على الرغم من اقتناع الكثيرين من جماهير مانشستر يونايتد بأن مسيرة الفريق لن تكون سهلة بعد رحيل المدرب الشهير أليكس فيرغسون عن منصبه، فإن القليلين هم من تخيلوا إمكانية مرور ثاني موسم على التوالي على النادي من دون نيل أي لقب أو اللعب في دوري أبطال أوروبا. وتعني الهزيمة 2/1 على أرضه أمام آرسنال مساء أول من أمس، والتي أطاحت بيونايتد من كأس الاتحاد الإنجليزي، أن الفريق بات أمام أطول مسيرة له من دون ألقاب منذ الأيام الأولى من حقبة فيرغسون التي حفلت بالكثير من الألقاب. وحافظ فيرغسون - الذي خلف رون اتكينسون في عام 1986 عقب فوز الأخير بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1985 - على منصبه بالكاد خلال أول أربع سنوات قاحلة له في قيادة الفريق، إلا أنه واصل مسيرته في منصبه عندما أنهى حالة القحط بالفوز باللقب المحلي عام 1990، وبعدها السيطرة المطلقة ليحرز 25 لقبا متنوعا مع الفريق. وبعد أن استعان يونايتد بالاسكوتلندي ديفيد مويز كخليفة لمواطنه فيرغسون لم يستطع الأول تكملة موسمه الأول، لتتم إقالته قبل 4 مباريات بعدما وضح أن الفريق سيغيب عن كل البطولات الأوروبية، وتولى رايان غيغز المسؤولية لفترة قصيرة، قبل أن يتم تسليم المهمة للهولندي لويس فان غال. وأدى الإنفاق الكثيف للمدرب الهولندي للقليل من التحسن مع مواصلة يونايتد الظهور بمشهد الفريق الضعيف خاصة على صعيد خط الدفاع، إضافة لمعاناته من حالة الافتقار للإبداع في خط الوسط وللقوة في خط الهجوم أمام منافسين يفتقرون للكثير من النواحي المهارية. وبعد أن حقق الفريق سلسلة من النتائج الجيدة بشكل متتال بفضل براعة حارسه الإسباني ديفيد دي خيا، دفع يونايتد ثمن الكثير من التصدعات في خط دفاعه بخسارته أمام ساوثهامبتون وسوانزي سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يودع منافسات كأس الاتحاد الإنجليزي بخسارة على ملعبه أمام آرسنال بهدايا من المدافعين. وعلى الرغم من تصدر يونايتد قائمة أندية الدوري الإنجليزي الأكثر إنفاقا في سوق الانتقالات الصيفية فإن الفريق أغفل المناطق التي كانت تحتاج إلى ترميم سريع، ووجه صفقاته نحو لاعبين في خط الوسط والهجوم على حساب الدفاع الذي انهار برحيل كل من ريو فريدناند ونيمانيا فيدتش وباتريس إيفرا. لكن ما يثير الاستغراب وقلق جماهير الفريق الأحمر هو تراجع مستوى العديد من نجومه الكبار تحت إدارة فان غال، وحالة الارتباك التي باتت تنتاب اللاعبين من خطط المدرب الهولندي المتغيرة من مباراة لأخرى وعدم ثباته على تشكيلة. وعلى الرغم من أنه لا يواجه أي مخاطر باقتفاء أثر مويز وانتهاء ارتباطه بالفريق فإن على فان غال أن يعود ثانية لإبرام تعاقدات على الرغم من أنه أبدى نوعا من الشجاعة في أعقاب عدم تصديقه قدرة داني ويلبيك اللاعب السابق ليونايتد على حسم النتيجة لصالح آرسنال. وكان داني ويلبيك، الذي باعه فان غال في الصيف، هو صاحب هدف الفوز بعد خطأ فادح من أنطونيو فالنسيا، ليعمق جراح المدرب الهولندي. وقال فان غال «لم نخسر أمامهم.. خسرنا بسبب مستوانا نحن، وهذا أمر في غاية الإحباط. اللاعبون يشعرون بخيبة أمل كبيرة.. يدركون أن الأمور كان يمكن أن تصبح مختلفة. الأمر يدعو للأسف لأننا عندما تأخرنا كان رد فعلنا فوريا وتعادلنا». وأضاف «فقدنا الكرة في منطقة لا يمكن فيها المجازفة بألعاب ساذجة، وهذا محبط. أعتقد أن أفضل لاعب في الفريق ارتكب خطأ كان حاسما، وهذه الأشياء تحدث». وكان فان غال اعتبر ويلبيك فائضا عن حاجة يونايتد عقب