والخاصة، وصولاً إلى المساواة بين الجنسين في المجلس الوطني الاتحادي المقبل. ebnaldeera@gmail.com

مشاركة :