رفعت أوكسيدنتال، خامس أكبر شركات النفط الأميركية، سقف أهداف صداقة البيئة من لأكثر الشركات تلويثا، بالإعلان عن سعيها لمسح بصمتها الكربونية، في إطار اضطرار الشركات للدفاع عن سمعتها في اتساع الهواجس المتعلقة بحماية البيئة. لندن - يبدو إعلان فيكي هولوب الرئيسة التنفيذية لشركة أوكسيدنتال عن سعي الشركة لإطفاء بصمتها الكربونية، من ضروب الخيال في ظل النظرة التقليدية إلى أعباء التلوث الناتجة عن نشاط الشركات النفطية. وتطور الحلول التكنولوجية التي تسمح بالتقاط الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري باتت حقيقة، تسمح لأوكسيدنتال، بجمع ما يعادل جميع الانبعاثات الناتجة عن عملياتها ومن سلسلة التوزيع، بل وأيضا من استهلاك النفط والغاز الذي تنتجه. وأهمية هذا التطور تكمن في أن الشركة ليست صغيرة، بل هي خامس أكبر شركة نفطية أميركية من حيث القيمة السوقية، بعد أن ضاعفت إنتاجها من النفط الصخري، وهي تخطط لمضاعفته خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل إلى 600 ألف برميل يوميا. لكن الشركة تعتمد في الوقت نفسه أعلى معايير الالتزام بخفض الانبعاثات، وتعد من الاستثناءات القليلة في صناعة النفط. فيكي هولوب: التأقلم مع تحولات المناخ ضروري لمواصلة العمل في صناعة النفط فيكي هولوب: التأقلم مع تحولات المناخ ضروري لمواصلة العمل في صناعة النفط ويقول إيد كروكس في مقال بصحيفة فايننشال تايمز إن ميدان نشاطها الأساسي في حوض برميان في ولايتي تكساس ونيومكسيكو، وهو قلب مضمار سباق طفرة النفط الصخري الأميركي، يخلو من مظاهر تداعيات الإنتاج على المناخ. ونسبت الصحيفة إلى الرئيسة التنفيذية لأوكسيدنتال قولها “نفكر في المدى الطويل بالنسبة إلى مساهمينا. نعتقد أنه إذا لم تعالج هذه القضايا المناخية اليوم، فإننا سنتخلف عن الآخرين”. وتشير خطط أوكسيدنتال إلى أنها تريد أن تكون “محايدة من حيث الكربون” عبر اقتناص انبعاثات تعادل جميع الانبعاثات الناتجة عن عملياتها انطلاقا من الإنتاج إلى سلسلة التوريد وصولا إلى استهلاك ما تنتجه من النفط والغاز. وتقول هولوب “نشعر أن هذه الخطط هي مفتاح استدامة أعمالنا مع مرور الوقت. إذا لم تتأقلم مع هذه التحولات المناخية فلا ينبغي أن تعمل في قطاع صناعة النفط”. وتتلخص الطريقة التي تخطط بها أوكسيدنتال للتغلب على المشكلة بجمع ما يعادل ثاني أكسيد الكربون الذي يتم إطلاقه من المصانع ومحطات توليد الطاقة. كما أن حقن الغاز في حقول النفط يساعد على إخراج المزيد من النفط الصخري، وهي ممارسة معروفة باسم الاستخلاص المعزز للنفط (إي.أو.آر) وترك ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض، بدلا من تركه في الغلاف الجوي. هذه التقنية راسخة أيضا بالنسبة إلى النفط التقليدي. وكانت أوكسيدنتال تدير اختبارات للاستخلاص المعزز للنفط في آبار الصخر الزيتي الأفقية، والتي تصفها هولوب بأنها “ناجحة تقنيا”. وتعمل أوكسيدنتال على تطوير حقل كامل باستخدام الاستخلاص المعزز للنفط لاستخراج النفط الصخري في حوض ميدلاند، على الجانب الشرقي لحوض برميان، والذي من المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2021. وتبدو