كيف تكون وظيفة «المعلم» جذابة؟

  • 4/11/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

من أبسط عناصر المعادلات الصعبة أن يتفق الجميع على أن تطوير المعلم هو أحد أهم ركائز تطوير التعليم، وأن وظيفة المعلم في المدرسة لا بد أن تكون جذابة للخريجين الجامعيين المتميزين والمتفوقين، ليقوموا بتدريس أبنائنا وبناتنا للأجيال الحالية والقادمة، ونخرج أجيالا متفوقة ومبدعة، وهذا أهم عناصر تطوير التعليم، طبعا بالإضافة إلى العناصر المهمة الأخرى. السؤال: كيف تكون وظيفة «التعليم» جذابة؟ سؤال يأتي خلفه إجابات كثيرة. خريجو الجامعات كانوا يستهدفون التفوق والدرجات العليا عندما كانوا في المرحلة الثانوية ليحصلوا على قبول في كليات الطب، ومن لا يستطع فيستهدف الصيدلة، وهناك من يستهدف الهندسة، ومن لا يستطع يستهدف الإدارة والاقتصاد والتسويق والإعلام وتخصصات أخرى بنفس المستويات، ويأتي بعد ذلك الخيار الأخير أن يتقدم لكليات التربية التي تخرج المعلمين. لن ينجذب المتفوقون لكليات التربية بفروعها ما لم تكن وظيفة «التعليم» مرموقة وذات راتب عال وقابل للزيادات الكثيرة، وما لم تكن الوظيفة تحظى بالتطوير المستمر، وتكون وظيفة المعلم مفتاح للريادة والإبداع حيث تفتح لها مجالات التوسع الفكري والتطوير الوظيفي. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تحظى الوظيفة بالوجاهة الاجتماعية، ويقدم المعلم في المناسبات على مستوى منطقته على أنه مرب للأجيال وعضو فاعل بمساهماته في التنمية والعلم والمعرفة. هذا ليس طلبا لتحميل الدولة أعباء مالية ورواتب ضخمة لنصف مليون معلم ومعلمة، بل الموضوع أكبر من ذلك بكثير. الموضوع تطوير منظومة متكاملة وأنظمة، وجعل المدارس مكانا للابتكار والإبداع وبناء للعقل البشري الذي تستطيع المملكة من خلاله منافسة الدول المتقدمة. المتابع لمنظومات الأعمال المتطورة ونماذج بناء الدول المتقدمة يعلم جيدا أهمية البحوث والتطوير ومراكز الدراسات، والتي تتخطى تريليون وستمئة مليون دولار سنويا، فالدول لا تسخر هذه الأموال للتجارب فقط، بل هي استثمارات ينتظر منها أن تعود بالفوائد المالية والمنافسات العالمية. قبل ذلك، عمدت الدول المتقدمة إلى تطوير تعليمها ومناهجها ومعلميها، وهذا من أساسيات وشروط الدخول إلى عالم الابتكار والتكنولوجيا. تطوير التعليم دائما يبدأ من المراحل الأولية مستمرا إلى المراحل الجامعية. كتبت الأسبوع الماضي عن المعلم والمعلمة في المدارس الأهلية، والذين يتم توظيفهم برواتب متدنية ويعانون من التطفيش ويشغلونهم بتحصيل الرسوم في العطلات. وصلت رواتبهم إلى أقل من 2500 ريال شهريا، ويقابله رفع في رسوم الدراسة، والهدف فقط زيادة الربحية للمستثمر. هذا وصف عام على قطاع المدارس الأهلية وله بعض الاستثناءات، ونتائج اختبارات مستوى الطلبة للقدرات العامة والتحصيلي خير دليل. عندما ندرس أبناءنا وبناتنا في المدارس الأهلية، فنحن نستهدف رفع المهارات التعليمية والشخصية، ولكن هذا لن يحصل في ظل إحساس المعلم بالظلم من قبل صاحب المدرسة وإداراته. هذا القطاع بحاجة لتنظيف كامل وشامل ولا يبقى به إلا المدارس التي تقدم فوائد للطلبة والبلد. وكتبت في مقال الأسبوع الماضي عن منافسة هذه المدارس بـ «مدارس متطورة أهلية غير ربحية»، والتي أتمنى أن ترى النور. المعلم أساس التعليم، والمعلم قبل المنهج. مهنة التعليم بحاجة لأن يستقطب لها أفضل الخريجين المتميزين. والمعلم الحالي بحاجة إلى استثمارات عالية بالتطوير واستغلال وقت العطل الصيفية بدلا من تشغيله لتحصيل الرسوم الدراسية للمدرسة في المدارس الخاصة، أو الحضور دون عمل في المدارس العامة. إحدى أهم الركائز الأساسية في برامج تطوير التعليم الحالية هو تطوير المعلم، ونعلم أن الوزارة تعمل بجهود كبيرة لتطوير وتحفيز المعلمين الحاليين والمعلمات، ونعلم أن هذا الموضوع يحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه ونقدر ذلك لأن أعداد المعلمين كثيرة، ولكن نأمل المراجعة المستمرة وبحث سبل تطويره بوتيرة أسرع مما هي عليه الآن.

مشاركة :