وافق البرلمان الأوروبي أمس على قانون يعفي البريطانيين من تأشيرات الدخول إلى دول التكتل حتى في حال خروج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق. بحسب "الفرنسية"، فإن تطبيق هذا القانون رهن بمعاملة بالمثل من السلطات البريطانية، ويسري في كل دول الاتحاد الأوروبي ما عدا إيرلندا التي لديها ترتيبات ثنائية مع بريطانيا. ويطبق القانون أيضا في دول منطقة شنجن "آيسلندا، ليختنشتاين، النرويج، وسويسرا". يعني القانون أن بإمكان البريطانيين القيام بزيارات تستمر أقل من 90 يوما إلى دول الاتحاد ومنطقة شنجن بدون تأشيرات دخول، حتى في حال خروج بريطانيا بدون اتفاق. وتمت الموافقة على النص بغالبية 500 وصوتين ورفض 81 وامتناع 29، وشهدت المفاوضات بين الأوروبيين بشأن هذه النقطة الحساسة بالنسبة إلى ملايين السياح البريطانيين الذين يتجاوزون قناة المانش بانتظام جدلا حول نقطة أساسية في النص. وأثير الجدل حول إضافة الدول الأعضاء ملاحظة في نهاية النص، بطلب من إسبانيا، تشير إلى جبل طارق بأنه "مستعمرة للتاج البريطاني". وأعادت تلك العبارة إحياء خلاف قديم بين إسبانيا وبريطانيا حول جبل طارق، هذه الأرض التي تبلغ مساحتها 6.8 كيلو متر مربع، وتنازلت عنها مدريد عام 1713 للتاج البريطاني، لكن تطالب إسبانيا الآن بالسيادة عليها. وجرى استبدال مقرر اللجنة المكلفة دراسة النص في البرلمان الأوروبي، كلود موراس البريطاني الجنسية، بعدما رفض قبول النص المتعلق بجبل طارق، تحت ضغط من الدول الأعضاء، وفقا لمصادر دبلوماسية. وأكد سيرجي ستانيشيف النائب الأوروبي الاشتراكي-الديمقراطي أنه "ليس سرا لأحد أن مفاوضاتنا علقت بسبب جبل طارق، لكن البرلمان في النهاية تحمل المسؤولية ووضع مصالح المواطنين في الدرجة الأولى". وأبقي على الملاحظة الجدلية في النص الذي تم التوصل إليه، مع تأكيد ستانيشيف ضرورة تمرير النص سريعا مع اقتراب تاريخ 12 نيسان (أبريل)، وهو الموعد النهائي الجديد لـ"بريكست". ومن المقرر نشر النص "في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي قبل 12 نيسان (أبريل)، للتحضير لاحتمال خروج بدون اتفاق في ذلك التاريخ". وضاعفت الحكومة البريطانية من مساعيها أمس لاستمالة حزب العمال المعارض لصفها في محاولة أخيرة لتفادي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق الأسبوع المقبل. مع نفاد الخيارات، غيرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي استراتيجيتها ودعت زعيم حزب العمال جيريمي كوربن إلى عقد مباحثات الأربعاء، للتوصل إلى تسوية لتفادي "بريكست" دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي في غضون أربعة أيام. وتبذل ماي جهودا كثيفة بحثا عن أصوات تمكنها من تمرير اتفاقها الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي من خلال البرلمان في محاولة رابعة. وأفاد المتحدث باسم الحكومة أنه ستكون هناك "نقاشات مكثفة على مدار اليوم"، مشيرا إلى "خطورة" الموقف. ورفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأخرى، وبدأت بروكسل تبدي نفاد صبرها. وعلى الطاولة خيار يرغم ماي على القبول بتمديد أكبر يمنح بريطانيا مزيدا من الوقت لإعادة التفكير في "بريكست" حتى تغيير قرارها بمغادرة التكتل. والثاني هو السماح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد من دون اتفاق في 12 نيسان (أبريل) على أمل أن تكون الفوضى الاقتصادية المتوقعة قصيرة الأجل. وأنهت ماي على نحو درامي سعيها لإقناع نواب حزبها وحليفها الإيرلندي الشمالي بالتحول فجأة صوب حزب العمال المعارض. والتقت ماي كوربن الأربعاء لمدة 100 دقيقة في لقاء وصفه الطرفان بأنه "ودي"، لكن لم يتضمن مناقشة كل شيء. ورحب ميشال بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف "بريكست" بالتعاون الحزبي لتجاوز الأزمة، وكتب على تويتر "حان وقت اتخاذ القرار". لكن قرار ماي الاستماع لطلبات كوربن بخصوص تحالف أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست" بما في ذلك الاستمرار في الاتحاد الجمركي أغضب اليمين البريطاني وأسفر عن استقالة وزيرين من الصف الثاني. ودافع وزير كبير في الحكومة عن موقف ماي، مشيرا إلى أنه ليس لديها خيارات أخرى، وأفاد الوزير الذي فضل عدم كشف هويته موقع بوليتكيو الإخباري "الأمر بسيط للغاية.. ليس هناك مكان آخر تذهب إليه.. لقد فعلت ما عليها فعله وكانت مستعدة لتحمل الانتقادات". وأكد أعضاء آخرون مؤيدون للاتحاد الأوروبي في حكومتها أن الوقت حان للتوصل للتخلي عن بعض المواقف السياسية لمصلحة التوصل لحل آمن لأكبر أزمة سياسية في بريطانيا منذ عقود. وقال وزير المالية "إنّ كلا الحزبين عليه أن يقدم تنازلا. الطرفان سيتألمان"، في تصريح لمحطة "آي تي في". ولدى ماي وكوربن رؤى متباينة بخصوص مكانة بريطانيا في أوروبا وقد أظهر كلاهما قليلا من الرغبة في التنازل عن قناعاته في الماضي. وعارضت ماي طويلا فكرة البقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي إذ إنها تمنع بريطانيا من توقيع اتفاقات تجارية مستقلة مع دول مثل الصين والولايات المتحدة. ويواجه كوربن ضغوطا من التيار المؤيد لأوروبا في حزب العمال للدفع من أجل إجراء استفتاء ثان بين اتفاق ماي وخيار البقاء في الاتحاد الأوروبي.
مشاركة :