تغطية شاملة تتضمن قراءة في محاور الإستراتيجية الثقافية لمتابعين ولكتاب اليمامة

  • 4/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجمع عدد من المثقفين والأكاديميين على التفاؤل بالرؤية الثقافية والإستراتيجية المعلنة ليلة الأربعاء 27 مارس المنصرم، من قبل وزارة الثقافة، التي جاءت محملة بطموحات عالية وأفكار غير مسبوقة لتنمية القطاع الثقافي في بلادنا والنهوض به. في حين رأى آخرون ضرورة تعزيز البنية التحتية والمؤسساتية بوصفها شرط لتحقيق تلك الرؤى التي انطوت عليها مضامين الإستراتيجية الثقافية الطموحة والمتسقة مع أهداف رؤية المملكة 2030. عرس ثقافي في هذا الصدد، يرى رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الأستاذ الدكتور عبدالله السلمي، أن مجرد إعلان وزارة الثقافة عن رؤيتها وتوجهاتها في المرحلة المقبلة، بشرى خير، ولحظة انطلاق ليست على المستوى الرسمي فحسب، وإنما تشمل عقول المبدعين والأدباء والفنانين. وقال الدكتور السلمي، في حديثه لـ«اليمامة»: إن إطلاق هذه الرؤية، هو كرنفال وعرس ثقافي انتظره المثقفون طويلاً بأن تكون وزارتهم التي كانت حلماً حقيقة ماثلة وفق رؤية إستراتيجية، ووفق إدارة مستقلة. وعن الركائز التي استندت إليها وزارة الثقافة مع إعلانها لرؤيتها وتوجهاتها، وبما يضمن تحقيقها لأهداف رؤية المملكة 2030، أكد السلمي: أنها ركائز ودعائم مهمة جداً، وقال: أتمنى فعلاً أن تكون منطلقاتنا محلية، أولاً لكوننا في بلادنا نحتاج إلى أن نصوغ ثقافتنا في إطار التشارك والتسامح والحوار والآداب والعطاء، وفي إطار الحماسة والنضج الثقافي، حتى إذا ما عبرنا الجسر إلى الآخر، نعبر ونحن ناضجون. وأضاف: نحن لا ينقصنا الإبداع والقدرات والقدوات، لكن أرهقتنا كثيراً تجاذبات وحوارات في متجزئات ومربعات فئوية أزعجتنا وأشغلتنا لفترة طويلة، وربما خذلتنا، وربما أيضاً حجمت دورنا الثقافي. وعن إمكانية نقل هذه الرؤية من مستوى النظرية إلى التنفيذ، والآليات التي تلزم لتحقيق ذلك، ذهب السلمي إلى أن هذا النقل يمثل تحدياً أمام هذه الوزارة الفتية الجديدة، موضحاً أن ذلك يستدعي أولاً استقراء الواقع، بمن فيه وما فيه. وأشار السلمي إلى أهمية المجايلة، واصفاً «القطع والفصل بين الأجيال»، بالإشكالية الكبيرة جداً. وقال: نحن أمة لنا مرتكزاتنا من أيام النبوة وما قبلها إلى عهدنا الزاخر، عهد المملكة العربية السعودية بمراحلها المتعددة إلى هذا العهد، إذ ننعم بقيادة ثقافية واعية، فنحن نفاخر بالملك سلمان، لأنه رجل الثقافة الأول، الرجل الذي يكتنز من المعرفة التاريخية والعلمية الشيء الكثير. وأوضح السلمي، أن الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، يشكلان صورة نموذجية مثلى للمجايلة، جيل الرعيل الذي عاش مرحلة التأسيس والبناء، وجيل الشباب الذين يحاولون قدر الإمكان أن يأخذوا بهذا التأسيس الذي وجدوه إلى مصاف العالمية، مضيفاً: أن علينا استحضار هذا النموذج، الماثل بين جيلين أمامنا الآن هما من يقودا الدولة في إطار من التناغم والانسجام والعمل الجاد والدؤوب. الإستراتيجية لن تقدم الكثير من جهته قال الشاعر أحمد الحربي، في تصريحه لـ«اليمامة» حول الإستراتيجية الثقافية: «إن وزارة الثقافة زفت إستراتيجيتها التي انتظرناها طويلًا ودشنتها وسط احتفالات تم الإعداد لها مبكراً، ولكنها للأسف جاءت مخيبة للآمال ولم ترق للطموحات، وربما أكون مستعجلًا في الحكم». وأضاف: «هنا أتذكر ما قلته في أحد مقالاتي في يونيو 2018م عن تداخل الثقافة في بلادنا بين وزارة الثقافة - والهيئة