الحسابات الأولية مشجعة من حيث توقعات الإنتاج والانبعاثات، وتشير تقديرات أوكسيدنتال إلى أنها تستخرج 11 بالمئة من النفط الموجود في احتياطاتها من النفط الصخري، وهي تأمل بزيادة الاستخلاص المعزز للنفط ليصل إلى نحو 17 أو 18 بالمئة. كما أن هذه التقنية ترفع نوعية النفط المستخرج وتؤدي إلى إطلاق كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون عند تكريره في المصافي واستهلاكه. لكن ذلك لا يعني أن الشركة لا تواجه تحديات في توسيع نطاق الاختبارات الناجحة، لتشمل حقل نفط كاملا. وتقول هولوب إن نجاح التجربة تتطلب القدرة على تصميم المنشآت السطحية والبنية التحتية اللازمة للقيام بذلك. ويستخدم الاستخلاص المعزز للنفط القياسي ثاني أكسيد الكربون المستخرج من المصادر الطبيعية في عمليات حقن الآبار واستخراج النفط. وللحصول على تأثير إيجابي في الانبعاثات، يجب أن تستخدم شركة أوكسيدنتال ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النشاط البشري. وكانت أوكسيدنتال قد استثمرت في نوفمبر الماضي في شركة تدعى نت باور، التي تعمل على تطوير مولد طاقة مبتكرا يعمل بالغاز ويجمع تيارا نقيا من ثاني أكسيد الكربون المناسب للاستخلاص المعزز للنفط. كما أن الشركة تستكشف أيضا خططا للحصول على ثاني أكسيد الكربون من منشآت صناعية، بما في ذلك مصانع الإيثانول والصلب. أوكسيدنتال تستخدم ثاني أوكسيد الكربون في تحسين استخراج النفط بتقنية الإنتاج المعزز أوكسيدنتال تستخدم ثاني أوكسيد الكربون في تحسين استخراج النفط بتقنية الإنتاج المعزز لكن المشكلة الكبيرة تكمن في أن مراكز الصناعة التي تكثر فيها مصانع ومحطات توليد الطاقة، يغلب عليها أن تكون بعيدة عن حقول النفط، في المساحات الواسعة المفتوحة في غرب ولاية تكساس. وتقر هولوب بوجود “حاجة إلى شبكة أنابيب طويلة جدا”. ويعد اقتناص الكربون واستخدامه وتخزينه من التقنيات القليلة المتعلقة بالمناخ التي تمكنت من كسب تأييد الجمهوريين في الكونغرس وإدارة الرئيس دونالد ترامب، وهو أمر ضروري لجعل خطط أوكسيدنتال قابلة للتطبيق. كما أن إصلاح الامتيازات الضريبية المعروف باسم “كيو 45” في العام الماضي، رفع عوائد التقاط ثاني أكسيد الكربون إلى 35 دولارا للطن، وهو ما يعزز جدوى جمعه واستخدامه في تطبيقات كثيرة لا تقتصر على الاستخلاص المعزز للنفط. وقالت هولوب إن تلك العوامل هي التي “جعلت من الممكن بالنسبة لأوكسيدنتال البدء في بناء هذه الاستراتيجية هنا في الولايات المتحدة”. ويوجد تشريع آخر يسمى قانون “الاستخدام” يتضمن مجموعة من التدابير الهادفة إلى تسريع بناء خطوط أنابيب ثاني أكسيد الكربون، والتي حظيت بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس. وتؤكد هولوب أن “الجمع بين تلك الحوافز يجعل المشروع اقتصاديا بالنسبة لأوكسيدنتال”. لكنها تضيف أن استخدام ثاني أكسيد الكربون المناسب للاستخلاص المعزز للنفط “لا يمكن أن يكون الحل التام” للتهديد المناخي. وتقول إن العالم ببساطة ليس لديه ما يكفي من المكامن النفطية المناسبة لجميع انبعاثات الاحتباس الحراري التي يصدرها.
مشاركة :