الانتخابات الإسرائيلية.. تهافت على «الناخبين المتأرجحين»

  • 4/5/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

عربات الخضراوات في سوق الهواء المفتوح «هاتيكفا» مزينة بصور حاخامات ملتحين، وأقمصة أندية لكرة القدم، وأحيانا بيافطات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود، عليها عبارة: «نتنياهو: على صواب، قوي، ناجح». سوق «هاتيكفا»، الذي يقع في حي للطبقة العاملة جنوب تل أبيب ويقطنه على الخصوص اليهود السفارديم الذين هاجرت عائلاتهم من الشرق الأوسط، يُعتبر معقلاً كبيرًا لحزب «ليكود» حيث الولاء للحزب يجري في الدم. وعلى الرغم من تهم الفساد التي يواجهها نتنياهو من النائب العام الإسرائيلي، إلا أن الكثيرين يرون أنه لا بديل لزعامته. وأحد أسباب ذلك سمعته التي تم تطويرها بعناية باعتباره «سيد الأمن»، أو الزعيم الذي يعرف أكثر من غيره كيف يحمي إسرائيل. إنه خطاب أثبت نجاحه وفعاليته في عدة دورات انتخابية سابقة بين الناخبين السفارديم المحافظين في معظمهم، مفيداً كلا من نتنياهو و«ليكود». غير أنه من خلف عربة الفواكه الذي يملكها، يشدد شمشون أميل، 67 عاماً، على أنه لن يصوّت لليكود هذه المرة، كاشفاً عن ثغرة يتوق منافسو نتنياهو إلى استغلالها. ويقول أميل: «إن الحكومة نسيت المجتمع.. كيف يستطيع شاب وشابة الحصول على رأسمال لشراء بيت؟ سأختار حزبا يقدم شيئا اجتماعيا واقتصاديا». نتنياهو، الذي يوجد في السلطة منذ 10 سنوات ومرشح الآن لولاية خامسة غير مسبوقة كرئيس للوزراء في انتخابات 9 أبريل، يواجه تحدياً قوياً من قائد أركان سابق للجيش، بيني غانتس، الذي يتزعم تحالف «الأزرق والأبيض». ففي استطلاع تلفزيوني للرأي نُشر الأحد الماضي، سجل «الأزرق والأبيض» تقدما بـ32 إلى 28 على حزب الليكود في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً. غير أن الاستطلاع نفسه أشار إلى أن نتنياهو يستطيع الحفاظ على السلطة عبر تشكيل ائتلاف من 63 مقعداً مع الأحزاب اليمينية والدينية الأخرى. في هذا السيناريو، أخذ ناخبو «الليكود» المستاؤون مثل أميل يصعدون إلى الواجهة باعتبارهم نقطة الارتكاز السياسية. «الأزرق والأبيض» يحاول جاهداً استمالة كتلته الناخبة المؤلفة من يمينيين معتدلين. ومن أبرز مرشحيه قائدان سابقان في الجيش – أحدهما عضو سابق في الليكود – ومساعدان سابقان لنتنياهو. وقد صاغ الحزب رسالة محافظة حول السلام والأمن، مع تعهدات بالإبقاء على القدس «موحدة» وبالإبقاء على سيطرة الجيش الإسرائيلي على كل الضفة الغربية – «أرض إسرائيل»، مثلما يسميها الحزب – في إطار أي اتفاق مع الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، حاول «الأزرق والأبيض» أيضا تركيز الاهتمام على فضائح الفساد التي تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي واحدة من قضايا الفساد الثلاث، يعتزم النائب العام الإسرائيلي توجيه لائحة اتهام إلى نتنياهو بسبب قيامه بتخفيف القوانين المنظمة بشأن شركة الهاتف الإسرائيلية المحتكرة في مقابل تغطية إيجابية من قبل موقع إخباري. ويرى محللو الرأي العام أن خطاب «الأزرق والأبيض» آتى أُكله. وفي هذا الإطار، قال روني ريمون، الاستراتيجي السياسي الذي اشتغل على حملة نتنياهو 2009، في حوار مع راديو إسرائيل: «إن أهم كتلة ناخبة هي الليكود الناعم»، مضيفا «إنها الكتلة التي ستحدد مصير الحملة. وكلا الحزبين يتحدثان معها». وعلى مدى عقود، اعتمد نتنياهو والليكود على هذه الكتلة الناخبة من اليهود السفارديم المنتمين إلى الطبقة العاملة. كتلة مستاءة من نخبوية المؤسسة السياسية الإسرائيلية التي يهيمن عليها المؤسسون الأوروبيون. وعندما احتضنهم مناحيم بيجن، أول رئيس وزراء إسرائيلي من الليكود، ببرامج تشجع السكن بين الطبقة العاملة، كسب الحزبُ أتباعا أوفياء. وفي هذا السياق، يقول ياكوف شيمشي، 50 عاما، وهو صاحب مطعم شواء شرق أوسطية، مستخدماً لقب رئيس الوزراء: «لا يوجد بديل لبيبي». وإذ يعترف شيمشي بأن نتنياهو يستطيع التحسن بخصوص المواضيع الاجتماعية والاقتصادية، فإنه يشيد به لنجاحه في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بسيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان. غير أن جزءا من الكتلة الناخبة أثبت أنه متغير. ففي الانتخابات السابقة، استطاع سياسيون استقالوا من الليكود استمالة أنصار إلى أحزاب أخرى. وفي 2015، على سبيل المثال، أنشأ موشي كاهلون، وهو وزير سابق، حزبا مستقلا من يمين الوسط، «كولانو»، من أجل استمالة الليكوديين الذين كانوا يشعرون بالتهميش الاقتصادي. ويقول ميتشل باراك، وهو خبير أميركي إسرائيلي في الرأي العام: «إن الليكودي الناعم شخصٌ يتأرجح بين الليكود والوسط، وشخص يبحث عن شراكة قوية»، مضيفا «إنهم يريدون المزيد بخصوص المواضيع الاجتماعية مما يقدمه الليكود، ويريدون شخصا يهتم بهم ويمثلهم». وسط عربات الخضار في سوق «هاتيكفا»، ينتقد أميل الحكومةَ الإسرائيلية بسبب تخلفها عن تبني سياسة أكثر تشددا ضد غزة. ولكن شكواه الرئيسية على ما يبدو هي أن الارتفاع في كلفة المعيشة وأسعار العقارات جعلت امتلاك منزل أمرا في غير متناول أبنائه. وربما يستطيع «الأزرق والأبيض» فعل شيء ما بهذا الخصوص. ويقول جونثان رينولد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بار إيلان: «هناك جمهور من الأشخاص المنتمين ليمين الوسط الذين قد يكونون مستعدين» للتغيير، مضيفا «قد يكونون قادرين على تغيير التوازن داخل الكتل. وحتى إذا كنا نتحدث عن تحول مقعدين فقط، فإن ذلك يمكن أن يكون له تأثير كبير جدا على ديناميات الائتلافات».

مشاركة :