كشف رجل الأعمال الجزائري مواقي نورالدين عن صفقات مشبوهة استحوذ عليها رجال أعمال مقربون من السلطة السابقة، وتواطؤ من جهات حكومية، كانت توفر لهم الرعاية في التفرد بالاستثمارات الحكومية الضخمة. وذكر في تصريح صحافي أن رجل الأعمال النافذ والمقرب من السلطة علي حداد، المتواجد حاليا في سجن الحراش بالعاصمة، قد استفاد من صفقة في قطاع الموارد المائية بنحو 90 مليون دولار، بينما لم تكن تتعدى ثلث ذلك المبلغ. وأوضح أن وزارة الموارد المائية أطلقت 30 صفقة تقدر قيمتها بمليار دولار، وقد وزعت على 31 رجل أعمال بالتساوي، لإنجاز مضخات كبرى خلال عام واحد، وهو أمر مستحيل مما رهن مقدرات الدولة وجعل المال العام عرضة للنهب. ونشرت إدارة مجمع أو.تي.أر.أش.بي المملوك لحداد، حصيلة القروض التي حصلت عليها من بنوك محلية لتنفيذ استثماراته. عبدالرحمن بن خالفة: لا بد من الإسراع في سد شغور منصب محافظ البنك المركزي الجزائري عبدالرحمن بن خالفة: لا بد من الإسراع في سد شغور منصب محافظ البنك المركزي الجزائري وأظهرت البيانات أن المجمع استفاد من أكثر من ملياري دولار كقروض بنكية، لم يبق من تسديدها إلا نحو 260 مليون دولار، إلا أن الشكوك لا تزال قائمة. وتحدثت مصادر مالية عن قروض ضخمة قدمها بنك القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية، في ظروف غامضة وبات يستحيل استردادها في ظل غياب الضمانات الحقيقية، وأن العملية ستتطلب إجراءات قضائية طويلة. وذكرت أن أبرز الفاعلين في ما كان يعرف بمنتدى رؤساء المؤسسات، على غرار حداد ومحي الدين طحكوت وعمر بن عمر ومراد العلمي، حصلوا على ما يعادل 50 مليار دولار خلال السنوات الماضية، كقروض من بنوك محلية، يمثل نصيب الأول منها 20 بالمئة. واستدلت على ذلك بملعب مدينة تيزي وزو لكرة القدم، الذي استنفد أكثر من 300 مليون دولار ونحو 14 عاما من الوقت، ولم يتم إتمام أشغاله إلى حد الآن، من طرف مجمع علي حداد للأشغال العمومية والبنى التحتية. ويتجاوز المبلغ المخصص لبناء ملعب نادي بايرن ميونيخ الألماني وناد إيطالي آخر، اللذين أنجزا بتكلفة أقل من تكلفة ملعب تيزي وزو، وفي ظرف عامين فقط. ويرى متابعون أن الحراك الشعبي، الذي يطالب بإحداث تغيير سياسي جذري في الدولة النفطية العضو في منظمة أوبك، سيصدم بملفات الفساد المالي والاقتصادي، وستكون الخيبة كبيرة لمّا يطلع الرأي العام على تبديد المقدرات المالية للبلاد خلال العقدين الأخيرين. وتواجه الخزينة العامة شبح الإفلاس بعدما استنفدت أكثر من تريليون دولار من المداخيل، وأكثر من 130 مليار دولار من احتياطات العملة الصعبة خلال السنوات الأربع الأخيرة، دون أن تحقق الحكومات المتعاقبة أدنى بديل للتبعية النفطية. ويرى خبراء في المالية أن سلطة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، ما انفكت تروج لخطاب السيادة الاقتصادية عبر دفع مسبق لثلاثين مليار دولار كدين أجنبي، تراكمت خلال العقود الثلاثة التي سبقت مجيء بوتفليقة للسلطة. وأكدوا أن السلطات في عهد بوتفليقة تسببت في مديونية داخلية بين البنك المركزي والخزينة العمومية قدرت بخمسين مليار دولار خلال عامين فقط، عبر ما عرف بـ”التمويل غير التقليدي”، القائم على طبع النقود دون مقابل اقتصادي. وأطلقت الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين صفارات الإنذار من خلال الكشف عن إفلاس 1400 شركة مختصة في البناء، وعن وجود أكثر من 3 آلاف شركة أخرى في حالة خطر حقيقي، بسبب تراجع سوق العقارات وتأثر الاستثمارات الحكومية بالأزمة الاقتصادية ومناخ الأعمال المنفر. 1400 شركة بناء أفلست وتم تسريح 125 ألف موظف بسبب الفساد وفق جمعية المقاولين وقالت في تقرير لها صدر في وقت سابق هذا الأسبوع إن “القطاع فقد 125 ألف وظيفة، كنتيجة آلية لتوقف النشاط، وصعوبة تحصيل المستحقات العالقة على الإدارات والهيئات المالكة لمشروعات البناء”. وما زالت المخاوف قائمة بشأن استنزاف رؤوس الأموال عبر التحويلات المشبوهة، منذ اندلاع الحراك الشعبي في الثاني والعشرين من فبراير الماضي، لاسيما في ظل الفراغ وعدم الاستقرار الذي يحيط بالبنوك والمؤسسات المصرفية. ودعا في هذا الشأن الخبير المالي عبدالرحمن بن خالفة، إلى ضرورة الاستعجال في تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، خلفا لمحمد لوكال بعد تعيينه في منصب وزير المالية في الحكومة المؤقتة برئاسة نورالدين بدوي. وبرر الوزير الأسبق ذلك بكون حالة الفراغ ستشكل معضلة حقيقية على المنظومة المالية والمصرفية، وتزيد من الشكوك حول عمليات تحويل العملات الصعبة والقروض. وشدد في تصريح صحافي، على أن الوضع يتطلب تسييرا حذرا للمال العام ومواصلة النشاط المصرفي، وألا يبقى المركزي من دون محافظ، في إشارة الى إمكانية استغلال الوضع في تحويل وتهريب العملة الأجنبية للخارج، والذي عرف نسقا متسارعا مؤخرا.
مشاركة :