تعهد رجل السودان القوي الجديد، الفريق الركن عبد الفتاح برهان، السبت، بـ”اجتثاث” نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. وأعلن البرهان، الذي أعلنت عدة دول ترحيبها به، عن سلسلة من القرارات في شكل تنازلات للمتظاهرين، وسط ضغوط لنقل السلطة سريعا للمدنيين. وقال البرهان، رئيس المجلس العسكري الجديد، في كلمة بثها التليفزيون الرسمي، إن المجلس سيعمل على “محاربة الفساد واجتثاث النظام ورموزه”. كما أمر البرهان بإطلاق سراح جميع من حوكموا بتهمة المشاركة في التظاهرات في السودان، متوعدا بمحاكمة جميع المتورطين في قتل المتظاهرين. وأضاف “آمر بإطلاق سراح جميع من تمت محاكمتهم بموجب قانون الطوارئ أو أي قانون آخر بسبب المشاركة في المظاهرات، كل من يثبت تورطه في قتل المتظاهرين ستتم محاكمته”.رفع الحظر الليلي كما أمر برفع حظر التجول الليلي، الذي فرضه رئيس المجلس العسكري السابق، الفريق أول ركن عوض ابن عوف. وقتل عشرات الأشخاص منذ بداية حركة الاحتجاج في ديسمبر/ كانون الأول 2018، التي انطلقت كرد فعل على رفع سعر الخبز، ثم تحولت إلى حركة احتجاج تطالب برحيل البشير، الذي حكم البلاد لثلاثة عقود.استقالة كما أعلن المجلس العسكري الانتقالي في وقت سابق السبت، وتعبيرا عن حسن النويا تجاه المحتجين، استقالة رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبد الله محمد صالح، المعروف باسم صلاح قوش، الطرف الأساسي في قمع حركة الاحتجاج. وفي وقت لاحق، أعلن البرهان بموجب مرسوم أصدره تشكيل المجلس العسكري من الرئيس ونائبه، وسبعة ضباط بالجيش، ومدير الشرطة، ونائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات، وقائد قوات الدعم السريع الذي عين نائبا لرئيس المجلس.التشكيل الكامل أعلن المجلس العسكري الانتقالي السوداني عن تشكيله الجديد بعد تنحي وزير الدفاع عوض بن عوف عن رئاسة المجلس. ويترأس المجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائب له محمد حميدتي. كما يضم المجلس العسكري الانتقالي كلا من الفريق شمس الدين كباشي والفريق ياسر عبد الرحمن، والفريق صلاح عبد الخالق والفريق جلال الدين الشيخ، والفريق أول عمر الشيح والفريق أول شرطة الطيب بابكر، والفريق أول مصطفى محمد مصطفى واللواء إبراهيم جابر.لكن هل تهدأ الأوضاع؟ من جانبه، قال تجمع المهنيين، إن قوى الحرية والتغيير لا تزال ملتزمة وبصرامة بإعلانها، الذي تواثقت عليه الجماهير كوثيقة شرف وميثاق عهد وقسم ولاء، وكبوصلة لإدارة عملية التغيير الجذري لتفكيك مؤسسات النظام الشمولية، وبناء البديل الديمقراطي الذي يؤسس لدولة الحرية والسلام والعدالة. وأضاف التجمع، عبر حسابه على فيسبوك السبت، أن المرحلة الحالية في بلادنا تتطلب الحذر والدقة وعدم استعجال قطف الثمار قبل تمام النضج، وما اعتصامنا ووجودنا في الميادين والساحات إلا حماية للثورة ولظهور بعضنا البعض من غدر بقايا وفلول النظام. وأشار إلى أن هناك مطالب واضحة ما لم تتحقق فلا مناص من الجهر بالرفض كله، وهي المطالب التي تجعل من انتصار ثورتنا انتصاراً لا هزيمة بعده ولا كبوة، وقال إن بيان المجلس العسكري لم يحقق أيٍ من مطالب الشعب، وهو قد أقر بعض ما كان في عرف الشعب من البديهيات وهي مكاسب مُهرت بالدماء لا بالوعود العابرة، إن ثورتنا ليست قابلة لنظرية “المال تلتو ولا كتلتو” فالمال كله والأرض والسلطة للشعب، والوفاء لدماء الشهداء لا يقبل التجزئة، فقد ارتقوا في سبيل التغيير مرة واحدة، لذلك نريد لديتهم أن تكون دفعة واحدة ولأرواحهم أن ترتاح بعد تمام الخلاص. وشدد البيان على أن “ثورتنا لن تنتهي بمجرد استبدال واجهات النظام وأقنعته الخادعة، فالخطوة الأولى في إسقاط النظام تتأتي بتسليم السلطة فوراً ودون شروط لحكومة انتقالية مدنية وفقاً لما أقره إعلان الحرية والتغيير، تدير