الدراما والسينما الإماراتية إبداع يعزز التسامح

  • 4/10/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعزز الفن الإماراتي التواصل بين الشعوب والثقافات، ومن خلال الاستوديوهات ومحطات التلفزيون والجهات الفنية الإنتاجية التي تم تأسيسها في الدولة خرجت إلى النور العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية التي عززت مفهوم التسامح ونبذ التطرف والعنف، ولعبت هذه الأعمال الفنية دوراً مهماً باعتبارها نافذة للتسامح. «استوديوهات عجمان تقدم».. عبارة لطالما تصدرت أنجح الأعمال الدرامية التي عرضت في فترة الثمانينيات، ولا تزال محفورة في ذاكرة المشاهد العربي في كل مكان حتى وقتنا هذا، والتي افتتحها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رسمياً في مارس 1980، وكانت تعتبر من أحدث الاستوديوهات من حيث الجوانب التقنية والفنية، وكانت واحدة من التجارب الإعلامية الرائدة ليس على مستوى الإمارات فقط، وإنما على مستوى المنطقة العربية، حيث أنتجت العديد من المسلسلات الخليجية والعربية، وتم تصوير الكثير من الأعمال الفنية العربية من أبرزها الجزء الأول من المسلسل الشهير «الشهد والدموع»، حتى أصبحت الإمارات قبلة الفنانين العرب عامة والمصريين خاصة، ومركزاً للتعايش السلمي بين جميع جنسيات العالم، حيث أعطى هذا التعاون الفني المجال لصناع الدراما من ممثلين ومخرجين ومنتجين من جميع أنحاء الوطن العربي للاشتراك في أعمال فنية محلية، بل والعيش على أرض الإمارات، باعتبارها موطنهم الثاني. أرض خصبة ومع التطور الكبير الذي شهدته الإمارات من الناحية الفنية، لم تكتفِ فقط بإنتاج الدراما المحلية، إنما فتحت ذراعيها للمنتجين والمخرجين والممثلين العرب والعالميين، لتتحول الإمارات إلى أرض فنية خصبة، يستفيد من إمكاناتها كافة صناع الدراما والسينما من مختلف أنحاء العالم، فمنهم من شارك في أعمال محلية، وآخرون انتجوا أعمالهم داخل الإمارات تحت مفهوم التسامح والتعايش على أرض الوطن، وكرست بعض الجهات المعنية بالإنتاج الفني اهتمامها لتكريس مفهوم التعايش والتسامح داخل الإمارات، فكانت «أبوظبي للإعلام» المنصة الأهم والأبرز حيث أنتجت عدداً من أعمال الدراما الإماراتية التي عكست حالة التنوع التي شهدها مجتمع الإمارات مبكراً، كما شارك في بطولة أعمالها عدد كبير من الفنانين العرب والخليجيين، إلى جانب توليها إنتاج أعمال عربية أخرى، ومن أبرز الأعمال التي أنتجتها «أبوظبي للإعلام» في الفترة الأخيرة، ورسخت مفهوم التسامح والتعايش السلمي، مسلسل «البشارة» الذي لعب بطولته جابر نغموش وأحمد صالح والذي دارت أحداثه حول عائلة إماراتية، تعيش مع أقاربهم المختلفين في جنسياتهم وثقافاتهم وآرائهم، بسبب تعدد زيجات الأب، لكنهم يعيشون جميعاً في بيت واحد، حيث التعايش السلمي وتقبل الآخر. تسامح ومحبة كما قدم مسلسل «المهلب بن أبي صفرة» رسالة تسامح ومحبة، وتم عرضه على قناة «أبوظبي»، إذ حمل العمل العديد من الرسائل، أهمها نبذ العنف والتطرف، وتأكيد المؤاخاة بين الناس وقبول الآخر، والمناداة بالسلام والمحبة، عبر دراما تاريخية غير تقليدية، ثم يأتي مسلسل «جمرة غضى» الذي شارك في بطولته نخبة من نجوم الإمارات في عالم الدراما، وأخرجه السوري عارف الطويل، لتدور أحداثه حول ألم الطعنة عندما تأتي من القريب، وعندما يفكر الإنسان بالانتقام، وهل يستمر في الانتقام أم يتناسى ما حدث ويكون التسامح عنوانه. وجهة عالمية وجذبت الإمارات صناع الدراما والسينما العالميين والعرب، من خلال هيئة المنطقة الإعلامية الحرة في أبوظبي «twofour54» التي استطاعت أن تجتذب كثيراً من صناع الأعمال الدرامية للاستفادة مما لديها من إمكانات عصرية متطورة، وما تقدمه من تسهيلات ودعم متنوع، حيث وفرت بيئة متميزة للإبداع والإنتاج الفني والدرامي بما لديها من إمكانات متطورة، ومنها «العاصوف» و«حارة الشيخ»، كما استفاد من التسهيلات ومناطق التصوير نخبة من صناع السينما من هوليوود وبوليوود الذين اتخذوا من الإمارات مكاناً رئيساً لتصوير أفلامهم السينمائية، بالتعاون