أحيت رواندا أمس الأحد، ذكرى «الإبادة الجماعية» التي جرت في 1994، وقتل فيها 800 ألف شخص على الأقل غالبيتهم من إثنية «التوتسي» خلال مئة يوم، في مأساة غيرت وجه البلاد إلى الأبد. وجرت المراسم في حضور رؤساء أفارقة، ومسؤولين دوليين وأوربيين، كما أعلنت فرنسا تحديد السابع من إبريل/ نيسان، يوماً لإحياء ذكرى المذبحة.وفي كلمته بمناسبة هذه المذبحة، أشاد الرئيس الرواندي بول كاجامي، بقوة شعبه الذي خرج من الهاوية، ليصبح «عائلة متحدة أكثر من أي وقت مضى». وقال خلال مؤتمر في مركز المؤتمرات بكيجالي:«في 1994، لم يكن ثمة أمل، كان ثمة ظلمات فقط. اليوم، يشع النور من هذا المكان» مضيفاً «شعبنا حمل ثقلاً كبيراً من دون أن يشكو»، مؤكداً أن «ذلك جعلنا أفضل وأكثر اتحاداً من أي وقت مضى». ووعد بأن «لن يكون هناك أي شيء على الإطلاق قادراً على تأليب الروانديين على بعضهم. هذه القصة لن تتكرر. هذا التزامنا الثابت».ورغم مرور عشرة أعوام، على ذكرى الإبادة الجماعية في رواندا، لكن ذكراها لم تمح، ولا تزال آثار الصدمة واضحة على من عاشوها. وكان كاجامي دشن نصب جيسزي في كيجالي، حيث دفن أكثر من 250 ألفاً من ضحايا الحملة. وانحنى الرئيس الذي رافقته زوجته، أمام إكليل من الورود أولاً قبل أن يضرم النار في شُعلة، ووقف بجانبه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.ونظمت مسيرة بهذه المناسبة إلى استاد أماهورو، حيث تقام سهرة احتفالية. وهذا الاستاد لجأ إليه في 1994 الآلاف من التوتسي للنجاة، تحت حماية الأمم المتحدة من المجازر. وحضر المراسم أمام النصب التذكاري رؤساء تشاد إدريس ديبي، والكونغو دينيس ساسو نغيسو، وجيبوتي اسماعيل عمر غله، والنيجر محمد ايسوفو، ورئيس الوزراء الإثيوبي أحمد أبيي، إضافة إلى رئيس وزراء بلجيكا شارل ميشيل.وتعذر على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحضور. وأثار تغيبه خيبة أمل لذوي الضحايا الذين أملوا في رؤيته تعبيراً عن اعتذار باريس عن دورها في المذبحة. وتتهم رواندا فرنسا بالتواطؤ مع «الهوتو» المسؤولين عن المذبحة، إن لم يكن بالمشاركة فعلياً فيها، وهذا ما نفته باريس باستمرار. ويسمم هذا الجدل العلاقات بين البلدين، وإن باتت أفضل منذ انتخاب ماكرون في 2017. وأرسل الأخير لتمثيله نائب من أصل رواندي من «التوتسي». وأعلن ماكرون الجمعة فتح المحفوظات الفرنسية للجنة من المؤرخين حول الفترة 1990- 1994. كما أعلن الرئيس الفرنسي، أمس، أنه يريد أن يجعل السابع من إبريل سنوياً، يوماً لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية.وبدأت أحداث المذبحة المروّعة في رواندا، عقب اغتيال رئيسها جوفينال هابياريمانا، وهو من «الهوتو»، في 6 من إبريل /نيسان من العام 1994، قامت على إثرها قوات الجيش، وميليشيات «الهوتو» المتطرفة، بارتكاب المجازر. وبتشجيع من السلطات، ساهم منتمون لمختلف الطبقات الاجتماعية، في الإبادة، بالهراوات أو المناجل، التي استهدفت الرجال والنساء والأطفال.وقتل في المذبحة أفراد من «الهوتو» رفضوا الاشتراك في عمليات القتل، أو اشتبه في تعاطفهم مع «التوتسي». ولم تتوقف المجزرة إلاّ بعد دخول التمرد التوتسي للجبهة الوطنية الرواندية إلى كيجالي في الرابع من يوليو/ تموز، بقيادة كاجامي.(وكالات)
مشاركة :