صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية تطورات الأوضاع في السودان، الذي يشهد احتجاجات منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، ووصلت في الأيام الأخيرة إلى اعتصام أمام مقر وزارة الدفاع. وفي حين طالبَ كُتّابٌ في صحف عربية الجيشَ السوداني بالانحياز لمطالب الجماهير، رأى آخرون أن قوى المعارضة أمامها "خيارات حضارية" يمكن أن تجنِّب البلاد تداعيات كبرى.السودان: المعتصمون في مقر الجيش يواصلون الضغوط على البشيرما معنى حالة الطوارئ في السودان؟"الجيش.. والانحياز للشعب" تقول جريدة "العرب" اللندنية: "عكس إصرار الحراك الشعبي في السودان، على التمسك بالاعتصام المفتوح أمام وزارة الدفاع ودعوة الجيش للوقوف مع الاحتجاجات، حجم الغضب المتنامي على سياسات الرئيس عمر حسن البشير الذي يتمسك بدوره بالسلطة ويرفض جميع الحلول للأزمة المتواصلة منذ أشهر". وتضيف الجريدة: "ينذر وقوف الجيش مع الاحتجاجات بتحولات سريعة للأزمة في السودان التي تتواصل منذ ديسمبر الماضي". ويرى محمد أبو الفضل في الصحيفة نفسها أنه "في حالة تجاوب الجيش السوداني مع مطالب المواطنين وإجبار البشير على إعلان عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فلن يكتفي المحتجون بذلك، بل يتوقع أن يرتفع السقف إلى تنحيته فوراً. وهو سيناريو سلكته انتفاضات عربية، حيث تبدأ شرارة التظاهر بهدف أمني وحقوقي أو سياسي أو اقتصادي محدد، ثم تتصاعد وتعلن الانتقام من أقطاب النظام برمته". ويضيف: "تتهيأ الساحة السودانية لسيناريو قريب من ذلك، ربما تكون مشكلته الظاهرة مثل من سبقوه في تونس ومصر واليمن وليبيا والجزائر، تتعلق بعدم وجود قوى سياسية تستطيع التحكم في زمام الأمور وقيادة المرحلة التالية لبر الأمان، بما يتواءم مع تطلعات الجماهير". وترى سمية سيد في جريدة "الراكوبة" السودانية أن "الفشل في إنفاذ التعهدات مع استمرار الأزمة الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي، كانت نتائجه متوقعة". وتحت عنوان "الجيش السوداني والانحياز للشعب"، يقول الشفيع خضر سعيد في "القدس العربي" اللندنية: "قبل عدة أسابيع، وجماهير الشعب السوداني الثائرة تهدر في شوارع مدن السودان للشهر الثالث على التوالي، سألني المحاور الصحافي قائلا: الكرة في ملعب من الآن؟، فأجبته: الكرة الآن في ملعب القوات المسلحة السودانية، الجيش، وهي ركلة جزاء عليه أن يركز حتى يسددها في المرمى". ويضيف: "لم تنفذ ركلة الجزاء حتى كتابة هذه السطور، بسبب الصراع العنيف الذي تفجر وسط ضباط الجيش بين الرتب المنادية بالانحياز إلى الشارع والتي تطالب القيادات العليا بتنفيذ ذلك تفادياً لأي انقسام وصدام دموي محتمل، والقيادات العليا المتمنعة والموالية للرئيس". ويرى الكاتب أن "التاريخ الناصع للجيش السوداني لم يمنعه من التورط في انقلابات عسكرية ذات طابع حزبي، تقليدي أو يساري أو إسلامي، وكذلك التورط في الحروب الأهلية، الوجه آخر للصراع السياسي في السودان ... لكن كل هذا التورط لم يسلب الجيش السوداني وطنيته وديمومة صحو ضميره، فكانت انفعالاته المكللة بالفخر عندما حسم الأمر بانحيازه للجماهير المنتفضة في تشرين الأول/اكتوبر 1964 ونيسان/أبريل 1985". ويشير إلى أنه طيلة الثلاثين عاماً الماضية "ظل الركود وحائط اللامبالاة السياسية عنواناً لسلوك الجيش السوداني... ويبدو أننا، اليوم أو غداً، سنشهد لحظة الانتصار تلك، وسيسدد الجيش السوداني ركلة الجزاء لتسكن شباك المرمى". ويقول مزمل أبو القاسم في جريدة "الراكوبة": "الأجدى لبلادنا وشعبها الوفي، وجيشها الباسل أن ننتقل جميعاً إلى مربعٍ جديد، بعملية سياسية ناجزة، تُسرِّع وتيرة التغيير، كي تعصم بلادنا الحبيبة من الوقوع في براثن الفوضى، وتحول دون حدوث ما لا تُحمد عقباه"."خيارات حضارية" ويقول إيمان هاشم في صحيفة "أخبار اليوم" الإلكترونية السودانية: "لا يعتريني أدنى شك بأن بعض ائتلاف قوى الشارع والاحتجاجات هدفها التكتيكي إزالة ومسح المؤتمر الوطني وحلفائه عن المشهد السياسي والوطني إلى الأبد، ولكن سرعان ما سيختلفون في أهداف الاستراتيجية ويدخلون البلد في أزمة في أقرب حالة متوقعة ويكفي في هذا الخصوص أن التجربة الوطنية والشعب السوداني قد أتاح للجميع فرصة الحكم والتجارب عنده حاضرة". ويرى الكاتب أن قوى المعارضة "أمامها خيارات حلول حضارية تجنب البلاد منزلقات الندم الكبير وأن التيمن ببركة يوم 6 ابريل/نيسان ورفع مذكرة إلى القوات المسلحة كما الحال في ذات اليوم من العام 1985 هو مؤشر جيد لمشروع الحلول التي تعترف بدور المؤسسات التي يحترمها الجميع". ويقول عبد اللطيف البوني في موقع "السودان اليوم": "بدا لي الآن أن السودان ومنذ التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي يعيش فترة انتقالية من نوع مختلف، فترة انتقالية غير دستورية أي غير مُتّفق عليها ولم تحدّد نهايتها، إنّما جاءت بحكم الأمر الواقع، أمّا ما جعلها انتقالية فهو استحالة الرجوع إلى ما قبل 18 ديسمبر/كانون الأول 2019، حيث كَانت الحكومة تتحدث عن تَعديل الدستور وانتخابات 2020 وكانت في غاية الاسترخاء واللا مُبالاة". ويضيف: "على العموم حتى هذه اللحظة لا يمكن القول إن الحكومة قد خرجت من ثوبها القديم، وإن الفترة الانتقالية التي تنشدها لم تظهر ملامحها، وإن الوجه القديم هو السائد".
مشاركة :