تتواصل الفضائح المتعلقة بتمويل نظام الحمدين القطري للإرهاب والتطرف وجماعة الإخوان الإرهابية في أوروبا، لتستمر بذلك سلسلة الأزمات التي تلاحق الدوحة وثبوت صدق دول المقاطعة في اتهاماتها للقطريين. وفي هذا الإطار ركزت صحيفة «تريبيون دو جينيف» السويسرية على ما كشفته وثائق حصل عليها الصحفيان الفرنسيان كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو في كتاب صدر الخميس الماضي تحت عنوان «أوراق قطر. كيف تمول الإمارة إسلام فرنسا وأوروبا» والتي تتضمن أدلة على تمويل قطر لمؤسسات ومشاريع بناء مساجد مرتبطة بشبكة الإخوان في أوروبا، وكذلك تبرعات لبعض المؤسسات والجمعية مثل «المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية» و«اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا» الذي يعتبره الصحفيان بمثابة الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان الإرهابية، بجانب العديد من الأنشطة المشبوهة الأخرى. ويكشف عمل الصحفيين الفرنسيين عن دور قطر المركزي في تمويل عمليات الإخوان في جميع أنحاء أوروبا. ويقولون إنهم تلقوا الوثائق الداعمة عبر جهاز تخزين «فلاش ميموري» من قبل مسربي معلومات، احتوت على سجلات لمؤسسة قطر الخيرية ورسائل البريد الإلكتروني الداخلية والعديد من المؤسسات القطرية الأخرى، وفقا للصحيفة. وذكر موقع «إنفستجيتيف بروجكت» أن مثل هذا الإنفاق الضخم يخدم الهدف السياسي لقطر في دعم جماعة الإخوان الإرهابية، كما أخبر المحللون الصحفيين في وثائقهم، وتم نشر جزء منه على الإنترنت. وقالوا إن جماعة الإخوان تهدف إلى السيطرة على حياة الناس العامة والخاصة، والحصول على السلطة السياسية، مشددين على أن مؤسسة «قطر الخيرية» قد تكون معروفة في الغرب بتمويلها للعمليات الإرهابية. وذكرت المخابرات الفرنسية في عام 2013 أن «مؤسسة قطر الخيرية» قامت بتمويل جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة في مالي تسمى «أنصار دين»، كما ساعدت في تمويل تفجيرات القاعدة في عام 1998 للسفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، وفقا للموقع. وكشفت الوثائق التي تم الحصول عليها عن أن «قطر الخيرية» شرعت نفسها من خلال شراكات مع المؤسسات الخيرية الغربية الرئيسية بما في ذلك مؤسسة بيل وميليندا جيتس ومؤسسة أمير ويلز الخيرية. وأنفقت قطر الخيرية 71 مليون يورو - حوالي 79.7 مليون دولار - على 113 مشروعا في المساجد والمراكز الإسلامية كستار لعملياتها، وأنفقت 3.6 مليون يورو - حوالي 4 ملايين دولار - على خمسة مشاريع للمساجد في سويسرا وحدها، حسبما أظهرت وثيقة داخلية لعام 2014. وتلقى المجمع الثقافي الإسلامي في لوزان في بريلي بسويسرا 1.6 مليون فرنك - حوالي 1.6 مليون دولار - من مؤسسة قطر الخيرية وفقا للوثائق. وقد لعب بعض الأشخاص مثل محمد ونادية كرموس المرتبطين بقوة بمنظر جماعة الإخوان الإرهابية يوسف القرضاوي، وفقا لصحيفة «تريبيون دي جنيف»، دورا رئيسيا في هذا المخطط. حيث كان الثنائي كرموس، يجريان تحركات على أعلى مستوى لجمع الأموال، كما تلقت نادية كرموس توصية مباشرة بدعمها من القرضاوي صاحب الخطاب الأكثر تطرفا في العالم الإسلامي، والذي يدعو لغزو أوروبا عبر قنوات القطريين، بحسب وصف الكتاب. أما عن محمد كرموس، الذي كان يعمل أمين صندوق لجامعة تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا «المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية»، الممول من قطر في وسط فرنسا، فقد أظهرت وثيقة اعتقاله على يد السلطات السويسرية في عام 2007، لحوزته 50 ألف يورو نقدا مباشرة من قطر لصالح المعهد. ويحدد الكتاب موظفا قديما في السفارة القطرية في باريس كرابط رئيسي في سلسلة الأموال القطرية في باريس. ويوصف الموظف بأنه محامي الزعيم الأيديولوجي للمجموعة الإرهابية، يوسف القرضاوي المقيم في قطر. كما يسلط الضوء على تحذيرات المخابرات الفرنسية حول الدعم القطري لمنظمة «اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا»، وهي هيئة جامعة في فرنسا. ويضيف أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب تأكيدات من القادة القطريين بألا يكون هناك تمويل غير معلن للأنشطة في فرنسا وأن الدوحة ستلتزم بمبادرات مراقبة تمويل الإرهاب، غير أنه «بعد التحقيق، لدينا بعض الأسباب للشك في أن الأمير القطري يحترم وعده»، وفقا للكاتبين. وقال جورج مالبرونو لصحيفة «تريبيون دو جنيف» إن القطريين والإخوان يهدفون إلى إنشاء «مجتمع متناهي الصغر» من خلال نشر التطرف في جميع أنحاء أوروبا، محذرا الجميع من أفكارهم المتطرفة التي تهدف في النهاية إلى الوصول إلى شكل من أشكال الهيمنة.
مشاركة :