الخرطوم - قال تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود المظاهرات في البلاد وحزب الأمة المعارض إنهما يرفضان انقلابا عسكريا جديدا في السودان مطالبين قيادة القوات المسلحة تسليم السلطة للشعب. وقال التجمع في بيان مشترك مع حزب الأمة إنه "في هذه اللحظات، والبلاد تترقب البيان المزمع تلاوته من القوات المسلحة استجابة لملحمتكم البطولية التي سطرتموها طوال الأربعة الأشهر الماضية، نقول أننا على مفترق طرق؛ إما نصر كامل بقامة نضالاتكم العظيمة، أو محاولة بائسة لإعادة إنتاج النظام القديم". وخاطب البيان المشترك المواطنين قائلا إن "مطالب ثورتكم الباسلة هي تنحي البشير ونظامه، وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية تعبر عن مكونات الثورة وتنفذ بنود إعلان الحرية والتغيير كاملة غير منقوصة".وقال تجمع المهنيين السودانيين على تويتر إن "الأزمة السودانية مزمنة ولا يمكن حلها بشكل فوقي. إن أساس الأزمة كان الانقلاب العسكري للجبهة الإسلامية على الحكم الديمقراطي وخرق الدستور في 30 يونيو 1989، فتجرعنا سمه الزعاف حروباً وتهميشاً وإهداراً للحقوق وتفريطاً في السيادة الوطنية". ويأتي البيان بعد إعلان الجيش السوداني عبر التلفزيون الرسمي أنه "سيذيع بيانا بعد قليل" فيما انتشرت قوات حول وزارة الدفاع وعلى الطرق والجسور الرئيسية في العاصمة الخرطوم. وقال التجمع إنه "لا يمكن مخاطبة هذه الأزمة من خلال انقلاب عسكري آخر، يؤدي لإعادة انتاجها وتعقيدها. أيها الشعب الأبي: إن ثورة ديسمبر المجيدة مستمرة وهي ممهورة بدماء الشهداء في أصقاع الوطن، ولن تطفئ جذوتها محاولات شكلية من قبل النظام لإعادة انتاج نفسه".وناشد منظمو الاحتجاجات المواطنين إلى "عدم الاعتداء على الممتلكات الحكومية والشخصية أو الأشخاص"، في وقت يتواصل فيه توافد آلاف المحتجين إلى مقر القيادة العامة للجيش. وناشدت "قوى إعلان الحرية والتغيير" "الجميع ضبط النفس والتحلي بالحكمة والعقل وعدم التفلت أو الاعتداء على أي ممتلكات حكومية أو شخصية"، مرددة شعار "سلمية، سلمية". وكانت شخصيات من المعارضة قد دعت مع بداية الأسبوع الجيش للمساعدة في التفاوض لإنهاء حكم البشير المستمر منذ ما يقرب من ثلاثة عقود والانتقال نحو الديمقراطية. ويبث التلفزيون والإذاعة الرسميان حاليا موسيقى وطنية تعيد إلى أذهان أجيال السودانيين الأكبر سنا انقلابات عسكرية في عهود سابقة شهدت قلاقل أهلية. وعاد اسم الفريق أول عوض بن عوف النائب الأول للبشير بقوة اليوم الخميس، حيث ترجح مصادر أن الجيش ينظر في تعيينه رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي حسب ما ينص عليه الدستور. وأرجع مراقبون تأخر إذاعة بيان الجيش، الخميس، إلى الرغبة في تحديد ردة فعل الشارع السوداني، ومدى قبوله لبن عوف الذي عينه البشير نائبا أولا له في فبراير/شباط الماضي مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع. ورجح مراقبون أن يصطدم بن عوف برفض شعبي ومطالبته بتسليم السلطة لمجلس انتقالي باعتباره أحد أبرز رموز نظام البشير. وفي 23 فبراير/شباط أعلن البشير حالة الطوارئ في البلاد لعام واحد وعين حكومة مؤقتة لكنه أبقى على وزراء الدفاع والخارجية والعدل. كما واستبدل كل حكام الولايات بقادة عسكريين. ولد بن عوف في إحدى قرى منطقة "قري"، شمالي العاصمة الخرطوم، والتحق بالكلية الحربية، ليتخرج منها برتبة ملازم، ضمن صفوف الدفعة 23، ونال بعدها تدريباً عسكرياً في مصر، وعمل بسلاح المدفعية، كما عمل مدرسا بكلية القادة والأركان. وكان بن عوف الموالي للحركة الإسلامية قريبا من انقلاب البشير عام 1989 على حكومة الصادق المهدي المنتخبة شرعيا، ما أتاح له الفرصة للترقي والتدرج في المناصب العسكرية، ليعمل مديرا لجهاز الأمن، ومديرا لهيئة الاستخبارات العسكرية. كما عمل نائبا لهيئة أركان الجيش السوداني، وتمت إحالته للتقاعد من العمل العسكري عام 2010، وعين بعدها سفيرا في وزارة الخارجية، حيث تولى منصب مدير إدارة الأزمات، قبل أن يصبح قنصلا عاما للسودان في القاهرة، ثم سفيرا للخرطوم لدى سلطنة عمان. وأصدر البشير مرسوما جمهوريا في 2015 يسمح لبن عوف بالعودة إلى المؤسسة العسكرية بعد 5 سنوات، ليتولى بذلك منصب وزير الدفاع الوطني بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت ذلك العام وفاز البشير بموجبها. وخلال عمله وزيرا للدفاع عمل على تقوية تسليح الجيش السوداني بالأسلحة الحديثة والنوعية. وكان تعين البشير له نائبا أولا مع احتفاظه بوزارة الدفاع، سابقة أولى يلجأ لها الرئيس في حكوماته التي أنشأها منذ انقلابه قبل 30 عاما، في خطوة لامتصاص ضغط الحراك الشعبي. ولم يمارس بن عوف القيادة إلا على مستوى الفروع الأمنية والأسلحة، وليست لديه الخبرة السياسية الكافية لقيادة السودان، لكنه ظهر في شهر فبراير الماضي قبل تعيينه نائبا للبشير وهو يتحدث بنبرة تصالحية تجاه الاحتجاجات قائلا إن الشبان الذين شاركوا في الاضطرابات الأخيرة لهم "طموح معقول". وكان جهاز الأمن والمخابرات قد دعا في بيان الخميس "المواطنين الشرفاء للانتباه إلى محاولات جرّ البلاد إلى انفلات أمني شامل"، مؤكدا "قدرته والمنظومة الأمنية على حَسم العناصر المتفلتة، نصحًا بالحسنى أو أخذًا بالقوة المقيدة بالقانون".
مشاركة :