تكثر الحكايات والروايات في شوارع وأزقة مدينة حقل شمال السعودية، وتزاد هذه القصص وهجا وبحثا في أدق التفاصيل، لحظة توافد الزوار على المدينة لمعرفة أصل حكاية السفينة القابعة على شاطئ بئر الماشي، والطائرة المهجورة في رأس الشيخ حميد. ومنذ لحظة دخول السائح للمدينة التي تحتضن كثيرا من المعالم السياحية، فإن الطائرة المهجورة التي يتجاوز عمرها 57 عاما بحسب الروايات، والسفينة النائمة على شاطئ بئر الماشي لأكثر من 38 عاما، هي أحد أهم الوجهات للزائرين، إما بالغطس ودخول أعماق السفينة، أو التقاط الصور التذكارية مع الطائرة. تقول الروايات الرسمية، إن تاريخ السفينة القابعة على شاطئ بئر الماشي منذ عام 1978 وتبعد قرابة 45 كيلومترا عن حقل، تعود لشركة يونانية، كانت عابرة في المياه الإقليمية السعودية محملة بـ«الدقيق» متجهة نحو الأردن إلا أنها جنحت صوب الشعاب المرجانية التي أحدثت بها فجوة تسببت في غرقها. بينما تعود تفاصيل الطائرة لعام 1959، عندما حطت طائرة برمائية أجنبية في البحر عند شاطئ رأس الشيخ حميد على متنها 4 أشخاص في حين ذهبت بعض الروايات إلى أكثر من 20 شخصا، وذلك على أثر خلل فني أصاب الطائرة وأجبرها على الهبوط ولم تستخدم منذ ذلك العام لتصبح فيما بعد معلما سياحيا للمدينة. يقول ناصر الخريصي مدير فرع السياحة والآثار في منطقة تبوك، إن السفينة أصبحت معلما مميزا على شاطئ بئر الماشي وتم إدراجها ضمن المواقع التي ينصح بزيارتها على المسار السياحي المعتمد لمحافظة حقل. وهو يعد أحد أهم المسارات السياحية بمنطقة تبوك، لما تملكه المحافظة من مقومات طبيعية وتاريخية وتراثية مميزة سواء أكانت على شواطئها الساحلية الخلابة أو ظهرها الجغرافي ذي التضاريس والمعالم المميزة في منطقة الزيتة وعلقان وجبل اللوز وكذلك مناخها المتباين، مما يؤهلها للزيارة طوال العام. ولفت الخريصي، إلى وجود مشاريع تنموية سياحية يتم العمل على تنفيذها مع أمانة المنطقة وبلدية المحافظة تحت مظلة مجلس التنمية السياحية وإشراف لجنة التنمية السياحية بمحافظة حقل تهدف إلى توفير المزيد من الخدمات السياحية ورفع جودة الخدمات المقدمة مثل مشروع المدينة الساحلية التي يجري العمل على توفير بنيتها التحتية لتوفر فرص استثمارية قادرة على جذب الاستثمارات السياحية المتنوعة. وعن تاريخ السفينة، قال الخريصي، إن السفينة تقع بالتحديد على شاطئ بئر الماشي جنوب مدينة حقل وعلى بعد قرابة 45 كيلومترا، وتاريخها، بسحب المعلومات المتوفرة لدى الجهات المعنية، يعود إلى أكثر من 38 عاما، إذ كانت الباخرة اليونانية «جورجوس» محملة بالطحين ومتجهة لميناء العقبة الأردني، وجنحت على الشعاب المرجانية على الساحل السعودي بالقرب من مركز بئر الماشي، بعد أن حدثت فجوة في أسفل مقدمتها أدت إلى دخول ماء البحر إليها. وأضاف مدير السياحة في تبوك، أنه في تلك الفترة تعذر على الشركة المالكة سحبها لإصلاحها وأعلنت عن بيعها في موقعها، واشتراها أحد رجال الأعمال في محافظة حقل، ومن ثم عمد رجل الأعمال على بيعها مرة أخرى إلى أحد المستثمرين الذي كلف فنيين من قبله لمحاولة تشغيل مكيناتها لتحريكها. واستطرد الخريصي، وأثناء محاولة الفنيين إصلاحها وإعادتها إلى ما كانت عليه في السابق، اشتعلت النار في كل محتويات السفينة، ولم يتمكن حينها المنقذون من إطفاء النار المشتعلة في السفينة، وانتشرت النار في كل ما هو قابل للاشتعال من أسفلها إلى أعلاها مما تسبب في تدميرها بشكل كبير، في حين تناثرت كميات الدقيق التي كانت بمستودع السفينة على البحر، الذي أسهم في جلب كميات كبيرة من الأسماك التي أصبحت تؤدي إلى السفينة. وبالعودة للطائرة المجهولة، تشير الروايات إلى أنه ومنذ لحظة هبوطها أرسل ملاحوها نداء استغاثة لقاعدتها، إلا أنه تعذر الوصول إليها بحكم هبوطها على الأراضي السعودية، وقدمت الجهات المعنية في تبوك في تلك الحقبة المساعدة لكل منهم على متن الطائرة، وجرى نقلهم إلى المدينة (أي حقل) ومن ثم إلى بلادهم بحسب الروايات في هذا الجانب، وظلت الطائرة على هيأتها حتى يومنا هذا، ودفع وجودها بالقرب من الشاطئ الكثير من الزوار إلى التحقق من الروايات والتقاط الصور معها. وهنا قال طلال البلوي من سكان المنطقة، إن السفينة يرتادها الكثير من الزوار القادمين من خارج المدينة، حيث كثر الحديث عنها وعن تاريخها وما كانت تحمله من كميات كبيرة من القمح، ويعمد الكثير من الزوار إلى تسلق السفينة والقفز من أعلى موقع بها، وهناك من يغوص بين جنباتها بحثا عن أثر ما يمكن الاحتفاظ به. وأردف البلوي، أنه في آخر زيارة إلى موقع الطائرة، تمكن من الصعود إليها، ورصد بعض المعالم بها، رغم تأثر شكلها الخارجي بفعل السنوات التي قضتها على الشاطئ، فإن زيت محركاتها بقي على حاله ولم يتغير، وهذا ما جعل كثير من المهتمين بالطائرات والتراث في آن واحد أن يبحث عن تاريخ صنع هذه الطائرة إذ تشير من مظهرها العام إلى أنها صنعت في الستينات من القرن الماضي.
مشاركة :