صحافة الشارع.. خدعة أم موضة العصر؟

  • 4/8/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هل تتحول «صحافة الشارع» التي يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي على هواتفهم النقالة إلى «كذبة»؟ أم تتحقق توقعات رئيسة تحرير إحدى المنظمات الأمريكية، كريستال إيريس، وتصبح موضة العصر لأنها وفق تأكيداتها «وجدت لتبقى»؟ تتباين وجهات النظر حول النوع الجديد من الصحافة الذي لا يحتاج إلى أي معايير مهنية أو ضوابط، البعض يرحب بها ويعدها كسرا للنمط التقليدي الذي اعتاد عليه الناس لعقود طويلة، وآخرون يرون أن الإشاعات والأكاذيب تسيطر عليها، في ظل عدم خضوعها لأي رقابة، أو التزامها بأي شكل مهني. بغض النظر عن النقاط التي يثيرها المؤيدون والمعارضون، تطرح «مكة» عبر مصادر متعددة، مزايا وعيوب «صحافة الشارع» للحصول على فكرة عن كيفية تطورها في المستقبل. ما هي صحافة الشارع؟ تخيل أنك تسير في مكان ما ورأيت حادثا ما أمامك، وقررت سحب هاتفك وتصويره، ثم قدمته إلى منفذ أخبار أو شاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، هنا أنت ساهمت فيما يعرف بصحافة الشارع، التي لا تخرج عن كونها تقارير إخبارية يقوم بها الأشخاص بدلا من الصحفيين المحترفين، ويمكن لهذا النوع من الصحافة الكشف عن الحقائق لأن الجمهور يستخدم مصادر بديلة للعثور على المعلومات. ويمكن توصيل هذا النوع إلى الجمهور عبر منافذ الأخبار المعتادة، ومنافذ الأخبار عبر الانترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع بث الفيديوهات، مثل اليوتيوب. قصص الناس تعاونت Fox News أخيرا مع MySpace لتشجيع المواطنين على تقديم قصصهم عبر أداة التحميل «uReport». وتطلب The Weather Channel من المشاهدين تقديم مقاطع الفيديو الخاصة بهم عن الأعاصير، والمحطات المحلية مثل CBS 4 في دنفر، والتي أصدرت أخبارا وطنية عندما حملت فتاة تبلغ من العمر 6 سنوات صورا ومقاطع فيديو لسحابة إعصار تتشكل مع كاميرا لألعاب الأطفال الرخيصة. البحث عن الشهرة رغبة الناس في كسب 15 دقيقة من الشهرة قد تجبرهم على القيام بدور صحفي أكثر نشاطا، تحاول KTLA، وهي محطة إذاعية محلية في لوس أنجلوس، جعل مراسليها المحترفين في أفضل مكان لأي قصة عاجلة، بما في ذلك الحرائق البرية التي كثيرا ما تؤثر على جنوب كاليفورنيا. ذكرت رئيسة تحرير إحدى المنظمات الأمريكية كريستال إيريس، أنه مع توفر التكنولوجيا الحديثة والانترنت «فأن صحافة الشارع موجودة لتبقى» ومع ذلك، يرى كثيرون من الناس أنها تساعد الصحافة بشكل عام للأفضل، على الرغم من أنه من الصعوبة تجاهل أنها تشكل أيضا تهديدا لوسائل الإعلام ومستقبلها. ولكن صحافة المواطن ليست إيجابية دوما، حيث يدخل فيها الكذب وعدم دقة الأخبار، ولعل أحد أشهر الأمثلة على ذلك، الإشاعة التي انتشرت حول «مشكلة ستيف جوبز للقلب»، ففي الثالث من أكتوبر 2008، نشرت CNN على موقع صحافة المواطن، iReport «هرع ستيف جوبز