المرحلة الانتقالية لفترة 4 سنوات وتنفّذ المهام الانتقالية، التي فصّلها إعلان الحرية والتغيير والوثائق المكملة له، كما إن الثورة تكتمل بتحقيق مبادئها كاملة غير منقوصة، ولن تتحقق هذه المبادئ ما لم تتحول من الأقوال لأفعال يرونها الثوار والجماهير رأي العين.7 مطالب وشدد البيان على مطالب قوى التغيير، وهي: 1- الاعتقال والتحفظ على كل قيادات جهاز الأمن والاستخبارات سيئ السمعة، التي تجبرت وأعطت الأوامر على مدى 30 سنة وهي قيادات معروفة بارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني، على أن يتم تقديمهم لمحاكمات عادلة وفقاً للدستور 2- إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات بما يضمن له القيام بدوره المنوط به. 3- حل ميليشيات النظام من كتائب ظل ودفاع شعبي وشرطة شعبية وغيرها. 4- التحفظ والاعتقال الفوري لكل القيادات الفاسدة في الأجهزة والقوات النظامية وغيرها من المليشيات والمعروفة بارتكاب جرائم ضد المواطنين في مناطق النزاع المسلح في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وغيرها من أصقاع الوطن، وتقديمهم لاحقاً لمحاكمات عادلة وفقاً للمبادئ الدستورية وإجراءات المحاكمة العادلة المرضية للمظلومين. 5- حل كافة أجهزة ومؤسسات النظام والاعتقال الفوري والتحفظ على كل قياداته الضالعة في جرائم القتل والفساد المالي على أن تتم محاكماتهم لاحقاً وفقاً للدستور وإجراءات العدالة والمحاسبة. 6- إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والعسكريين فوراً بمن فيهم الضباط الذين انحازوا للثورة ومطالب الجماهير 7- الإعلان الفوري عن رفع كل القوانين المقيدة للحريات والتي تخالف الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الدولية ووثيقة الحقوق في الدستور السوداني، بما في ذلك حل الأجهزة والمؤسسات المسؤولة عن ذلك الإمارات: خطوة تجسد تطلعات السودانييين من جانبها، رحبت الإمارات بتسلم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي السوداني، مؤكدة أنها خطوة تجسد تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية. وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان مساء السبت، إن “الإمارات تتابع باهتمام التطورات، التي يمر بها السودان في هذه اللحظة الفارقة من تاريخه الحديث، إذ تعرب عن ثقتها الكاملة بقدرة الشعب السوداني وجيشه الوطني على تجاوز التحديات بما يحقق الاستقرار والرخاء والتنمية”. وأكدت دولة الإمارات دعمها وتأييدها للخطوات التي أعلنها المجلس العسكري الانتقالي في السودان للمحافظة على الأرواح والممتلكات والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، معربة عن أملها أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار للسودان. وأعربت الإمارات عن تمنياتها من جميع القوى السياسية والشعبية والمهنية والمؤسسة العسكرية في جمهورية السودان الحفاظ على المؤسسات الشرعية والانتقال السلمي للسلطة وضمان مستقبل أفضل لأبناء السودان الشقيق والالسعودية تؤيد ما ارتآه الشعب السوداني كما أفادت وكالة الأنباء السعودية “واس”، بأن المملكة العربية السعودية تتابع تطورات الأحداث، التي تمر بها جمهورية السودان، والبيان الذي صدر عن رئيس المجلس العسكري الانتقالي. وأضافت الوكالة السعودية الرسمية، أن”المملكة، ومن منطلق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين؛ تؤكد تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني الشقيق حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني”. وأوضحت الوكالة، أن “المملكة تعلن دعمها للخطوات التي أعلنها المجلس في المحافظة على الأرواح والممتلكات، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، وتأمل أن يحقق ذلك الأمن والاستقرار للسودان الشقيق، وتدعو الشعب السوداني بكافة فئاته وتوجهاته إلى تغليب المصلحة الوطنية وبما يحقق تطلعاتهم وآمالهم في الرخاء والتنمية والازدهار”. وأكملت، أن ” المملكة سوف تقدم حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية”.