يسمى هذا الأحد المبارك بأحد التناصير، لأن الكنيسة الأولى اعتادت أن تمنح جماعة الموعوظين سر المعمودية المقدسة قبل عيد القيامة، واختارت الكنيسة لهذا اليوم فصلا من إنجيل يوحنا البشير، وهو الإصحاح التاسع بأكمله الذى يروى معجزة شفاء السيد المسيح للمولود أعمى والسبب فى اختيار هذا الفصل أنه يصف حالة المعتمد قبل نوال سر المعمودية وبعده.فمن يتقدم للمعمودية يعتبر مولودا أعمى بالخطية الأصلية وبنعمة الله يغتسل فى جرن المعمودية، الذى يشير إلى بركة سلوام، فيخرج منها وقد تطهر من خطاياه وانفتحت عيون قلبه ونال بصيرة روحية يعاين بها أمجاد الله على الأرض وأمجاد الملكوت بعد أن يكمل جهاده على الأرض، وكما قال السيد المسيح عن المعمودية «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله..» (يو5:3)وعن سبب استخدام الماء فى المعمودية، فيتم ذلك لأن كل سر لا بد له من مادة ملموسة ظاهرة والماء مناسب لسر المعمودية لأن: الماء للغسيل والتطهير وهكذا المعمودية تغسل الشر وتنقى النفس.وهو أمر إلهى «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح» والماء يرمز إلى الموت والحياة فى عبور البحر الأحمر، موت للشر والشيطان ممثلًا فى فرعون، وحياة لأولاد الله الخارجين من الماء. والسيد المسيح بارك الماء بنزوله فيه فى نهر الأردن.ويستخدم أيضا زيت الميرون المقدس فى هذا السر، فالميرون المقدس سر يعطى فقط للمعتمدين، ويكون ذلك بمسحهم به من خلال 36 رشمة بمفترق أماكن الجسد، فينعمون بالمسيحية حسب عقيدة آبائهم، والميرون زيت يؤخذ من زيت الزيتون ومن أطياب مختلفة،ـ ويصنع بيد البطريرك والأساقفة.والمعمودية فى إشارتها للميلاد الثانى كما فى تفتيح عينى المولود أعمى، حيث استخدم السيد المسيح تراب الأرض بأن تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عينى الأعمى، وقال له اذهب اغتسل فى بركة سلوام فمضى واغتسل وأتى بصيرا وهذا مما يؤكد لاهوت المسيح وأنه هو الله الخالق.وكما تشير هذه المعجزة إلى سر المعمودية وفاعليتها فى الإنسان المعتمد تشير أيضا إلى سر التوبة والاعتراف التى تعتبرها الكنيسة معمودية ثانية يغتسل بها التائب من خطاياه وينال بها بصيرة روحية ليسير فى النور بعد أن كان سالكا فى الظلمة.والمعمودية تعنى الاغتسال، لكى نصير أبناء أطهـار، والتوبة هى استمرار للاغتسال لكى نبصر جيدًا، فالتوبة هى استمرار للمعمودية وهى الوسيلة التى بها نبصر المسيح جيدًا طوال حياتنا. فالتوبة المستمرة تغسل القلب وتجدد الذهن وتحفظ النفس منسحقة فى طاعة الآب، وتكشف لها كل بركات وأسرار الآب السماوي.
مشاركة :