"التنمية الأسرية" تعزز الاستقرار الأسري بـ "الوالد المثالي"

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تنفذ مؤسسة التنمية الأسرية فعالية «الوالد المثالي» ضمن حملة التوعية الاجتماعية الأولى تحت شعار «أسرة متماسكة.. مجتمع متسامح.. وطن آمن» والتي انطلقت مؤخراً برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، الهادفة إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية تتمثل في رفع وعي الشباب حول الزواج ومسؤولياته وتمكينهم من اختيار شريك الحياة وفق معايير سليمة تسهم في بناء أسرة مستقرة، ورفع معدلات الوعي المجتمعي تجاه مفاهيم تعزيز الاستقرار الأسري من خلال حملات توعية إعلامية هادفة وموجهة، ورفع معدلات تأثير الخطاب الديني في دعم الاستقرار الأسرى من خلال شمولية فعاليات تنمية الوعي الديني للمفاهيم الاجتماعية العملية، والأمثلة الواقعية وربطها بالمفاهيم الدينية. وأكدت أمل عزام الخبيرة الاجتماعية بمؤسسة التنمية الأسرية، أن من أكثر معوقات النمو الطبيعي والسوي للطفل تربيته على يد والدين قد يعتبرهما البعض «مثاليين»، لافتة إلى أن هؤلاء يكونون منغمسين في رعاية ابنائهم إلى درجة أنه يقوم بكل شيء بدلاً من أطفاله، موضحة أن الوالد الذي يعتبر نفسه مثاليا يعتقد أن من واجبه أن يكون خادماً لأطفاله، وأن يكون متأكداً من أن أطفاله يستيقظون في الوقت المناسب، وأن يكون لباسهم في كامل أناقته، وكثيراً ما يكرر عبارة « كن طفلاً جيداً» « أغلق أزرار المعطف»، « تأكد من نظافة حذائك». وهؤلاء لا يسمحون بأي أخطاء لأنهم دائماً على علم بكل شيء، وعندما يعود الطفل من مدرسته يبدأ الوالد « المثالي» بالقلق والتساؤل من جديد « كيف عملت اليوم؟ »، « دعني أرى الواجب»، « غير ملابسك»، « كل غداءك»، « أسرع بالذهاب إلى النوم». تكوين الاستقلالية وأضافت عزام: «هؤلاء الآباء يحبون أطفالهم كثيراً، ونواياهم في تربية الطفل تكون حسنة، ولكن سلوكهم يحرم الطفل من تكوين الاستقلالية وتطوير الثقة بالنفس. فهم دون وعي منهم يتحملون مسؤولية كل ما هو مفروض أن يقوم به الطفل. وهذا السلوك هو نتيجة اقتناعهم أن سلوك أطفالهم يعكس قدرتهم على التربية الجيدة». وتابعت: «ونظراً لاهتمامهم بصورتهم في المجتمع، فأنهم يبالغون في تحمل المسؤولية عن أطفالهم. وهذه المسؤولية من قبل الوالدين تحرم الطفل من التعلم، بل وتعكس عدم احترام قدرة الطفل على التعلم من خوض التجربة. وهذا النوع يميل إلى الإشفاق والخوف على الطفل من الدخول في أي تجربة، بل نجده أحياناً يفضل أن يبقى أطفاله معتمدين عليه ليشعر هو كوالد بأهميته، وهذه الوالدية هي نتاج المجتمع الذي يضع الكثير من التوقعات، ولا يتقبل الأخطاء من أفراده». وقالت: «إذا كنا نؤمن بالأسلوب التشاوري والديموقراطي كأسلوب حياة، ونريد أن نتعامل مع أطفالنا بعدل ومساواة، فيجب علينا أن نسمح لأطفالنا باتخاذ القرار وتحمل نتيجة هذا القرار، عدا الأمور الخطرة. وأهم من ذلك، أن نثق بقدرة أطفالنا على التعلم من تجاربهم. وكثيراً ما نجد « الوالد المثالي» لا يمنح فرصاً لأطفاله لتعلم مفهوم الاحترام المتبادل. فالوالد سواء أكان متسلطاً أو ممارساً للحماية الزائدة أو مبالغاً في العطف والشفقة، فإنه لا يحترم الطفل. والوالد الذي يضع نفسه في خدمة أطفاله، يقصر في تدريب الطفل على احترام حقوق الآخرين». الاحترام المتبادل