د. عارف الشيخ اتفق العلماء على أن قراءة القرآن من المصحف غير جائزة للجنب وللحائض والنفساء لقوله تعالى: «لا يمسّه إلا المطهَّرون».أما قراءته من غير وضوء؛ فجائزة عند بعض الفقهاء وسواء كان يقرأ من المصحف أو في الجهاز الإلكتروني لقوله تعالى: «فاقرؤوا ما تيسر من القرآن» ولقوله تعالى: «ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر».وقال هؤلاء: يستحسن أن يكون القارئ عند قراءة القرآن على أكمل الأحوال، لكن الطهارة من الحدث الأصغر ليست واجبة، لأن المقصود بالطهور في قوله تعالى: «لا يمسه إلا المطهرون» (الآية ٧٩ من سورة الواقعة) هم المسلمون، للحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن لا ينجس حياً أو ميتاً».وقالوا: «ما دام المؤمن طاهراً فلا مانع أن يمس المصحف ويقرأ منه، توضأ أو لم يتوضأ، لكن الممنوع هو أن يمس المصحف وهو جنب أي محدثٌ حدثاً أكبر، وكذلك الحال مع الحائض والنفساء وغير المسلم (انظر فتاوى العبادات هل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء، مجمع البحوث الإسلامية بتاريخ ١١ أكتوبر ٢٠٠٦ الأزهر الشريف).نعم.. والحائض والنفساء ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة قراءتهما للقرآن، إلا أن المالكية قالوا: «يجوز لهما قراءة القرآن في حالة استرسال الدم، وإذا انقطع وجب عليهما الغسل).وعند المالكية يجوز لهما القراءة من المصحف ويجوز لهما مس المصحف إذا كان للتعليم أو التعلم، وقد ورد عن العلامة الدردير قوله: «لا يمنع الحدث مسّ وحمل درهم أو دينار فيه قرآن، فيجوز مسه وحمله للمحدث ولو أكبر».وقال: «ولا تفسير فيجوز ولو لجنُب، ولا لوح لمعلِّم ومتعلِّم حال التعليم والتعلم وما ألحق بهما، مما يضطر إليه كحمله لبيت مثلاً فلا يجوز للمشقة».وقال أيضاً: «ولا يمنع مس أو حمل جزء بل ولا كامل على المعتمد لمتعلِّم وكذا معلِّم». (انظر الشرح الكبير ج ١ ص ١٢٥ ١٢٦).وقال الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي مصر: «يجوز قراءة القرآن من الموبايل دون وضوء لأنه ليس مصحفاً، وكتابة القرآن في الموبايل ذبذبات تُعرض ثم تزول وليس حروفاً ثابتة، كما أن الموبايل يشتمل على القرآن وغيره فهو ليس قرآناً خالصاً».ويقول الشيخ ابن عثيمين: «تجوز قراءة القرآن من غير وضوء، لأن القرآن من الذكر، والرسول صلى الله عيه وسلم كان يذكر الله في كل أحواله ما لم يكن جنباً».ولكنه قال: «وأما مسّ المصحف فلا يجوز إلا بوضوء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يمس القرآن إلاّ طاهر».وقال الشيخ: «المراد بالطاهر هنا هو الطاهر من الحدث، ولا يقال بأن المقصود بالطاهر هنا المؤمن، لأن الرسول لم يكن يعبّر عن المؤمن بالطاهر».ويقول الدكتور صالح المغامسي: «المحدث حدثاً أكبر لا يجوز له أن يقرأ القرآن لا عن المصحف ولا عن ظهر قلب لأنه غير طاهر، وأما المحدث حدثاً أصغر أي غير الجنُب ليس له أن يقرأ في المصحف أو يمس المصحف لكن يجوز له أن يقرأ القرآن غيباً».إذن هذه أقوال السلف والخلف، والمسألة واضحة، والجنة حُفَّت بالمكاره، والأجر على قدر المشقة، فمن أراد كامل الأجر فليتعب نفسه.
مشاركة :