نتائج الانتخابات النيابية في مملكة البحرين ( 1-2) ..تراجع للجمعيات وتقدم للمرأة

  • 4/8/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت الانتخابات في مملكة البحرين منذ تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حكم البلاد أيقونة إنجازات عهده، بل إننا لا نكون مبالغين أن ذهبنا إلى القول بأن الانتخابات في حد ذاتها شكلت فرصة لحراك سياسي ديمقراطي مستنير مهد الشارع السياسي إلى قفزات تنموية تحققت على المستويات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فقد كانت نتائج الانتخابات النيابية انعكاسا واضحا لسرعة وسخونة الشارع السياسي في المملكة البحرين، وبقدر فعالية هذا الحراك وجديته كانت النتائج تعبيرا عنه، فهل كان هذا الحراك بالمنظور التاريخي إيجابيا أم سلبيا، أم أنه كان منحنى متذبذبا صعودا وهبوطا لم يستقر على حال معينة. فيما يلي سنحاول الاقتراب أكثر من نتائج الانتخابات النيابية الخمس التي جرت في مملكة البحرين منذ تولي جلال الملك حمد مقاليد الحكم في البلاد. وسوف ينصب تحليلنا لتلك الانتخابات على أربعة معايير للتحليل وسوف نقوم بتحليل نتائج الانتخابات بناءً على أربعة معايير الأول هو معيار الجمعية السياسية والثاني هو المعيار النوعي والثالث هو معيار معدل دوران النخبة البرلمانية والرابع هو معيار التوزيع العمري وسوف نتطرق في المقالة الأولى الى المعيارين الأول والثاني وهما معيار الجمعيات السياسية والمعيار النوعي اما المقال الثاني فسوف نخصصه لتناول معيار معدل دوران النخبة ومعيار التوزيع العمري. أولا- معيار الجمعيات السياسية: رغم قدم بعض الحركات السياسية الموجودة في مملكة البحرين إلا أن الكاتب فضل التعامل مع الجمعيات السياسية الرسمية التي نشأت بموجب قانون الجمعيات السياسية الصادر عام 2001، مستثنيا تلك الحركات السياسية التي لم تتحول الى جمعيات سياسية بموجب القانون او تلك التي اعادت تنظيم صفوفها لتصبح جمعية أهلية وليست جمعية سياسية، بالإضافة الى ذلك، فإن الباحث وضع في اعتباره ان هناك من الجمعيات التي خالفت قوانين إنشائها فتم حلها نتيجة لتلك المخالفات، وبالتالي لا مجال في هذه الحالة الى البحث في تمثيلها او وجودها داخل مجلس النواب. من خلال تحليل نتائج تلك الجمعيات السياسية في الانتخابات النيابية نلاحظ التالي: ‭}‬ أن إجمالي الجمعيات السياسية في مملكة البحرين هو فقط 16 جمعية سياسية موزعة على مناطق المملكة كافة. ‭}‬ أن أكثر هذه الجمعيات نشأت بمجرد صدور قانون الجمعيات السياسية عام 2001، وبالتالي فقد صدر خلال الفترة من عام 2001 الى عام 2002 إحدى عشرة جمعية سياسية. ‭}‬ أن باقي الجمعيات قد نشأت في الفترة من عام 2005 حتى عام 2012 وكانت آخر تلك الجمعيات التي تمت الموافقة عليها هي جمعية الإرادة والتغيير الوطنية. ‭}‬ أن من بين 16 جمعية سياسية هناك خمس جمعيات دينية. ‭}‬ أن هناك 10 جمعيات سياسية لم يسبق لها الفوز بأي عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية منذ انطلاقها عام 2002. ‭}‬ أن جمعيتي الأصالة والمنبر الإسلامي كانتا الجمعيتين الأكثر استحواذا على مقاعد الجمعيات السياسية في مجلس النواب منذ عام 2002 وحتى عام 2018 وإن خرجت جمعية المنبر الإسلامي خالية الوفاض من الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2018. ‭}‬ كانت جمعية المنبر التقدمي من الجمعيات المدنية التي استحوذت على مقاعد جيدة بالمقارنة بباقي الجمعيات المدنية الأخرى، وخاصة في انتخابات 2002، 2018 بمجموع مقاعد بلغ 5 مقاعد (3 مقاعد في انتخابات 2002 ومقعدين في انتخابات 2018) ‭}‬ كانت لجمعية الرابطة الإسلامية، وهي جمعية دينية أيضا، عدد