اعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن استقرار مصر «سيمثل ركيزة أولى لاستقرار المنطقة العربية»، وذلك قبل يومين من التئام المؤتمر الاقتصادي في منتجع شرم الشيخ السياحي (جنوب سيناء)، والذي تعول عليه القاهرة لجذب استثمارات تتراوح بين 15 و20 بليون دولار. وفيما زار المسؤولون المصريون أمس شرم الشيخ، لمراجعة اللمسات الأخيرة قبل انطلاق المؤتمر، تفقد مستشار الرئيس للأمن اللواء أحمد جمال الدين، مواقع وقاعات المؤتمر الاقتصادي، لمراجعة الإجراءات الأمنية، بالتزامن مع جولة قام بها محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة في المنتجع، شاهد فيها التحديثات التي أجريت على جدارية «صانعي السلام»، ووضع حروف الترحيب بجميع لغات العالم على الجدارية أمام قرية الحرس، والتي تم افتتاحها مساء أمس، وعمليات تجميل طريق السلام وتخطيط الطريق. ومن المقرر أن تبدأ الوفود الرسمية في الحضور غداً (الخميس)، وقال سفير مصر في الرياض السفير عفيفي عبد الوهاب إنه «وفقاً للمعلومات المتاحة لدينا حتى الآن فإن ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبد العزيز سيكون على رأس الوفد السعودي إلى المؤتمر، متوقعاً «مشاركة واسعة من رجال الأعمال السعوديين»، واعتبر عبد الوهاب أن المشاركة المرتقبة للوفد السعودي وعلى رأسه ولي العهد «تأتي تواصلاً للدعم والمساندة المتصلة من المملكة العربية السعودية ووقوفها بجانب مصر»، مشدداً على «عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وحرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على دعم أمن واستقرار مصر»، فيما أكد سفير البحرين في القاهرة الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة، أن حضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة المؤتمر الاقتصادي على رأس وفد كبير يضم كبرى شركات القطاع الخاص ورجال الأعمال، «يؤكد ما يربط المملكة، قيادة وحكومة وشعباً، بالشقيقة مصر من علاقات أخوية متميزة ومصير مشترك، ورغبة أكيدة في تحقيق تطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الرخاء والاستقرار»، مشيراً في بيان إلى أن حرص ملك البحرين على الحضور شخصياً «يمثل امتداداً للمواقف البحرينية في دعم ومساندة الشقيقة الكبرى، والمساهمة في تنفيذ خريطة المستقبل»، مؤكداً أن البحرين ومعها كل الدول الشقيقة والصديقة «لن تتوانى عن أي مشاركة أو تظاهرة يمكن أن تسهم في إعادة مصر إلى مكانتها الطبيعية، فأمن مصر واستقرارها هو من استقرار كل دول المنطقة». وعلى الصعيد الدولي أعلنت الخارجية الأميركية أمس أن وزير الخارجية جون كيري سيتوجه إلى شرم الشيخ غداً (الخميس)، للمشاركة في المؤتمر. وأوضحت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي، في تصريحات صحافية، إن كيري سيجتمع أيضاً خلال زيارته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث عدد من القضايا التي تتعلق بالعلاقات الثنائية والقضايا الدولية، وبخاصة جهود التحالف الدولي لمحاربة «داعش» والوضع الراهن في ليبيا والأزمة الحالية في سورية. وأكدت التزام الولايات المتحدة بتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية «الطويلة الأمد» مع مصر. وقالت: إن «الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الحكومة المصرية من أجل مساعدة الشعب المصري في تحقيق اقتصاد مستقر وخلق فرص عمل جديدة ودعم الشباب وتوفير الرعاية الصحية، وكذلك المساعدة في تحقيق طموحات المصريين نحو توفير الحقوق لكل الأطراف والحرية واحترام مناخ سياسي سلمي». وذكر بيان من سفارة الاتحاد الأوروبي في القاهرة، أن وفداً رفيع المستوى من الاتحاد، سيشارك في المؤتمر، وأشارت إلى أن المسؤولة عن السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني سترأس وفد الاتحاد الأوروبي في أولى زياراتها لمصر بعد توليها المنصب، كما سيشارك كبار المسؤولين من بروكسيل في المؤتمر في مجالات العلاقات السياسية والاقتصادية، وكذلك الكثير من رجال الأعمال من دول أوروبية مختلفة، ومن أعضاء الوفد الرسمي أيضاً كريستيان دانيلسون المدير العام المسؤول عن الجوار وتوسيع