لماذا الخوف من معرض الكتاب؟

  • 3/11/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

الكتاب سلاح ذو حدين. هكذا تربينا منذ الصغر، وفي نضجنا تعلمنا أن نكتشف ونبحث في كل جديد، أن نثير الأسئلة من دون خوف أو تردد؛ لأننا تعلمنا أننا لا نستطيع التقدم أو التطور إلا من خلال فتح عقولنا وتحررها من حال الجمود، والتخلص من العقدة القديمة؛ وهي الخوف من ثقافة الآخر. يتعلم الفرد من أمهات الكتب، الفلسفية والنظرية والعلمية والتاريخية والاجتماعية والثقافية عموماً، وهو ما يجعله أكثر وعياً ونضجاً في التعرف على قسمات التاريخ الإنساني وعلى الحضارات المختلفة عنه، ويزيده مساحة واسعة في الفكر والرؤية إلى الحياة بشكل عام، ويهذب فيه القدرة على التعامل مع الآخرين مهما اختلف عنهم؛ لأن الاختلاف من سُنَن الحياة. معرض الرياض الدولي للكتاب نافذة كبيرة ومهمة، جعلت الكثير من أفراد المجتمع يحب أن يقتني كتاباً؛ لاكتساب عادة جديدة وهي حب القراءة واحترام الكتاب، ربما بعضهم يقول إننا أمة لا تقرأ، وأن مثل هذا المعرض لا يستفاد منه شيء، ويقال أيضاً معيب على أفراد المجتمع أن لديه قوة شرائية فقط، نحترم هذا الرأي لكنه ليس دقيقاً ومحدود الرؤية، لأن كسر عادة قديمة من التبلد الفكري أو عدم الخوض في غمار القراءة يحتاج إلى الجهد والعمل وتوعية الأفراد بذلك من خلال المعارض الخاصة بالكتب؛ لأنها تعمل بعمق، وهو زرع حب الكتاب وإن كان بدايته فقط القوة الشرائية؛ لأن بعد ذلك سيتعلم الأفراد الكثير، بل سيضطر بعضهم إلى أن يقرأ لو سطراً، وهكذا تصبح فيما بعد عادة يستمتع بها ويعتاد عليها. بعضنا -للأسف- وضع حاجزاً نفسياً، بأن لا أحد يقرأ، ولو سُئلنا: أنغلق معرض الكتاب ونستسلم إلى الجهل والجمود، أم نساعد بعضنا بإعادة ثقافة القراءة من جديد، ومساندة كل تلك الأفكار الجامدة بأن تتحرر من قيود خضعت لها من دون إدراك؟ التفاؤل والتطلع إلى مستقبل جميل أفضل مئة مرة من البكاء على أطلال الماضي. هنا يأتي دور المؤسسات العلمية والتعليمة والتربوية والكتَّاب والمثقفين؛ في زرع محبة الكتاب وتعظيم شأنه وتسخير كل ما يجعل الآخرين يخوضون تجربة القراءة، والهدف الأهم من ذلك الاطلاع على حضارات وكتابات وفلسفات جديدة عليهم، يتعلم منها الفرد قبول الآخر واحترام وجهة نظره. الفكر والعقل إن لم يطاولهما التجديد ويزوَّدا بالمعرفة من حين إلى حين يصابان بالجمود والتبلد، والخطر أنه يصبح عدو نفسه في تحطيمها وتدميرها؛ بسبب الجهل والخوف من الخروج من الدائرة التقليدية التي اعتاد عليها أعواماً. عندما يكون الفرد صاحب قاعدة ثابتة وراسخة في ما يؤمن من اعتقادات ومفاهيم خاصة به، لا يهاب الجديد والمختلف عنه، بل تجد ذلك في علماء كرَّسوا حياتهم في البحث والتقصي والتجريب وإثارة الأسئلة ومناقشة كل جديد، فما زادهم إلا وعياً ونضجاً معرفياً، من هنا يستطيع الفرد إظهار جوهرة الداخلي في حبه القديم، وهو الفضول والمعرفة، وهو ما يزيده إبداعاً وتحليلاً لكل مجريات الحياة، والقدرة على المقارنة والمناقشة في الاختلافات، وهذا هو المقصود من هذه التطلعات الفكرية، التي توسع فكر الإنسان بشكل عام وتجعله يشاهد الحياة ومجرياتها بزوايا مختلفة، وأنه هو جزء من منظومة عالمية كبيرة في وسط هذا الكوكب؛ لكي يستطيع أن يعيش ويتعايش مع كل مختلف عنه. لذا، نعم لمعرض الكتاب. فكم نحتاج إليه كثيراً في حياتنا، ونأمل خفض أسعار الكتب؛ لكي يستطيع الكثير اقتناءه، وإقامة هذا المعرض في الأعوام المقبلة في مدن عدة أخرى غير مدينة الرياض، لجعل جميع أفراد المجتمع يشاركون فيه ويتذوقون طعم الكتب التي بين أيديهم ويفخرون به في وسط مدينتهم، لتصبح فائدة المعرض تعم كل مناطق المملكة.

مشاركة :