إلى الطوارئ بعد نوبة قلبية حادة»، وتبين فيما بعد أن الخبر كاذب؛ ومع ذلك فقد تم بالفعل الضرر، حيث انخفض سعر سهم أبل من 105.27 دولارات إلى 95.41 دولارا بين الساعة الـ9:40 صباحا والـ9:52 صباحا، أي بانخفاض قدره 9% خلال دقائق. أوضح الصحفي في سان فرانسيسكو كرونيكل، ريحان هارمانجي، أن الحادث «أثار جدلا حول دقة التقارير الواردة من هذه المواقع على شبكة الانترنت»، حيث يوضح كيف «يستغرق الأمر بضع دقائق فقط لإشاعة شنيعة، وضعت على موقع دون تدقيق تحريري كاف لإلحاق الضرر». الخداع وجد تقرير من Social Media Today أن ما يقرب من نصف (49.1%) مستخدمي الانترنت قد تعرضوا للخداع من خلال «أخبار عاجلة»، هذا يقود كثيرين إلى الاعتقاد بأنه لا ينبغي استخدام صحافة الشارع كمصدر رئيس للأخبار، إذ تفتقر إلى المصداقية والموثوقية. لهذا السبب، يجب التعامل مع صحافة المواطن بتأكيد معين من الشك والحذر. كذلك غالبا ما ينظر إليها على أنها «من قبل الناس، من أجل الشعب»، لأن كثيرين يجدون أن الصحفيين المواطنين «مرتبطون وصادقون»، وانتشرت شعبية هذا الرأي مع اكتساب صحافة المواطن مزيدا من الاهتمام العام والثقة. هل ستكون البديل؟ هذا يطرح سؤالا مثيرا للجدل؛ مع تزايد شعبية صحافة الشارع، هل ستحل محل الصحافة المهنية والشركات الإعلامية الكبرى؟ في النهاية، تعد الأخبار مهمة مثل الهواء الذي نتنفسه، ويجب أن تظل مسؤولية تترك في المقام الأول للخبراء المدربين المسؤولين. إن تداول الأحداث الإخبارية الواقعية أمر حاسم، ففي حين يمكن لصحافة الشارع أن تنافس في الوقت المناسب من خلال قوانين الصدفة (التواجد عند انقطاع الأخبار) فإنها لا تحل محل الموضوعية والمصداقية والموثوقية التي يمكن أن يحققها الصحفي المحترف، ومع ذلك، يمكن للاثنين التعايش، وتحسين جودة وتغطية المعلومات التي يتلقاها الجمهور. كان الأشخاص الذين لديهم هواتف محمولة وإطلالة على نهر هدسون أول من كشف خبر تحطم الطائرة الأمريكية رقم 1549 في نيويورك عام 2009، حيث تمكن المواطنون الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، مثل Twitter وFlickr، من نشر الأخبار للعالم، ونشر تحديثات حية حول الحادث في غضون دقائق. وقال جانيس كرومس أحد سكان فلوريدا في أحد مواقع تويتر «هناك طائرة في هدسون. أنا على متن عبارة لنقل الناس»، مع نشره صورة التقطها للركاب الذين يقفون على أجنحة الطائرة أثناء انتظارهم لإنقاذهم بواسطة خدمات الطوارئ. المزايا 1. تعالج الفجوات في وسائل الإعلام الرئيسية، فالفكرة منها أن الأشخاص الذين ليس لديهم تدريب مهني قادرون على استخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة والانترنت للتحقق من الحقائق أو زيادتها أو إنشاء الوسائط. 2. تمكين المجتمعات المحلية والأفراد، من المشاركة في نشر المعلومات لتعزيز رفاههم، وتبادل المعلومات المهمة، وأصبح بمقدور عدد من الأشخاص العاديين لعب دور في سرد القصص. 