ليس انقلابا وكان قوش، الذي تولى جهاز الأمن والمخابرات مجددا العام 2018 بعد عقد أمضاه على رأس جهاز المخابرات حتى 2009، أشرف في الأشهر الأربعة الماضية على قمع حركة الاحتجاج الشعبية. واعتُقل آلاف المتظاهرين وناشطي المعارضة وصحفيين، بموجب هذه الحملة، وكان الجهاز أعلن الخميس إثر الإطاحة بالبشير الإفراج عن “كافة المساجين السياسيين” في البلاد. ومساء الجمعة، احتفل آلاف السودانيين المحتشدين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإعلان عن رحيل عوض ابن عوف، المقرب من البشير عن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد أقل من 24 ساعة من توليه المنصب. وابن عوف مرتبط اسمه بـ “فظاعات” ارتكبت في إقليم دارفور. وتم تعيين الفريق أول عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن في رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، والبرهان كان يتولى منصب المفتش العام للجيش، وهو شخصية محترمة داخل الجيش وغير معروف من العموم. ومن خلال ما أعلنه يبدو أن البرهان يسعى لإظهار أنه ليس من الحرس القديم، وأنه يتعهد تنفيذ إصلاحات. ورغم هذه التطورات استمرت السبت تعبئة المحتجين أمام مقر قيادة الجيش. وأشاد تجمع المهنيين السودانيين، الذي يقود الاحتجاجات، برحيل بن عوف، لكنه طلب من الفريق البرهان نقلا سريعا “لسلطات المجلس العسكري إلى حكومة انتقالية مدنية”. وقال التجمع، في بيان، أنه إذا لم يحصل ذلك “سنواصل اعتصامنا أمام مقر الجيش بالخرطوم وفي مدن أخرى”. وقام جنود صباح السبت بإزالة حواجز أقيمت في شوارع عدة تؤدي إلى مقر قيادتهم، حيث يتبادل متظاهرون مع العسكريين الحديث أو يعملون على تنظيف المكان وإعداد الطعام وشرب القهوة والشاي، بعد ليلة سابعة على التوالي من التجمع. وسعى قادة الجيش السوداني إلى طمأنة الأسرة الدولية والمتظاهرين بشأن نواياهم ووعدوا خصوصا بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية. ومساء الجمعة، أكد الفريق أول عمر زين العابدين، عضو المجلس العسكري، لدبلوماسيين عرب وأفارقة، أن ما حدث “ليس انقلابا، هذا انحياز إلى جانب الشعب وليس انقلابا عسكريا”. وتابع زين العابدين، “سنفتح حوارا من كل الكيانات السياسية حول كيفية إدارة البلاد، وستكون هناك حكومة مدنية ولن نتدخل في تشكيلها”. من جهة أخرى، أكد المجلس العسكري الانتقالي، أن البشير الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحقه، محتجز لكن “لن يتم تسليمه إلى الخارج”. في الأثناء طالب حزب البشير “المؤتمر الوطني”، في بيان السبت، بالإفراج عن قادته دون أن يشير بالاسم إلى البشير.حماية البشير وبعد تظاهرات استمرت أسابيع، أطاح الجيش الخميس بالبشير (75 عاما) الذي حكم السودان منذ انقلاب في 1989، وشكل “مجلسا انتقاليا عسكريا” لسنتين. وبين الإجراءات، التي أتخذها العسكريون، وقف إطلاق النار في البلاد، وخصوصا في دارفور، حيث أدى نزاع إلى سقوط 300 ألف قتيل منذ 2003 حسب الأمم المتحدة، لكن في السنوات الأخيرة تراجع مستوى العنف في الإقليم. ودعت منظمة العفو الدولية إلى تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية التي كانت قد أصدرت في 2009 مذكرة توقيف ضده بتهمة ارتكاب “جرائم حرب” وجرائم “ضد الإنسانية” في دارفور، ثم أضافت في 2010 تهمة ارتكاب “إبادة”. وقال الباحث المستقل في شؤون السودان، جيروم توبيانا، لوكالة فرانس برس، إن “قبول البشير إقالته يثبت أن الأمر يتعلق بحمايته أكثر من تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
مشاركة :