استقدام الكولومبي راداميل فالكاو البعيد عن مستواه في عقد إعارة قادما من موناكو. وقال فان غال عقب تسجيل ويلبيك هدف الفوز لآرسنال في الشوط الثاني «كانت مفاجأة أن يدفع به فينغر في هذا المكان بالتشكيلة الأساسية. كان من المتوقع أن يكون في غاية الحماسة أمام النادي الذي سبق أن لعب له. إلا أنني أعتقد أننا من سمحنا له بإحراز هذا الهدف في مرمانا». لكن على ما يبدو فإن ويلبيك قد عاقب بالفعل فان غال وفريقه السابق بتسجيل هدف الفوز الذي قاد آرسنال لبلوغ الدور قبل النهائي لكأس إنجلترا. وكان ناتشو مونريال وضع آرسنال في المقدمة في الدقيقة 25، لكن واين روني رد سريعا وأدرك التعادل بضربة رأس بعد أربع دقائق. وأنهى يونايتد الذي يقترب من الخروج من دون أي لقب للموسم الثاني على التوالي المواجهة بعشرة لاعبين بعد طرد أنخيل دي ماريا لجذبه الحكم من القميص بعدما أنذره بداعي تمثيل السقوط. وتوقف ويلبيك عن تسجيل الأهداف منذ تألقه في بداية الموسم مع آرسنال، لكن في ظهوره الأول في أولد ترافورد منذ انتقاله مقابل 16 مليون جنيه إسترليني (24.20 مليون دولار) قدم أهم لحظات المباراة بمساعدة من فالنسيا. وبدا أنه لا توجد خطورة في كرة عالية للأمام، لكن فيل غونز اختار تمريرها بالصدر إلى فالنسيا فقام الأخير بتمريرها للخلف ضعيفة باتجاه الحارس ديفيد دي خيا لينقض عليها ويلبيك ويضعها في الشباك مسجلا هدفه الثالث فقط مع آرسنال منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وعلى الرغم من إظهار دي ماريا صاحب صفقة التعاقد القياسية البريطانية ومضات من تألقه، مثل تلك التي أرسل فيها كرة عرضية دقيقة لرأس واين روني ليسجل منها هدف التعادل، فإن أول موسم للنجم الأرجنتيني على صعيد الكرة الإنجليزية بدا في غاية السوء حيث ظهر اللاعب كسمكة خرجت من الماء خلال أغلب الوقت. وحصل دي ماريا على إنذار بسبب ادعائه السقوط، ثم طرد بسبب شده قميص الحكم مايكل أوليفر، ولم يجد فان غال أي عذر لجناحه الأرجنتيني وتصرفه المفاجئ والذي يصعب القبول به في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقال فان غال «أعرف بالطبع ويعرف أنخيل دي ماريا أيضا أنه يجب ألا يتم لمس الحكم، لذا فإن هذا التصرف لا يعد ذكيا منه. إلا أن السيطرة على المشاعر ليست سهلة في مباراة مثل تلك». من جهته، قال آرسين فينغر، مدرب آرسنال الذي اعترف قبل المباراة بأنه لا يزال متأثرا بالخسارة أمام يونايتد في قبل نهائي الكأس عام 1999 «كان علينا بدء المباراة بلا قلق واللعب بسرعة عالية وفعلنا ذلك جيدا». وأضاف «داني ويلبيك.. أنا مقتنع بأنه سعيد من أجل التسجيل. بذل جهدا كبيرا واستحق الهدف». وهذا أول انتصار يحققه آرسنال في كأس الاتحاد الإنجليزي على يونايتد منذ نهائي 2005 وفوزه الأول على منافسه بجميع المسابقات منذ مايو (أيار) 2011. وفي ظل ما يبدو من انحصار المنافسة بين تشيلسي ومانشستر سيتي على لقب الدوري الممتاز فإنه ليس أمام يونايتد سوى أن ينهي ضمن الأربعة الأوائل. وسيواجه يونايتد كل منافسيه المباشرين على أرضه بشكل متتال، وهو ما سيشعر فان غال بحجم الضغط في الفترة المقبلة. ومع انتظاره مواجهة ريدينغ فريق الدرجة الثانية أو برادفورد سيتي المنتمي للدرجة الثالثة في الدور قبل النهائي باستاد ويمبلي الشهر المقبل، أصبح آرسنال المرشح الأقوى لإحراز لقبه الـ12 في كأس الاتحاد الإنجليزي. وستكون المواجهة الأخرى في قبل النهائي بين أستون فيلا والفائز من بين ليفربول وبلاكبيرن روفرز.
مشاركة :