3. يمكن أن يساعد الصحفيون العاديون في عالم الأخبار من خلال تقديم تقارير مكتوبة بالإضافة إلى الصور ومقاطع الفيديو في الوقت الفعلي. 4. يمكن أن تغطي الأحداث التي قد تفوت وسائل الإعلام الرئيسية. 5. يمكن الحصول على الأخبار دون أن تسيطر عليها الأحزاب السياسية وغيرها من الوكالات. 6. تعطي مساحة أكبر في حرية الرأي، حيث لا يفصح عدد من أصحاب هذا النوع عن هويتهم بالكامل، وهو ترف غير متوفر للصحفي المحترف. 7. تمكين للمجتمعات المحلية لأنها تساعد على إشراك المواطنين المحليين بشكل أكبر في الأحداث التي تؤثر على حياتهم. 8. تتيح تغطية معظم الأحداث في العالم، حيث لا يمكن للصحفيين معرفة جميع الأحداث الجديرة بالاهتمام التي تحدث. العيوب 1. سيكون من الصعب على الأشخاص تحديد ما يجب تصديقه، على عكس الصحافة التقليدية. 2. لديها جمهور محدود في بعض الحالات، من خلال نشر أخبارها على وسائل التواصل الاجتماعي. 3. غير موثوقة، حيث يميل المواطنون إلى نشر معلومات غير صحيحة ومضللة في المقام الأول لأنهم يفتقرون إلى المعرفة للتأكد من الحقائق بشكل صحيح. 4. الكتاب غير مدربين وغير مسؤولين، وغالبا ما يميلون إلى وضع آرائهم الشخصية في أعمالهم المكتوبة. 5. على الرغم من عدم تأثرها بالسياسة أو مجلس الإدارة، إلا أن المواطنين يمكن أن يتأثروا بآرائهم الخاصة ومشاعرهم. 6. تدريبهم ليس تدريبا رسميا، مما قد يؤدي إلى عدم الدقة والواقعية، وبالتالي قد تنتج سلوكيات غير أخلاقية. 6. يختار بعض مدوني أخبار المواطنين عدم الكشف عن هويتهم بالكامل. 7. هناك ميل لدى البعض إلى التغاضي عن بعض قوانين حقوق التأليف والنشر الضرورية. هل تقتل الصحافة المهنية؟ في حين يعتقد البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تحل محل الصحافة وتقتل الصحافة التقليدية، فإن آخرين يعتقدون أن صحافة المواطنين يمكنها أن تدعم الصحافة المهنية. بطرق، أدخلت وسائل التواصل الاجتماعي طبقة جديدة في عالم الصحافة، فالتفاعل والتواصل مع الجماهير، يمكن للصحفيين المحترفين الاستفادة منهما، وتشمل المزايا الأخرى لهذا البعد الجديد القدرة على المشاركة في جمع الأخبار على نطاق أوسع، والوصول إلى المصادر مباشرة، وبناء علاقات شخصية وزيادة التواصل مع الجماهير، لذلك، لا تساعد وسائل الإعلام الاجتماعية كل الصحفيين المحترفين، ولكن صحافة الشارع نفسها تأتي بكثير من الفوائد التي يمكن للصحفيين المحترفين الاستفادة منها أيضا، منها سرعة الإبلاغ، وسرعة الإبلاغ تعني أن الأخبار التي لا يمكن التنبؤ بها يمكن الحصول عليها على الفور. كيف يمكن أن تنجح؟ يمكن للمؤسسات الاستفادة من رغبة الجمهور في المشاركة بصحافة الشارع عن طريق فتح المجال والتحري، وذلك بـ: 1. تجنيد الناس المهمة: قد تنجذب المؤسسات الإخبارية نحو صحافة الشارع لأنها تتسم بالمجانية. 2. اختر القصص التي تناسب الجمهور. لن ترسل غرفة الأخبار بالكامل لتغطية مؤتمر صحفي، وتنطبق النظرية نفسها أنه بإمكان الجهة أن تعرف ما هو الحدث المثالي للتغطية الجماعية. 