بعد أن اجتاح مصطلح الـ بوب" شتى الحركات الموسيقية والتشكيلية والمسرحية، ها هو يقترب من الفلسفة. في كتاب بعنوان "ما هي البوب فلسفة؟" ينفي لوران دو سوتر أستاذ نظرية القانون بجامعة بروكسل أن يكون المقصود ابتذال الفلسفة وانخراطها في مجتمع الاستهلاك بمكوناته الصناعية والثقافية والشعبوية. ورغم اعترافه بأن الفلسفة صارت لدى بعضهم أداة تربوية لأساتذة يائسين، ولدى آخرين محاولة مضحكة لإقحامها في مجالات الروك والسينما والتلفزيون واجترار ما سبق من بديهيات، فإنه يؤكد أن البوب فلسفة أو الفلسفة الشعبية كانت تشغل جيل دولوز منذ سبعينات القرن الماضي، وكان الفيلسوف الفرنسي يرى فيها وسيلة لإنقاذ الفكر من غواية التصحيح المدرسي والتقديس الجمالي، ويطمح إلى ابتكار فكر فوضوي، يحوّم بالفلسفة ليفتحها على ممكنات غير مسبوقة. والبوب فلسفة هو المصطلح الذي وقع عليه اختياره. مقاربة الإيكولوجيا فلسفيا التحرر من مفهوم الطبيعة التحرر من مفهوم الطبيعة هيأ الاحتباس الحراري للانقراض الجماعي السادس، ولكننا لا نملك أدوات للتفكير في "الأنثروبوسين" أي أنثروبولوجيا العشاء الأخير. بأسلوب ساخر، يتناول البريطاني تيموثي مورتن في كتابه "الفكر الإيكولوجي" خطاب أصحاب النوايا الطيبة، أولئك الداعين إلى عالم أكثر خضرة، وما هم في الواقع سوى محترفين يحاولون إراحة الضمائر، وتخضير البرامج الانتخابية. بفضل هذا الكتاب، الذي صدر في بريطانيا قبل تسع سنوات ولم يترجم إلى الفرنسية إلا مؤخرا، نتعلم كيف نفكر بطريقة مختلفة، ونتحرر من مفهوم الطبيعة، لنغادر المحلي نحو العالمي، ونعي غرابة العالم وروابط الأشياء ببعضها بعضا. حتى الفن المعاصر أو سينما الخيال العلمي يتضح أنهما منبع للإلهام. من تشارلز داروين إلى بليد رانر، ومن وليم وردزورث إلى بيورك، ومن بيرسي شيلّي إلى إمانويل ليفيناس، يقدّم لنا تيموثي مورتن الأستاذ المحاضر بجامعة رايس بهيوستن، نصا يتوجه إلى عامة القراء، رغم جدته في الحقل الفلسفي المعاصر. أشكال الحياة وأنماط الوجود تصور الأوديسة، أقدم ملحمة شعرية في الثقافة الغربية، الانقلاب الذي يطرأ على أوليس الذي يتحول إلى ذاته نفسها أمام اندهاش من فشلوا حتى تلك اللحظة في التعرف عليه. وبذلك يمثل أوليس أول صورة من سلسلة تجسد تلك العملية الغريبة: المرور من الوجود في طور ظلمة إلى الوجود كذات في شكل حقيقة. ماذا يعني ذلك المرور؟ كيف تتمّ النّقلة؟ ما هي الأشكال التي اكتستها فكرة الوجود كذات في الفكر الغربي؟ في كتاب "أن تكون ذاتَك. وجه آخر للفلسفة"، قام كلود رومانو أستاذ الفلسفة في السوربون والجامعة الكاثوليكية بملبورن، بالبحث في مصادر فكرة الوجود بحق كما تتجلى في المثل الأعلى المعاصر للصدقية الشخصية، بالتأكيد على جينالوجيا ذلك المثل الأعلى، واستحضار بعض أشكاله القديمة. فيكتشف القارئ عدة أنماط من الخطاب، فلسفية، وفقهية، وروحانية، وبلاغية، وأدبية، وجمالية. أي أن رومانو يرسم تاريخا عن الفلسفة الغربية بعيدا عن الميتافيزقيات الكبرى للأنا والذاتانية، ويختار سبلا مغايرة في بحثه عن أشكال الحياة وأنماط الوجود.
مشاركة :