العامة للثقافة، والهيئة العامة للترفيه - ووكالة وزارة الإعلام للشؤون الثقافية التي ما زالت تمارس فعلها حتى اليوم - فضلاً عن هيئة السياحة والتراث الوطني، وما تقدمه من برامج ثقافية - فالحراك الترفيهي بمختلف ألوانه وأدواته وأشكاله يندرج تحت الثقافة العامة وكذلك الحراك السياحي، ومثلها السينما والمسرح والموسيقى والفنون بمختلف أشكالها وتفرعاتها، وما تقدمه الأندية الأدبية هو منتج ثقافي، وما تقوم به جمعية الثقافة والفنون أيضاً، ناهيك عن البرامج الأخرى التي تقدمها وزارة الحرس الوطني في برنامجها السنوي تحت شعار الجنادرية المهرجان الوطني للتراث والثقافة، كل هذا الحراك جميل ورائع لكنه مبعثر». وأوضح الحربي أننا «في حاجة ماسة إلى من يلملم هذا الشتات تحت مظلة واحدة لنبرز من خلالها الوجه الثقافي الأصيل لبلاد مترامية الأطراف كالمملكة العربية السعودية، وإظهار هويتها الثقافية بالشكل الملائم الذي يتفق مع لغة العصر المتسارعة حضارياً وفكرياً». وتساءل الحربي: ألا يوجد من يتبرع ويفصل هذه الكيانات، ويلزم كلًا منها بمهامها المستقلة دون الدخول في مهام الجهة الأخرى؟ هل تفعل ذلك وزارة الثقافة من باب التخصص؟ أم أن كلًا من هذه الكيانات سيبقى يغني على ليلاه، وتضيع ليلى في خضم الفعاليات المبعثرة؟ ذاهباً إلى أن ما فهمه من الإستراتيجية المعلنة لا يقدم كثيراً على الصعيد الثقافي، وقال: «لعلي أكون مخطئاً، بل أتمنى أن أكون مخطئًا في قراءتي لإستراتيجية وزارة الثقافة». الصعوبة في الاستمرار أما الدكتورة هيفاء بنت عثمان فدا، مستشارة وكيلة جامعة أم القرى لشؤون الطّالبات، فترى أنه من السّهل مواجهة البداية، فيما يتعلق بنقل رؤية وزارة الثقافة من مستوى النظرية إلى التنفيذ، ولكن من الصعب الاعتياد عليها، موضحة ذلك بقولها: إن كل بداية سرعان ما تواجه صعوبة في الاستمرار والاعتياد، ومن هنا يجب أن تواجه الصعوبة بمرونة وتقبّل، من خلال التخطيط السليم؛ لضمان سلامة التنفيذ، مع الاعتماد على تكريس الفعل الثقافيّ نمط حياة في مجتمعنا حتى يكون أقرب للإنسان العادي الذي هو عدة وعتاد كلّ فعل ثقافيّ قابل للانتشار الأفقيّ، والانتقال الرأسيّ عبر الأجيال. رؤية لا تلبي الطموح من جهته، يعبر الدكتور يوسف حسن العارف، الشاعر والناقد والأديب وعضو الجمعية العمومية للنادي الأدبي بجدة، عن خيبة أمل بعد طول انتظار لبوادر فرح، بعد إعلان وزارة الثقافة عن رؤيتها وتوجهاتها في المرحلة المقبلة، موضحاً ذلك بقوله: «لقد شعرنا بالتحولات المتسارعة في فضاءاتنا الثقافية والاجتماعية منذ أعلنت رؤية المملكة 2030 وما تلتها من مبادرات، واستحداث هيئات ووزارات جديدة يغلب عليها الطابع الشبابي والتحديثي لتشكيل مجتمع حيوي يؤمن بالمعاصرة والتجديد والفاعلية». وأضاف: «انتظرنا الرؤية والإستراتيجية الجديدة حتى جاءت وأعلنت، فأصبت بصدمة الانتظار والمآل، حيث لم أجد فيها ما يلبي طموحي كأديب وشاعر وناقد، انتظرت المراكز الثقافية كبديل للأندية الأدبية وجمعيات الثقافة، فلم تكن. انتظرت بيت الشعر وقصور الثقافة، ولم تتكون. انتظرت الهيئة العامة للكتاب، فلم أسمع، ولعل ذلك في التخطيط والهيكلة المنتظرة المعلن عنها». وقال العارف: «ما فهمته من الإستراتيجية المعلنة، أنها صدى موازٍ لما تقوم به هيئة الترفيه، وما تقوم به السياحة والتراث الوطني، وما تقوم به وزارة الإعلام»، متمنياً أن رابطة الأدباء والكتاب، ورابطة الشعراء، إحدى المبادرات الأهلية والمجتمعية، يسمح بها في القريب العاجل، ضمن أروقة وزارة الثقافة، وتحت مظلتها».

مشاركة :