السودان .. حبوبتي كنداكة قصة تتصدر الحراك الشعبي

  • 4/10/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اجتذبت صور ومقاطع فيديو لمتظاهرات سودانيات وخصوصا لامرأة تغني فوق سيارة أنظار العالم. DW عربية حاورت سودانيات عن دور المرأة في الحياة السياسة والحراك الشعبي الذي تشهده البلاد حاليا. امرأة سودانية بزي تقليدي أبيض تقف على سقف سيارة وتلقي الشعر وتحس المتظاهرين على "الثورة"؛ مشهد كافي لجذب أنظار الملايين ليس فقط لما تشهده السودان حاليا من حراك سياسي، وإنما أيضا لمحاولة التعرف عن قرب على الدور الذي تلعبه المرأة في الحياة السياسية في السودان. "كنداكة" تشارك في التظاهرات تداول مستخدموا مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع فيديو وصور لفتيات ونساء سودانيات أثناء مشاركاتهن في التظاهرات الحاشدة التي تشهدها السودان ضد النظام السياسي الحاكم في السودان. ولعل المقطع الأكثر تداولا هو الخاص بالمرأة ذات الزي الأبيض التي تلقي أبيات من الشعر، ليرد المتظاهرون عليها هاتفين "ثورة". ويتم وصف هذه المرأة السودانية من جانب العديدين على مواقع التواصل بـ "حبوبتي كنداكة"، حيث استخدمت ذات التعبير للإشارة إلى المُتظاهرات. وتتوالى مقاطع الفيديو والصور التي يظهر من خلالها حجم المشاركة الكبيرة للمرأة السودانية في التظاهرات وما تضيفه إلى الحراك الحالي التي تشهده السودان. وما أن بدأ مصطلح "كنداكة" في الظهور واستخدامه من جانب السودانيين للإشارة إلى المُشاركات من الفتيات والنساء في التظاهرات، حتى تساءل الكثيرون عن معناه. وشرحت المصورة السودانية هند مكي، عبر حسابها على موقع تويتر، المقصود بالكنداكة قائلة: "هي الملكة النوبية في السودان قديما والتي تركت لأحفادها تاريخ نساء حاربن بقوة دفاعا عن بلدهن وحقوقهن". كما أشارت هند إلى الزي الأبيض باعتباره تشبها بالمتظاهرات في السودان خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، هذا بالإضافة إلى ارتداء المرأة العاملة في السودان له.   DW عربية حاورت هالة فقير، الناشطة السودانية وواحدة من الحريصات على المشاركة في الحراك السياسي التي تشهده السودان حاليا لتقول: "الحراك الأخير قلب الكثير من الموازين حيث اعتدنا على أن المشاركين في أي تظاهرات أو نشاط سياسي في العادة هم أسماء ووجوه معروفة، ولكن منذ ديسمبر الماضي تشهد السودان حراكا واسعا ضد النظام الحاكم بمشاركة فئات مختلفة من المجتمع بما فيهم النساء". وتضيف هالة: "استطاع النظام خلال الثلاثين عاما الماضية إقصاء المرأة من المجال العام، لكن هذا بدأ يذوب تدريجيا خلال الشهور الأخيرة حيث لم يعد من المُعيب لدى عدد كبير من الأُسر السودانية أن تشارك بناتها ونسائها في التظاهرات، حتى على المستوى الشخصي في نطاق أسرتي". وتصف الكاتبة الصحفية السودانية درة مختار، في حوار مع DW عربية ما تعاني منه المرأة السودانية من إقصاء بـ "مقاومة خفية" من جانب الدولة والمجتمع لإبعادها عن الحياة السياسية موضحة: "يمكن لعب الدور الإقصائي للمرأة داخل الكيانات السياسية مثل الأحزاب السياسية، لكن عند الحديث عن تظاهرات ضخمة أو كبيرة، فمن الصعب السيطرة في هذه الحالة على مشاركة النساء فيها". موقف المرأة ضد النظام "شخصي" وتعتبر الكاتبة الصحفية درة مختار أن نساء السودان هن المتضرر الأكبر في المجتمع حيث يتعرضن طوال الوقت للإيذاء الجسدي والمعنوي، وتقول: "تتعرض المرأة السودانية للتحرش بها عند خروجها للعمل سعيا وراء لقمة العيش، ويتم اتهامهن عبر منابر بعض رجال الدين بالانحراف واعتبار تجاوزهن اخلاقيا سبب وراء سوء حال المجتمع". فيما تعتبر الناشطة السودانية هالة فقير قضية المرأة السودانية مع النظام الحاكم "شخصية" لمعاناتها بسبب العديد من القوانين والقواعد، التي تصفها "غير المنصفة" حيث تقول: "تحد القوانين من حرية المرأة في السودان، فهناك على سبيل المثال القوانين المتعلقة بالزي الفاضح حيث يُترك لرجل الشرطة مسؤولية تقرير فتح بلاغ ضد المرأة أو لا دون وجود أي معيار واضح لذلك". كانت الشرطة السودانية قد أوقفت العام الماضي مطربة سودانية بتهمة "ارتداء زي فاضح" بعد تداول صورا لها أثناء ارتدائها "بنطلون"، حيث ينص القانون السوداني على أن "من يأتي في مكان عام فعلا أو سلوكا فاضحا أو مخلا بالآداب العامة أو يتزين بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا". الجلد للمتظاهرات! وأصدرت محكمة الطوارئ في السودان، الشهر الماضي، حكما بالجلد والغرامة على تسع فتيات بعد مشاركتهن في التظاهرات ضد النظام السوداني، ليتم إلغاء الحكم فيما بعد من قبل محكمة الاستئناف.  وتعتبر الكاتبة الصحفية درة مختار الحكم بجلد المتظاهرات إشارة مباشرة إلى محاولات النظام السوداني تحجيم مشاركة النساء في الحراك الحالي ضده قائلة: "يظهر مفهوم المقاومة الاجتماعية للنساء فيما تمارسه الأجهزة الأمنية من قمع وعنف ضد المتظاهرات، كما رأينا ببعض مقاطع الفيديو، حتى أن بعضهن مازال يتعافى مما لحق بهن من إصابات شديدة".  وأطلقت مجموعة من الناشطات السودانيات العام الماضي مبادرة تحمل اسم "لا لقهر النساء"، في إشارة إلى اللاتي تم إلقاء القبض على بعضهن ثم الإفراج عنهن مؤخرا بعد إصدار الرئيس السوداني عمرو البشير قرار بالإفراج عن المعتقلات. كما شهدت العاصمة السودانية، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة"، دعوات نقابية بالمشاركة في تظاهرات ومسيرات تحت شعار "إحياء نضالات المرأة السودانية". من جانبها تقول الناشطة السودانية هالة فقير: "واحدة من المجالات التي انهارت في السودان بسبب الحزب الحاكم هو العمل النقابي، والذي يحاول منذ بضعة سنوات العودة للحياة، وظهرت كيانات موازية للنقابات خوفا من الاختراق الأمني لها، وتلعب المرأة دورا كبيرا فيها حيث لا تقتصر عضوية هذه الكيانات الموازية على الرجال فقط". دور المرأة السودانية قديم وتذكر الكاتبة الصحفية السودانية درة مختار عدة أمثلة على نجاح نساء سودانيات بالعمل العام، "بالرغم من احتكار الذكور له"، مثل فاطمة أحمد إبراهيم: وهي من أولى النساء اللاتي حصلن على عضوية البرلمان في العالم العربي، وهالة عبدالحليم: أول امرأة ترأس حزب سياسي في السودان، وولاء صالح: أول فتاة ترأس اتحاد الطلاب بجامعة الخرطوم. وترى الناشطة السودانية هالة فقير، في حوارها مع DW عربية، أن النظام السياسي قام بتقييد دخول المرأة في العمل السياسي من خلال محاولة إلصاق تهمة "الإنحراف الأخلاقي" بكل من تعمل بالمجال العام، بالإضافة إلى الخوف من مخاطر التحرش والاعتقال. وتقول الناشطة السودانية: "تاريخيا لم يكن هناك عقدة وخجل من المرأة وكان هناك تغني ببطولات الملكات القديمات وتحتفي القبائل السودانية حتى يومنا هذا بجداتهن اللاتي حاربن قديما، حتى أن هناك أغنية قديمة تحمل اسم كنداكة". دينا البسنلي

مشاركة :