من جهتين فنيتين رئيستين هما «twofour54» أبوظبي، ولجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، من أبرزها «مهمة مستحيلة» لتوم كروز، و«ستار تريك» و«هابي نيو ير» لشاروخان و«كونج فو يوجا» لجاكي شان و«آله الحرب» لبراد بيت، و«السرعة والغضب» الجزء السابع، و«حرب النجوم»، فهذه التعاونات والتسهيلات الفنية، وحسن الاستقبال والضيافة، وتوفير كل ما يلزم لمتابعات عملية التصوير والإنتاج، كانت من شأنها تعزيز مكانة الإمارات عالمياً لتكون منارة مشرقة تشع منها قيمها الحضارية المستمدة من التعاليم الإسلامية السمحة والعادات العربية النبيلة وإرث زايد الخير القائم على التزام مكارم الأخلاق في التعامل مع الناس أجمعين. تعايش نموذجي وكرست بعض الأعمال الفنية السينمائية مفهوم التسامح، حيث حرص بعض المخرجين والمنتجين الإماراتيين على تقديم أفلام تعزز مفهوم التسامح والتعايش للأجيال الجديدة، ومن أبرزهم المخرج والمنتج أحمد زين الذي أخرج منذ فترة فيلما بعنوان «ليزا» يبرز أهمية التسامح والتعايش النموذجي بين فئات المجتمع الإماراتي الذي يضم أكثر من 200 جنسية من دول العالم ينعمون بالأمن والأمان والاستقرار ويعيشون حياة رغدة هانئة تحترم العادات والتقاليد والمعتقدات في بيئة أصبحت يضرب بها المثل في كل بقاع العالم، حيث تدور أحداثه حول «ليزا»، فتاة بريطانية تدرس في السنة الأخيرة في جامعة نيويورك بأبوظبي، تخصص إعلام، عرضت عليها المدرسة فكرة تصوير فيلم غير روائي عن أسرة إماراتية تعيش في العين، مكونة من ابنيها البدينين، وخلال تصوير الفيلم تكتشف الطالبة طيبة هذه الأسرة، وكرم وأخلاقها، واحترامها لفكرة التعايش مع الجنسيات الأخرى في الإمارات. كما قدم زين مؤخراً فيلم «العم ناجي في الإمارات» الذي يبرز مفهوم التسامح والتعايش مع الآخر على أرض الإمارات، من خلال شخصية «العم ناجي»، الشاب اليمني الذي يعيش على أرض الإمارات، ولديه أصدقاء إماراتيون، حيث يعيشون جميعاً بحب ومودة، ويقفون بجانب بعضهم بعضاً في الأزمات والمحن. وعن أهمية ترسيخ مفهوم التسامح من خلال الأعمال الدرامية والسينمائية، قال أحمد زين: عمدت الأعمال الفنية في الإمارات منذ زمن على ترسيخ مفهوم التسامح، كما تعد مشاركة مجموعة من رواد الفن من الخارج بأعمالهم الفنية فرصة لإيصال المفهوم الأصيل للثقافة والفن في الإمارات، حيث تسهم تلك الأعمال والمشاركات الفنية في خلق صورة إيجابية عن الدولة والمنطقة، وتعطي التأثير على المدى البعيد، مؤكدة الوجه السمح للدولة أمام ثقافات العالم، فالفنون هي حلقة وصل بين الحضارات والثقافات المختلفة، لأنها تتكلم لغة عالمية مشتركة، وتحمل رسالة سامية تصور إبداع الخلق، وهي بذلك تعزز روح التسامح بين البشر، والتي ترتكز إلى الاعتقاد الجازم أن البشرية أسرة واحدة تتشارك التراث نفسه. ترابط وتآلف المخرج والمنتج منصور الفيلي شارك مؤخراً في بطولة فيلم «شباب شياب» الذي يبرز ضمن أحداثه مفهوم التسامح والتعايش مع الآخر، من خلال مجموعة من كبار المواطنين من مختلف أنحاء العالم العربي، والذين جسدهم سعد الفرج من الكويت وسلوم حداد من سوريا ومرعي الحليان والفيلي نفسه من الإمارات، حيث حمل الفيلم العديد من الرسائل عن التسامح والتعايش مع الجنسيات والديانات الأخرى، حول مسامحة الأب لابنه، والوقوف إلى جانب الصديق في وقت الشدائد، والتأقلم والتعايش مع الآخر، مع اختلاف الثقافات والجنسيات، وتعايشهم جميعاً في حب وأمن واستقرار على أرض الإمارات. وأكد الفيلي أن الإمارات النموذج الأبرز في الترابط والتآلف والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع على اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم، فهي أصبحت منارة للتسامح والتعايش في جميع المجالات، ويأتي الفن كأحد المجالات الرئيسية، بحكم أننا نستطيع من خلاله أن نعبر عن رأينا ويكشف طريقة تفكيرنا ويوضح للمجتمع الآخر ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، كما أنه لغة توصل الآراء والأفكار. وقال إن احتضان الإمارات للكثير من الفنانين الخليجيين