3. افعل شيئا فريدا. ليست مجرد تقارير إخبارية، ولا أحد يريد أن يسير على أرض الواقع التي تمت تغطيتها بالفعل من قبل المحترفين. 4. دقق المعلومات والبيانات قبل نشرها، فلا تنجرف وتنشر كل ما ينشره المواطنون حول الأحداث. 5. خصص فريقا لتقصي الحقائق وحين التأكد منها بإمكان المؤسسة التواصل مع الجمهور مباشرة. اقتراحات لجهات الأخبار: • راقب وكالات الأنباء الجديدة التي بدأت التداول في محتوى المواطن. • استعد للدفع عند وجود حدث مهم. • حدد أفضل المساهمين المواطنين واعرف كيفية تعويضهم. • النظر في التعويض غير النقدي. • تفعيل المسابقات ومنح أفضل التقديمات. • ربط موضع المحتوى بالدفع.. فقد حقق Bleacher Report، الذي يطلق على نفسه «أكبر شبكة رياضية على الويب»، تقدما كبيرا في 22 فبراير مع حركة صحافة الشارع. الإيجابيات - يمكن لصحافة الشارع توفير محتوى مجاني بإمكان الصحف استثماره. - توجد بعض الحوادث التي لن يعرف بها غير المواطنين أنفسهم. - يمكن للصحفيين المواطنين مساعدة الصحف المحلية في الحفاظ على مزيج أوسع من القصص والتقارير المجتمعية أمام القراء. - يمكن أن تكون صحافة الشارع أداة قوية للإبلاغ عن الأخبار المحلية (أخبار خاصة بمجتمع واحد) لأن الناس يهتمون بمجتمعهم ويتوقون لمعرفة ما يجري. - يمكن أن تساعد الصحف المحلية على البقاء بجعلها منتجا أكثر تفاعلا. السلبيات - هم الأفضل في الإبلاغ عن الأحداث العاجلة، وليس من المرجح أن يكونوا مساعدين جدا في إعداد التقارير المتعمقة أو التحليلية أو الاستقصائية. - الصحف هي علامات تجارية تضفي المصداقية والسلطة والجاذبية على محتواها، لا يمكن لصحافة الشارع أن تقدم هذا النوع. - لا ينبغي أن تعتمد الصحف المحلية على الصحفيين العاديين لمساعدتها على البقاء، حيث لا يتقاضى معظمهم أي شيء مقابل عملهم ويفتقرون إلى الدافع لمساعدة كيان ربحي. - لا يمكن ولا ينبغي اعتبار المواطنين عمالة حرة. نصائح لإنتاج قصة جيدة - نقطة الرؤية: الكتابة في منظور الشخص الثالث. - المصادر: استخدام أكثر من مصدر. - جوانب مختلفة من القصة. - التحقق من الواقع. - اعتمد على الأخلاق والنزاهة. الاعتبارات والمعايير الأخلاقية المهمة: • ابحث عن الحقيقة وبلغ عنها بالكامل. بلغ نفسك باستمرار. • كن صادقا وعادلا وشجاعا في جمع الأخبار والإبلاغ عنها. • إعطاء الصوت لمن لا صوت له، ومحاسبة الأقوياء. • ابحث عن وجهات نظر متنافسة وانشرها، دون التأثر بشكل لا لزوم له بمن يستخدمون سلطتهم في مواجهة المصلحة العامة. • تقليل الضرر. كن متعاطفا مع المتضررين من أفعالك. تعامل مع المصادر والمواضيع والزملاء باحترام، وليس كوسيلة لتحقيق غاية. • لا تكذب أو تشكك أو تحرف. • لا تكتب عن شخص تربطك به صلة الدم أو الزواج، أو عن شخص تربطك به علاقة شخصية أو مالية. • لا تستخدم موقعك للحصول على منفعة أو ميزة في المعاملات التجارية أو المالية.

مشاركة :