كلمة خادم الحرمين ترسم وطناً جديداً ومستقبلاً مشرقاً

  • 3/11/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا يمكن أن ترى الشعوب المتطلعة نفسها بمعزل عما يدور في فلك القيادات العليا، كما أنها لا يمكن أن ترى نفسها إلا متماهية مع قياداتها، خصوصاً في ما يتعلق بتطلعاتها إلى المستقبل، هذا المستقبل لم يعد رهين تنظيرات المنظرين أو استشراف المفكرين، المعزولة تماماً عما يدور داخل الفلك الإداري الذي تمثله السلطة العليا، الممتلكة لمفاتيح المستقبل أو على الأقل العارفة بأدواتها السرية لهذا المستقبل المنتظر. وعندما يبدأ الحديث عن المستقبل كما فعل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ليلة البارحة، فإن ثمة إرهاصات تتكون على مشارف المستقبل، لقد مثلت الكلمات الاستفتاحية لهذه الكلمة العتبة الأولى للدخول إلى المعنى الكبير الذي كان يرمي إليه خادم الحرمين، فالولوج دائماً بعبارات حميمة كالحب والإخلاص، يدفعنا للاقتراب قليلاً وإرهاف السمع والاستسلام لما سيأتي، لكنه لم يتعجل خادم الحرمين كعادته اقتطاف ثمرة كلمته، التي افتتحها مذكراً بالأسس التي شيدها المغفور له الملك عبدالعزيز لدولته الفتية، ومن أهمها الشريعة الإسلامية التي أصبحت أساساً يحكم كل مفاصل الدولة، وكانت المتصدرة دائماً لكل مستحدثات الوطن عبر مراحل نهضتها، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من رقي وأمن وازدهار، وأصبحت المملكة علامة فارقة في طبيعة نهضتها وخصوصيتها لا يشبهها في ذلك أحد. لذلك فإن خادم الحرمين الشريفين، لم يتخل في حديثه الموجه إلى المواطنين عن التذكير بسياسته التي لن تجافي بحال من الأحوال سياسة من سبقوه، مشيراً إلى عنصرين مهمين في زمن اهتزت فيه الأرض تحت فوضى الإرهاب الغاشم، وهما الأمن والاستقرار، إذ إنهما أساسان رئيسان للحمة التي يجب أن توجد بين أفراد الشعب وعناصره وأطيافه، ولكي يحتلا صفة الثبات والديمومة كانت كلمته تشير مباشرة إلى ضرورة العمل على تعزيز عنصرين آخرين لا يمكن أن تكتمل بنية الدولة بمعزل عنهما، هما ما أكد عليهما، ويتمثلان أولاً: في استكمال مواصلة البناء، ودفع عجلة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة، ثانياً: في تحقيق العدالة المستحقة لجميع المواطنين، وبهذا يضع بعض النقاط على الحروف. إذ إن العدالة الشاملة تستتبع إيجاد أدوات كفيلة بتحقيقها، كي لا تنحسر مقدرات الوطن في منطقة دون منطقة، وهذا ما أكدت عليه كلمته الغراء، في إلماحة ذكية إلى ما يمكن أن يتخذ قريباً من إجراءات كفيلة بتحقيق ذلك في إطار نظم الدولة وإجراءاتها. وكأنه يرسم بذلك نهجاً جديداً في إعادة خريطة العلاقات بين أفراد المجتمع، لتنتشله من ثيمة التمايز ببن أطيافه المختلفة، ليتوحد في قالب واحد وفق إجراءات نهضوية صارمة، تدمج الإنسان في عجلة تنموية لا ينظر فيها إلا إلى الإنجاز والعمل، ومن أجل تأكيد ذلك، كان من الأهمية بمكان إشراك الأدوات الفاعلة مباشرة في إنجاح هذا الاتجاه السياسي، وعلى رأسها وزارة الداخلية التي ستأخذ المعنى بحذافيره، وهي إلماحة ذكية أخرى لخادم الحرمين الشريفين المدرك بخبرته الواسعة والعميقة أن أي إنجاز جمعي لا يمكن أن يتم بعيداً عن أدوات الضبط والتحكم التي تمثلها وزارة الداخلية، وهذا ما يفسر أهمية توجيه خادم الحرمين الشريفين لوزير الداخلية للتأكيد على أمراء المناطق بفتح أبوابهم على مصراعيها للاستماع مباشرة من المواطنين، وهذا بدوره سيقضي على كل المنازعات والتعديات التي تحدث بين الناس وتحكمها القوة ويسيرها النفوذ عادة، ولا يمكن أن تفضي إلا بما هو أقوى وأمكن وأعدل وأحكم، وبذلك سيقضى على أهم المواجع التي كان يتقلب بها بعض المظلومين، وبها سيتحقق ما يخطط له خادم الحرمين من خلال خطط تنموية تبدأ في التعليم، وتمر على الاقتصاد، إذ أكد في كلمته أن المسؤولية اليوم في ظل المتغيرات الاقتصادية يجب أن يتقاسمها القطاع الخاص مع العام، من أجل إيجاد مواطن يعتمد في دخله على قدراته، وبذلك يمكن القضاء على معدلات البطالة، وحمّل الإعلام مسؤوليته كاملة، من خلال وضع سياسة مختلفة تتحمل الاختلاف وتبتعد عنه، وتمكن من سماع الصوت المختلف الذي من شأنه أن يفتح أفق التفكير على فضاءات إبداعية مختلفة، وهذا بحد ذاته سيقضي على كل الاحتقان الذي تنوء به القلوب، ويؤدي بدوره إلى تفكك المجتمع، ويسهم في وضع شباب الوطن على حافات الإرهاب. لم ينس أن يمرر في كلمته، ضرورة تسهيل حياة الناس من خلال الرفع من مستوى الخدمات المقدمة لهم، وهو ما كان المواطن إلى وقت ليس ببعيد يعاني من تدني مستوى الخدمات التي كانت تقدم له، وعلى رأسها الخدمات الصحية، فاليوم يضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خطوط نهجه السياسي العريضة، ويلقي الكرة في ملعب المسؤولين المباشرين عن تنفيذها، ونحن واثقون بأنهم لن يخذلوه، خصوصاً أن مما يعرف به متابعته الدقيقة والصارمة لكل ما يأمر به ويتولاه بعنايته. هذه الكلمة تعدنا بوطن جديد ومستقبل مشرق.

مشاركة :