محدود من المقاعد في انتخابات 2002 بلغ 4 مقاعد إلا أنها لم تفز إلا بمقعد واحد فقط في انتخابات 2014. ‭}‬ أن تجمع الوحدة الوطنية ورغم إعلان تأسيسه عام 2011 فإنه لم يكن له أي نصيب من المقاعد باستثناء مقعد واحد في انتخابات 2018. ‭}‬ لم تحظَ الجمعيات السياسية التسع المشاركة في انتخابات 2014 وهي: (الأصالة، المنبر الإسلامي، تجمع الوحدة الوطنية، الميثاق، الرابطة، الوحدة الوطنية، الصف، الوسط العربي، الوطن، الحوار الوطني)، والتي قدمت 27 مترشحا في 18 دائرة انتخابية إلا بـ4 مقاعد فقط، فيما نال المستقلون 36 مقعدا. وظفرت ثلاث جمعيات سياسية فقط بمقاعد لها في مجلس النواب، وهي الأصالة التي حصدت مقعدين، والمنبر الإسلامي نائبا واحدًا، وجمعية الرابطة نائبا واحدا أيضا. ‭}‬ لم تفز الجمعيات السياسية الخمس المشاركة في انتخابات 2018 وهي: (الأصالة، المنبر الإسلامي، تجمع الوحدة الوطنية، الصف الاسلامي، المنبر التقدمي)، والتي قدمت 15 مترشحا في 12 دائرة انتخابية إلا بـ7 مقاعد فقط، فيما نال المستقلون 33 مقعداً. وظفرت ثلاث جمعيات سياسية فقط بتلك المقاعد وهي الأصالة التي حصدت أربعة مقاعد، والمنبر التقدمي نائبين، وتجمع الوحدة الوطنية نائبا واحدا. وهكذا ومن خلال الملاحظات السابقة، فإننا نذهب الى القول بأن الناخب البحريني غالباً ما كان تفضيله يتجه إلى التصويت لصالح المستقلين بعيدا عن مرشحي الجمعيات السياسية وهو أمر له دلالتان: الأولى وهي ضعف معظم الجمعيات السياسية وعدم قدرتها على التواصل الفعال مع المواطنين والتأثير فيهم. الثاني أن المواطن البحريني ليس لديه قناعة كافية بالأيدولوجيات ويميل أكثر إلى مرشحي الخدمات الاجتماعية أو إلى المرشح المستقل الذي يستطيع أن يلامس ببرنامجه الانتخابي تطلعات الناخبين ومطالبهم. ثانيا - التوزيع النوعي: مثلما شكلت المشاركة الانتخابية النسائية منحنى صاعدا منذ انتخابات 2002 وحتى انتخابات 2018 وذلك كما ذهبنا اليه في المقالة السابقة التي نشرناها في صحيفة اخبار الخليج بتاريخ 20 مارس الماضي، فقد شكلت نتائج تلك الانتخابات انعكاسا واضحا لتلك المشاركة، وذلك كما سيتضح في التالي: ‭}‬ أنه رغم الاتاحة الدستورية والقانونية للمرأة بالترشح فإنه يبدو ان الثقافة المجتمعية لم تمكن المرأة من الفوز بأي مقعد في انتخابات 2002، الا انه في الفصل التشريعي الثاني عام 2006 بدأت المرأة في الظهور في مجلس النواب وإن كان ظهورا محدودا وغير ظاهر لأنه ارتبط بفوز بالتزكية فقط للنائبة لطيفة القعود. ‭}‬ بدأت المشاركة الحقيقية للمرأة في الظهور في عام 2010، حيث فازت المرأة بـ4 مقاعد نيابية مسيطرة بذلك على حوالي 10% من إجمالي مقاعد مجلس النواب. ‭}‬ كانت انتخابات 2014 -رغم كم المشاركة النسائية فيها- محدودة من حيث عدد المقاعد وبعد ان استحوذت المرأة على حوالي 4 مقاعد في الانتخابات السابقة خسرت مقعدا منها وصارت مقاعد المرأة فقط 3 مقاعد معظمها من المحافظة الشمالية. ‭}‬ اما في انتخابات 2018 ومع كثافة عدد المترشحات وظهور دور قوي للعديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في دعم المرأة في الانتخابات النيابية، مثل المجلس الأعلى للمرأة ومعهد البحرين للتنمية السياسية، فقد انعكس ذلك بقوة على استحواذ المرأة على 6 مقاعد نيابية ليكون هذا المجلس هو الأكبر في تاريخ البحرين من حيث كم استحواذ النساء على مقاعد في المجلس النيابي، وقد توج هذا النجاح بانتخاب امرأة لأول مرة في تاريخ المملكة ومنطقة الخليج عموما رئيسا لمجلس النواب وهي السيدة فوزية زينل التي فازت بالمنصب بعد منافسة ساخنة مع مرشحين اثنين من الرجال. ‭{‬ المستشار السياسي لمعهد البحرين للتنمية السياسية

مشاركة :