وأضافت عزام: «لكي يتعلم الأطفال معنى الاحترام المتبادل، فمن الأهمية أن يتحلى الوالدان بالحزم دون التسلط، وهذا يعني أن يتمسك الوالد بحقه وفي نفس الوقت عدم حرمان الطفل من حقوقه. مثلاً عندما يصر الابن على اللعب بالكرة في داخل الغرفة المليئة بالأثاث الذي يمكن أن يتحطم، تقول الأم: أنا آسفة لمنعك من اللعب هنا فالغرفة مليئة بما يمكن أن يتكسر من الكرة، يمكنك اللعب بشيء آخر أو أن تلعب في الساحة الخارجية، قرر ماذا تريد أن تفعل. وهكذا نجد أن صوت الأم الهادئ والحازم يؤكد حقها في الحفاظ على سلامة أثاث الغرفة، وفي نفس الوقت احترمت حق الابن في اللعب واختيار النشاط المقبول. وأوضحت أنه من أهم مرتكزات مبدأ الاحترام المتبادل بأن نسمح لأطفالنا باتخاذ القرار وتحمل نتيجة هذا القرار، عدا الأمور الخطرة، وأن نثق بقدرة أطفالنا على التعلم من تجاربهم عن طريق التجربة والخطأ، لافتة إلى أنه حتى يتعلم الأطفال معنى الاحترام المتبادل، من المهم أن يتحلى الوالدان بالحزم الحنون وليس التسلط. فالحزم الحنون أداة تربوية تسمح للآباء أن يحققوا الانضباط، وتسمح للأبناء أن يشاركوا في اتخاذ القرارات واكتساب مهارات الحياة. أن « الوالدية المثالية» يمكن استبدالها بالوالدية المسؤولة » والتي تهتم بتطوير مشاعر المسؤولية، والثقة بالنفس لدى الأطفال أكثر من اهتمامها بالصورة المرسومة والمتوقعة من المجتمع. والوالد المسؤول هو الذي يمنح الأطفال خيارات تجعلهم يعيشون التجربة والخبرة، ويختارون ويتحملون نتيجة خياراتهم. بناء الذكريات وقالت: « تحقيق التوازن بين التربية والعمل يكمن فيما يسمى الوقت النوعي، وهو ما يركز على نوعية الوقت الذي نقضيه مع الأبناء وليس على كم الوقت الذي نمضيه معهم، قد تقضي الأم اليوم بأكمله مع الأبناء، وهي تشعر بالضغط والتوتر، وتكون دائمة الصراخ على الأبناء، وفي المقابل يمكن لأم أن تقضي ساعات قليلة جداً مع أبنائها في أجواء حميمية دافئة، ويكون لديها أهداف محددة تنجزها خلال هذا الوقت، وهو ما يؤثر بشكل إيجابي على العلاقة». وأضافت: «الوقت النوعي أساس النجاح التربوي: يحتاج الأطفال إلى قضاء وقت نوعي جيد لبناء علاقة قوامها المحبة والثقة، في هذا الوقت يمكن للوالدين التركيز على أمور عدة، منها: تعليم الأطفال مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات باستخدام ما يسمى التربية بالمواقف الحياتية. والذي يعتمد على تناول المواقف الحياتية بالتحليل ومساعدة الأبناء على حل مشكلاتهم الطبيعية بأنفسهم ودعمهم لاتخاذ القرارات المناسبة وغرس القيم والأخلاق في الأبناء والاهتمام بالأحداث والمناسبات الخاصة، مثل مرض أحد الأبناء، مناسبات النجاح والتفوق، وقت مستقطع لحضور الفعاليات المهمة مثل مشاركة أحد الأبناء في مسابقة وتوفير وقت شخصي للمتعة والمرح مثلاً : قضاء وقت مخصص كل يوم مع أحد أطفالك بشكل منفرد تقومان بشيء يستمتع به كلاكما. والمتعة تنتفي إذا شعر أحدكما أنه مجبر على القيام بهذا العمل. في الأسرة التي يعمل فيها الأب والأم، يمكن للوالدين أن يقسما الوقت بينهما». وأشارت إلى أن وقت الذهاب للنوم يعتبر من أكثر الأوقات متعة، حيث يقضون جزءاً من الوقت بصحبة أحد والديهما، وأهم ما يجب التنبه له أن يتفق الأهل مع أطفالهم للتخطيط في كيفية قضاء هذا الوقت، وسيعرف كل طفل أن هناك وقتاً مخصصاً له وحده دون سواه، ولو حاول