والعرب نوع من أنواع التسامح، حيث تعمل الجهات المعنية لتوفير كل سبل الراحة وعمليات الإنتاج الخاصة لتنفيذ أعمالهم في بيئة تتميز بالاستقرار والأمن والأمان، حتى أصبحت الإمارات وجهة عالمية رائدة للحياة الكريمة والارتقاء بالفكر الإنساني والحضاري، ووجهة مثالية لصناع السينما العربية والعالمية. محبة وسلام من جهته، أكد الفنان والمنتج أحمد الجسمي أن التسامح والتآزر معروف منذ القدم في المجتمع الإماراتي، عبر عديد من المظاهر التي نرصدها بوضوح في العادات والتقاليد الإماراتية القديمة في الأعمال الدرامية، التي قدمت صوراً وأشكالاً مختلفة من التسامح والتآلف والتعايش مع الآخر، متذكراً ما قدمه المسلسل الإماراتي «عجيب غريب» الذي تحدث عن مجموعة من الجيران متعددي الجنسيات، وإعادة توليفهم في قالب كوميدي ليعيشوا كأسرة واحدة، ورغم المشكلات الكثيرة التي تحدث بينهم، إلا أن التسامح يكون عنوانهم في النهاية، خصوصاً أنهم يعيشون جميعاً على أرض التسامح والمحبة والسلام، الإمارات، إلى جانب مسلسلي «عام الجمر» الذي عرض على شبكة تلفزيون أبوظبي وشارك فيه نخبة من نجوم الدراما الإماراتية والخليجية، و«مالكا قلبي» الذي أبرز مفهوم التسامح بأشكال متنوعة، من خلال 3 حكايات، الأولى محلية والثانية عربية والأخيرة خليجية، حول تعدد الجنسيات على أرض الإمارات وكيفية التعايش مع الآخر. وقال الجسمي: الدراما لها أهدافها الكبيرة والنيرة، لذلك فإن للتسامح وتقبل الآخر والاهتمام بقضايا المجتمع قيما كبيرة يجب ألا تنفصل عنها الدراما، خصوصاً أنها مرآة الواقع، والمنصة الأهم لإيصال الرسائل وتقبل أفكار الآخرين، وقد ساهمت الدراما الإماراتية في ذلك، بتقديم كل ما يهم المجتمع الإماراتي والخليجي، وأبرزت من خلال قصصها المتنوعة العديد من المفاهيم والقيم، التي تؤكد أن الإمارات منبع الخير والسعادة والعطاء. مربية بريطانية لأبناء أسرة إماراتية فيلم «ناني».. فكرة الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، وإخراج البريطاني بول جيمس دريسكول، حصل على العديد من الجوائز، وشارك في العديد من المهرجانات العالمية، ولعب بطولته أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي عبد العزيز الجسمي المشهور بـ «بن باز»، والموسيقي والمغني عمارة بومبينو، إلى جانب الأبطال الرئيسين، وهم بدرية الحسني، ومحمد الحمادي والأطفال عبد الله وآمنة وعيسى ومهرة. وأبرز الفيلم مفهوم التسامح والتعايش مع الآخر، خصوصاً للأجيال الجديدة، فعبر 80 دقيقة، قدم فيلم «ناني» تجربة أسرة إماراتية في أبوظبي تستعين بمربية بريطانية بشكل مؤقت لتساعدها على ترتيب برنامج الدراسة والأنشطة اليومية الخاص بأطفالها الستة، وهو ما يؤدي إلى تجاذب وتنافر بين المربية والأطفال، خاصة عند تغيير عاداتهم اليومية، ويكشف الفيلم عن تفاصيل العلاقات وطبيعة الحياة والتفاعل بين ثقافات مختلفة عدة داخل بيت واحد، ومدى تقبل الأسرة الإماراتية لثقافة الآخر، وحرصها على التزام المربيات البريطانيات بالعادات والتقاليد الإماراتية والإسلامية في قواعد تربية الأبناء، ومدى تكيف وتأقلم المربية البريطانية مع عملها وبيئتها الجديدة. وحول توليه إخراج الفيلم، قال المخرج بول جيمس: يهدف الفيلم الوثائقي «ناني» إلى تقديم تجربة فريدة من خلال تسليط الضوء على حياة المربيات الغربيات العاملات في الشرق الأوسط، حيث رغبت في إخراجه؛ لأنني شعرت بأن في مضمونه العديد من القصص الشائقة، إلى جانب الحكايات الجذابة والساحرة التي تعد فرصة للمشاهدين في الغرب أن يشاهدوا عائلة إماراتية حقيقية، ويتعرفوا إلى ثقافاتهم عبر تجارب «جولي» المربية، كاشفاً عن أن توثيق الحياة الحقيقية لأسرة إماراتية لجمهور دولي أمر لم يحدث من قبل عبر الشاشة الذهبية، فقدم الفيلم بشكل صادق ومنفتح وشائق عن المربية والثقافة الإماراتية، وكشف بشكل موثق الفروق الاجتماعية والثقافية لشخصيات من جنسيات متعددة، مثل إندونيسيا والفلبين والإمارات والهند وباكستان وبريطانيا، مع وجود اختلافات في مكانتها الاجتماعية وطرق حياتها.

مشاركة :