المفاوضات في المفوضية الأوروبية. وأضاف البيان أنه من المتوقع أن تلقي موغيريني كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجمعة. وأوضح أنه سيجري السبت حفل توقيع اتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي ومصر حيث يمثل دانيلسون الجانب الأوروبي ووزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني الجانب المصري. ويشارك أيضاً في حفل التوقيع بنك الاستثمار الأوروبي وإيطاليا وسيعقب الحفل مؤتمر صحافي. وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت في وقت سابق أن 80 دولة و20 منظمة إقليمية ودولية أكدت حضورها المؤتمر الاقتصادي الذي يحمل شعار «دعم وتنمية الاقتصاد المصري»، والذي ينطلق بعد غد (الجمعة)، ويستمر ثلاثة أيام. وكان السيسي تطرق إلى ترتيبات المؤتمر في حوار أدلى به لشبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية، حيث أكد أن المؤتمر «يعكس إرادة مصر والمصريين في تحقيق التنمية المنشودة، من خلال جذب الاستثمارات التي تساعد على تحقيق طموحات وآمال الشعب المصري في التنمية والاستقرار»، واستعرض الرئيس المصري الخطوات الجارية للإعداد للمؤتمر، وجهود أجهزة ومؤسسات الدولة للإعلان عن خطة اقتصادية طموحة تعود بالنفع على مصر والمستثمرين من كافة بقاع العالم، من خلال خلق بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار، وتسوية النزاعات مع بعض المستثمرين بشكل ودي، وإعداد حزمة من المشاريع الاقتصادية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. وأشار السيسي إلى أنة سيتم تخصيص مناطق واعدة للاستثمار تشجع المستثمرين من كافة أنحاء العالم على المجيء إلى مصر والاستثمار فيها، لا سيما أن مصر تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط والعالم، ما يجعلها نقطة انطلاق كبرى لمنطقة الخليج وأفريقيا والقارة الأوروبية. واعتبر الرئيس المصري أن استقرار بلد ضخم مثل مصر «سيُعد الركيزة الأولى في استقرار المنطقة، وبالتالي ستكون له انعكاساته الإيجابية على استقرار أوروبا والعالم». وبخصوص اقتراحه تشكيل قوة عربية مشتركة، أوضح السيسي أن الإرهاب «لا يهدد أمن واستقرار مصر فحسب، بل أمن واستقرار العالم أيضاً، بعد أن امتد إلى العديد من المناطق في العالم التي تتخذ فيها هذه التنظيمات أسماء مختلفة»، مشدداً على أن مكافحة الإرهاب «تتطلب تكاتف المجتمع الدولي لضمان أمن واستقرار الإنسانية، وذلك لن يتأتى من خلال المواجهة الأمنية والعسكرية فقط، وإنما من خلال معالجة التحديات الاقتصادية والثقافية التي تواجه الأقطار المختلفة»، وأوضح أن أهمية تشكيل القوة العربية المشتركة يكمن في «حماية مقدرات الدول العربية من خطر الإرهاب والأخطار الأخرى المحتملة»، لكنه لفت إلى أن مكافحة الإرهاب في المنطقة تتطلب تعاوناً عربياً وثيقاً مع الدول الصديقة كالولايات المتحدة والدول الأوروبية. ونفى السيسي وجود تعارض بين دور هذه القوة ودور المجتمع الدولي والتحالف المكون حالياً لمواجهة الإرهاب، موضحاً أن مصر هي جزء لا يتجزأ من هذا التحالف وتخوض حرباً ضروساً ضد خطر الإرهاب في سيناء وعلى حدودها الغربية، وأكد أن المنطقة تمر بظروف دقيقة تتطلب من الجميع التعاون لمجابهتها، خصوصاً أن الدول الكبرى كالولايات المتحدة لديها مسؤولية أخلاقية وإنسانية لمساعدة شعوب المنطقة على تخطي هذه الأوقات الصعبة في تحرك يتطلع إليه الرأي العام لكي لا يشعر بأنه يجابه مخاطر الإرهاب والتطرف منفرداً. وتعقيباً على قيام الولايات المتحدة بتعليق مساعداتها العسكرية لمصر عقب ثورة 30 يونيو، أكد أن مصر لن تنسى للولايات المتحدة الدعم والمساعدات التي قدمتها على مدى أكثر من 30 عاماً، إلا أن الواقع الحالي يستدعي قدراً أكبر من التعاون في المجال العسكري لتعزيز القدرات المصرية من أجل مكافحة الإرهاب. ونبه السيسي إلى أن الأفكار المتطرفة تمثل الخطر الأكبر على المنطقة والعالم وهي التي تدفع معتنقيها إلى تدمير مجتمعاتهم وتهديد أمنها، الأمر الذي يتطلب ضرورة قيام الدول العربية بالتصدي بحزم لتلك الأفكار بالتعاون الوثيق مع الدول الصديقة لضمان عدم المساس بالأمن القومي العربي.
مشاركة :