أحدهم التدخل والحصول على انتباهك، ما على الأب إلا أن يقول شيئاً كهذا « هذا الوقت مخصص لحمد، أنت وأنا سنقضي وقتاً في الفترة التي تم الاتفاق عليها». وأشارت إلى أن الأوقات التي نقضيها بين أبنائنا اليوم هي ذكريات الغد، وهذا يجعلنا نهتم بأن يكون لدينا طقوس حب مستمرة مع أبنائنا يتذكرونها في المستقبل. تعويض الأطفال وأوصت الأهل في حالة المرأة العاملة ورعاية الأبناء من الخدم في غياب الآباء باهتمام الآباء والأمهات بتوفير جو من الحب والرعاية والحنان والشفقة والعطف للأطفال؛ لتعويض الأطفال عن الفترات التي يتغيبون فيها عن المنزل، بالإضافة إلى الحرص على احتفاظ الآباء والأمهات بأدوارهم داخل الأسرة فيما يتعلق بتربية وتنشئة الأطفال وعدم التخلي عن هذه الأدوار لأي سبب. ووضع ضوابط لعمل الخادمات، من حيث مظهرها وأسلوب حديثها وطريقة تعاملها مع الطفل. وتجنب التهاون في العبارات التي قد تتحدث بها الخادمات أمام الطفل. ومتابعة دور الخادمة في تربية الطفل والطريقة التي تتعامل بها مع الأطفال للتمكن من الاطمئنان عليه خلال فترات الغياب، يمكن ذلك عن طريق وسائل المراقبة، أو عودة أحد الوالدين بشكل غير متوقع إلى البيت من فترة لأخرى. ومن المعروف أن سن الطفولة هو الأنسب لغرس القيم كالأمانة والصدق والنظافة، وأن الخادمة ليست الشخص المناسب للقيام بمثل هذا الدور والخادمة غير قادرة على القيام بدور الرقابة والمتابعة لسلوك الأبناء ولتطبيق القواعد والالتزام بأداء الواجبات، حيث إنها لا تملك أي صلاحيات تربوية، ولذا يجب على الوالدين متابعة هذه الأمور بأنفسهم. مفاتيح السعادة وجهت أمل عزام الخبيرة الاجتماعية بمؤسسة التنمية الأسرية نصائح للآباء تمثلت في أن السعادة الحقيقية تنبع من قدرة الشخص على التكيف مع ظروفه الحياتية، وسواء كانت المرأة عاملة أو غير عاملة فإنها قادرة على إدارة حياتها واستثمار طاقتها وبث السعادة في نفسها وفي جميع من حولها، وسوء التنظيم والإدارة يجعل الآباء يفقدون سيطرتهم على الأسرة وعلى باقي وظائفهم المجتمعية، بالإضافة إلى أن الشعور بالتقصير مع الأبناء يجب أن يدفعنا لقضاء المزيد من الأوقات النوعية المفيدة، بدلاً من تعويضهم مادياً، لأن التعويضات المادية قد تفسد الأبناء وتجعلهم مدللين، ولا يمكن أن تشبع احتياجاتهم النفسية والعاطفية. وأضافت : «لبناء علاقات إيجابية بين الآباء والأبناء كن حريصاً على إظهار الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، وتخصيص وقت للعب مع الأطفال والاستماع إليهم وتشجيع الطفل واستحسان جهوده المبذولة للنجاح في أي مهمة وإيصال الحب غير المشروط، مما يوفر الشعور بالأمن والاستقرار لدى الطفل»، مؤكدة أنه على الآباء تقبل الطفل كما هو بغض النظر عن سلوكه غير المرغوب فيه ليستطيع الآباء في المستقبل تغيير ذلك السلوك، والاعتراف بالتحسن في سلوك الطفل من قبل الآباء، مما يزيد من دافعية الطفل للإنجاز ويزيد من رضاه عن نفسه. ولفتت إلى أن التفاعل الإيجابي بين الآباء والأطفال يساعد على ممارسة الأطفال أنماطاً سلوكية إيجابية، لأنه يؤدي إلى إشباع حاجات الأطفال الاجتماعية والانفعالية ضمن جو داعم، مما يقلل من شعورهم بالإحباط، ويسهل على الأطفال تعلم المهارات الاجتماعية، التي تساعدهم في التعامل مع الرفاق دون الاعتداء عليهم، وعملية الانسجام والتوافق بين الآباء والأطفال.

مشاركة :