لهذه الأسباب قرر خليفة حفتر الزحف الآن نحو طرابلس!

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحرك عسكري مكثف لقوات المشير خليفة حفتر نحو العاصمة الليبية، يثير مخاوف دول بجوار ليبيا وقلقا لدى قوى دولية كبرى. ويبدو أن حفتر مصمم على الاستيلاء على طرابلس. فلماذا اختار هذا التوقيت لإطلاق عمليته العسكرية؟ بينما تواصل قوات "شرق ليبيا" (الجيش الوطني الليبي)، بقيادة المشير خليفة حفتر، سيرها نحو العاصمة الليبية طرابلس، تتعدد العوامل، التي دفعت حفتر لاختيار هذا التوقيت بالتحديد لعمليته العسكرية في محاولة للسيطرة على العاصمة. فبعد ما يزيد على سبع سنوات من سقوط نظام معمر القذافي، لا تزال ليبيا منقسمة، وتوجد حاليا جبهتان تتنفاسان على السلطة في البلد الغني بالنفط، هما حكومة "الوفاق الوطني" في طرابلس، بقيادة فايز السراج، وحكومة أخرى موازية في شرق ليبيا بالتحالف مع "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر. وبالرغم من الاعتراف الدولي بحكومة السراج، يتلقى حفتر دعما من عدد من الدول، التي تلعب دورا في تشجيع العملية العسكرية الحالية. هذا فضلا عن عوامل دولية وإقليمية أخرى وفَّرت لحفتر فرصة ذهبية، يستغلها حاليا للمضي قدما نحو طرابلس.   سيطرة عسكرية أم تفاوض سياسي؟ في تسجيل صوتي تم بثه على شبكة الإنترنت، دعى المشير حفتر قواته إلى التوجه نحو طرابلس بعد تمكنه الخميس من السيطرة على مدينة غريان، التي تبعد عن العاصمة بنحو 100 كيلومتر فقط. وأحد الأسباب، التي ربما تكون وراء إعلان حفتر الزحف نحو الجنوب والغرب هو الرغبة في إحداث تغيير على أرض الواقع؛ يمكن استخدامه كورقة تفاوض خاصة مع التحضير لعقد مؤتمر وطني للمصالحة الليبية، بمساعدة الأمم المتحدة، التي حضر أمينها العام إلى طرابلس والتقى السراج الخميس، ثم التقى الجمعة حفتر في بنغازي، غير أنه غادر ليبيا و"قلبه مفطور"، حسب تغريدة له على تويتر.  حسني عبيدي، مدير مركز أبحاث ودراسات العالم العربي ودول المتوسط "سيرمام" وفي حوار أجرته DW عربية مع الدكتور حسني عبيدي، الاستاذ بجامعة السوربون الفرنسية ومدير مركز أبحاث ودراسات العالم العربي ودول المتوسط "سيرمام" (CERMAM)، يرى عبيدي أن التحرك العسكري لحفتر من مدينة بنغازي نحو مدينة طرابلس هو "بداية لتحرك" يُعيد للأذهان زحف القذافي قديما من طرابلس نحو بنغازي، مع اختلاف اساسي وهو "تناقض وضبابية الموقف الأوروبي الحالي". ويوضح عبيدي أن "الوصول إلى طرابلس والسيطرة على جنوب وغرب ليبيا يتطلب المرور على مدينة الوسلة معقل قبيلة بني وليد، أكبر قبائل ليبيا، والتي رفض أعيانها وأفرادها رفضا قاطعا أن تمر قوات حفتر عبر مناطقهم". ويضيف عبيدي: "في حالة مقاومة الأهالي في ليبيا لهذا الزحف العسكري يمكن أن يغير المجتمع الدولي والغرب موقفهما بين عشية وضحاها، فيقرر حفتر حينئذ وقف العملية العسكرية والاكتفاء بما حققه من مكاسب ميدانية يمكنه استغلالها تفاوضياً". ويتابع مدير مركز أبحاث ودراسات العالم العربي ودول المتوسط: "حفتر لا يؤمن بالعملية السياسية وهو يعلم جيدا أن هناك محاولة من الأمم المتحدة بعقد مؤتمر بحثا عن مخرج من الأزمة الليبية، لكن إن لم تكن هناك مقاومة عسكرية على الأرض ورفض دولي حقيقي لتحركه، فإن زحفه العسكري سيستمر". "نفوذ مصري إماراتي سعودي" تلعب عدد من الدول دوراً أساسيا في ما يقع في ليبيا من تطورات، حيث يتلقى الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الدعم الأكبر له من جانب مصر والإمارات العربية. هذا بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، التي قام حفتر بزيارتها قبل عمليته العسكرية بأسبوع واحدٍ، ما يوحي بحصوله على موافقة الرياض على تحركاته. ويعتقد حسني عبيدي أن حفتر لم يكن بإمكانه إتخاذ قراره الخطير بالتحرك العسكري نحو غرب ليبيا دون موافقة ضمنية من عدة دول، ويقول: "الدعم السعودي والإماراتي مهم جدا بالنسبة لحفتر بعد تأكده من الموقف المصري الداعم له، وجولته الأخيرة كانت لإعلام القيادة السعودية بما تم الاتفاق عليه مع أبوظبي ولتستخدم السعودية ما لها من نفوذ على بعض الدول العربية لإلزامها بالصمت وطمأنتها بشأن توابع التحرك العسكري في ليبيا". كما يرى عبيدي أن حفتر يسعى أيضا خلف الدعم المادي والعسكري والدبلوماسي للسعودية لأنه يدرك جيداً مدى خطورة تحركاته الأخيرة. أما على المستوى الدولي، فأصدرت حكومات كلا من الولايات المتحدة وإيطاليا والإمارات وفرنسا وبريطانيا بيانا مشتركاً دعت فيه إلى وقف التصعيد الحالي مؤكدة على عدم رؤيتها لحل عسكري للصراع؛ خوفا من إمكانية تسبب ذلك في "جر ليبيا نحو الفوضى". لكن حسني عبيدي يصف هذا التحرك بأنه مجرد تحرك دبلوماسي ولا يعكس الموقف الحقيقي لتلك الدول، التي ترغب في الظهور بمظهر الراغب في الحوار السلمي. قوات شرق ليبيا، بقيادة حفتر تتحرك في طريقها نحو العاصمة طرابلس (الخميس 4 أبريل/ نيسان 2019) مبالغة حول قطر وتركيا يرى البعض في الأزمة الليبية جبهة أخرى للخلاف بين الإمارات والسعودية ومصر من جانب، وتركيا وقطر من جانب آخر. ولهذا تسعى تلك الدول للتأثير على سير الأحداث وفرض نفوذها في ليبيا.  وتكرر هجوم حفتر والمتحدث باسم قواته العسكرية على قطر وتركيا بدعوى "دعمهما الجماعات الإرهابية"، إلا أن حسني عبيدي، في حواره مع DW عربية، يرى في الحديث عن النفوذ القطري والتركي داخل ليبيا "مبالغة إعلامية". ويقول عبيدي "من المؤكد أن واحداً من أهداف حفتر هو إنهاء أو إضعاف العلاقة التي تربط قطر وتركيا بالأحزاب والحركات السياسية في طرابلس وغيرها من الأطراف الداخلية في ليبيا. لكن دور قطر وتركيا ليس بنفس أهمية وقوة الدور الذي تقوم به مصر والإمارات في الشرق الليبي، الذي يرغب في تغيير الخارطة السياسية داخل ليبيا". مخاطر على دول الجوار الليبي واحد من العوامل، التي يستغلها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر في عمليته العسكرية الحالية هو انشغال الجيش الجزائري بترتيب الأوضاع الداخلية في بلاده. فالجزائر من أكبر معارضي الخيار العسكري لحل الأزمة الليبية؛ خوفا من تداعيات هذا على الأمن القومي الجزائري، وخصوصا فيما يتعلق بتسلل عناصر إرهابية لها عبر حدودها مع ليبيا. ويؤكد حسني عبيدي "أن الجزائر كانت تعيق تحرك حفتر قبل ذلك، وبانشغال حكومتها بالوضع الداخلي سنحت له الفرصة الآن". ويبدي مدير مركز أبحاث ودراسات العالم العربي ودول المتوسط قلقه من عواقب استهداف طرابلس عسكرياً على الدول المجاورة ويقول: "طرابلس قريبة جداً من تونس ولدى ليبيا حدود مع الجزائر، وبالتالي ستكون التداعيات الأمنية والإنسانية على الدول المجاورة خطيرة جدا، فالإرهاب الذي يريد حفتر أن يقاومه سيكون أقوى، فضلاً عن أزمة لاجئين ستترتب على هروب المدنيين من العمليات العسكرية بحثا عن النجاة". دينا البسنلي

مشاركة :