"إخوان النازي".. فيلم يكشف علاقة حسن البنا بأدولف هتلر

  • 4/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لفت فيلم وثائقي، حمل عنوان "إخوان النازي"، الأنظار ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وذلك لما طرحه من تفاصيل حول علاقة مؤسس الإخوان المسلمين، حسن البنا، بالزعيم الألماني النازي أدولف هتلر. بدت بعض الأطروحات في الفيلم مبالغا فيها، فيما ترد مخرجته جيهان يحيى توفيق وكاتب المادة الوثائقية توحيد مجدي، على الأسئلة المطروحة بالتأكيد على أن كل ما جاء في الفيلم يستند إلى وثائق بريطانية وألمانية ذات مصداقية، وتكشف إلى أي مدى تعاون الإخوان مع الألمان، وفي نفس الوقت يغيرون الولاء نحو الولايات المتحدة، ثم كيف تآمر حسن البنا ضد عزيز المصري لأن الألمان كانوا يرونه رمزا وطنيا يحظى بالاحترام والجدارة بتولي حكم مصر. خلال 55 دقيقة، يكشف الفيلم التسجيلي المصري «إخوان النازي» علاقة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين بألمانيا النازية. وهي علاقة بدأت بالتوافق الفكري بين البنا وأدولف هتلر؛ فالأول ينطلق من استعلاء إيماني يطمح إلى أستاذية العالم من خلال أتباع ينخرطون في تنظيم صارم يرى أنهم «جماعة المؤمنين»، والثاني مهووس بالاستعلاء العرقي معلنا تفوق الجنس الآري على غيره. وفي فترة قصيرة أصبحت الفكرة سلوكا، والسلوك جسرا يمتد من القاهرة إلى برلين، ويحمل 15 ألف مقاتل، قال الفيلم إن البنا جنّدهم ودربهم، وأرسلهم إلى الحرب في صفوف النازي خلال الحرب العالمية الثانية، ولم يبق منهم على قيد الحياة بعد انتهاء الحرب إلا 939 فردا، ثم عاد العشرات منهم فحسب إلى مصر عبر ميناء الإسكندرية. لا يذكر الفيلم اسما واحدا من هؤلاء، ولكنه يؤكد رصد المخابرات البريطانية لعلاقة جاسوسية قام بها البنا لحساب هتلر، وأن البنا والشيخ أمين الحسيني تم إدراجهما ضمن محاكمات نورمبرغ، وفي اللحظة الأخيرة تم رفع الاسمين؛ لاحتياج القوى الاستعمارية إلى جهود التنظيمات اليمينية الدينية لشق الصف الوطني. وأثارت هذه المعلومات جدلا كبيرا مع مخرجة الفيلم جيهان يحيى توفيق وكاتب المادة الوثائقية توحيد مجدي، عقب عرض الفيلم مساء الجمعة 12 أبريل 2019، في الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة. شهود عيان الفيلم يؤكد أطروحاته بوثائق ألمانية وبريطانية الفيلم يؤكد أطروحاته بوثائق ألمانية وبريطانية احتشد الفيلم بمجموعة من قيادات إخوانية سابقة أعلنت الانشقاق عن الجماعة وباحثين ليسوا محسوبين على أي تيار حزبي، والوكيل السابق لجهاز مباحث أمن الدولة اللواء فؤاد علام مسؤول الجماعات الدينية في وزارة الداخلية، الذي لم يقطع هو وغيره بمعرفة علاقة ما بين البنا وهتلر. ولكن الفيلم يستند إلى وثائق بريطانية وألمانية، قال توحيد مجدي إنها “سبق حصري لم يسبق نشرها أو عرضها من قبل” وهي توثّق اتصالات كان الشيخ أمين الحسيني طرفا في جزء منها حين قابل هتلر، كما كان الفريق عزيز باشا المصري طرفا في جزء آخر. أبديت في الندوة تحفظي على الفيلم كأن يكون «موجّها»؛ أو يحمل شيئا من المبالغة؛ لأن 15 ألفا هو رقم كبير لا تستطيع جماعة إخفاءه وتهريب أعضائه عبر الحدود. ويفترض أن بعضا من أهالي جنود تلك الفرقة الإخوانية أبلغوا عن اختفائهم، وأن سجلات الأمن تحتفظ بأسمائهم؛ فلا تتأثر هذه السجلات بتغيير النظام من ملكي إلى جمهوري، إذ لا يتغير إلا اسم الجهاز سيء السمعة، من القلم السياسي إلى مباحث أمن الدولة إلى جهاز الأمن الوطني، وكل جهاز يرث الوثائق المحفوظة بعناية. كما أظهر الفيلم حسن البنا ككائن ذي قدرات أسطورية عابرة للحدود، فأجاب توحيد مجدي بأن البنا كان يرسل إلى مسؤولي دول إسلامية بأن يرسلوا إليه اليتامى حيث لا عائل لهم، فيسهل عليه تجنيدهم. حفّزني الفيلم إلى البحث عن رؤى غربية، فوجدت أن كتاب «الإخوان المسلمون في أوروبا.. دراسة تحليلية لتنظيم إسلامي»، تأليف سمير أمغاز وترجمة دينا محمد، يذكر أن الإخوان تحت ستار العمل الدعوي استطاعوا أن يؤسسوا «500 مؤسسة في 28 بلدا أوروبيا»، وكانت «الجماعة الإسلامية في ألمانيا التي تأسست عام 1958 هي الفرع الألماني للإخوان المسلمين في أوروبا الذي أسسه سعيد رمضان عام 1958». فهل كان لدى الجماعة بأموال التبرع ما يكفي لإنشاء هذه المؤسسات؟ وفي كتاب «لعبة الشيطان.. كيف ساعدت الولايات المتحدة على إطلاق العنان للأصولية الإسلامية»، تأليف روبرت دريفوس وترجمة أحمد مصطفى حسونة، عودة إلى عام 1928 حين تأسست الجماعة كجزء من خطة بريطانية لدعم «قواعد بناء اليمين الإسلامي. لم يتورع خبراؤهم عن استخدام فكرة الإحياء الإسلامي، طالما كانت تخدم أهدافهم من أجل تحقيق حلم الإمبراطورية العظمى… مصدّا ضد الشيوعيين والوطنيين المصريين، وفي ما بعد ضد الرئيس جمال عبدالناصر». وبعد تغيير طبيعة التحالف ونقل الولاء من بريطانيا إلى القوة الكبرى الجديدة وهي الولايات المتحدة، أوصى الدبلوماسي الأميركي جيفرسون كافري بأن يُدعى سعيد رمضان السكرتير الشخصي لحسن البنا وزوج أخته إلى ملتقى برنستون والبيت الأبيض عام 1953 حيث قابل الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور. عميلة بريطانية في منزل البنا في الفيلم الذي أنتجه كل من كاتبه ومخرجته ينجح الإنكليز في زرع عميلة بريطانية بمنزل حسن البنا، بعد أن منحوها اسم «نور عنايت»، وقدمت نفسها باعتبارها ممرضة وشقيقة إخواني اختفى، ولعله قتل في الحرب. ويكلف البنا طبيبا بتحرّي أمر الممرضة المزعومة. وكانت المخابرات البريطانية قد وضعت صورتها في ملف ممرضة مصرية اسمها نور عنايت، فيطمئن إلى أنها بالفعل ممرضة تسأل عن أخيها. تنجح العميلة في الحصول على وثائق تثبت علاقة الإخوان بالنازي الذي كان يمدّ البنا بأموال يجري تزويرها في برلين بدقة شديدة لشراء السلاح وتدريب المقاتلين. ويقول الفيلم الذي يتحصّن بوثائق فيلمية وورقية إن قوات الحلفاء التي استولت على الوثائق الألمانية بعد هزيمة هتلر اكتشفت «العملية برنر»، وعرفت أسرار وجود الدولارات الأميركية والجنيهات الإسترلينية والمصرية الملكية المزورة، والتي كانت تطبع على الورق نفسه، ويصعب تمييزها عن الأوراق الحقيقية أو اكتشاف مصدرها. سعى الفيلم إلى إبراز علاقة البنا وهتلر كحالة نادرة من التعاون، ولم يشر إلى السياق العام المصري والعربي الكاره لبريطانيا، وكان الرأي العام المصري يهتف «إلى الأمام يا روميل»، ويتعاطف مع هتلر نكاية بالإنكليز الذين أذلوا الملك فاروق وأجبروه على تكليف مصطفى النحاس برئاسة الوزارة في 4 فبراير 1942 وإلا سيكون الثمن هو العرش نفسه. وكان الملك فاروق يميل إلى الجانب الألماني، كما اتهم الضابط أنور السادات بالتجسس لحساب الألمان، وكان «أبوالثوار» الفريق عزيز المصري على اتصال بالألمان، وحاول بمساعدة عملاء لهم في القاهرة، أن يهرب في مايو 1941 للقاء روميل، بعد التمويه للإفلات من الرقابة البريطانية والشرطة المصرية، واستقل طائرة بصحبة الضابط المنتمي إلى الإخوان عبدالمنعم عبدالرؤوف، وسقطت الطائرة. ويقول الفيلم إن البنا الذي كان صديقا لعزيز المصري هو الذي أبلغ البوليس المصري عن هروبه؛ لأن الألمان كانوا يرون في عزيز المصري رمزا وطنيا يحظى بالاحترام والجدارة بتولي حكم مصر، وكانوا يخططون لذلك بعد انتصارهم في الحرب، فأراد البنا بدافع هذه الغيرة أن يفسد خطتهم، وألقي القبض على الرجل وأودع السجن. فهل يكون فيلم «إخوان النازي» نافذة على أسرار جديدة تحتفظ بها خزائن الأرشيف، ثم تعلن بعد انتهاء عقد المصالح المتبادلة؟ يوجد في مصر اتفاق تقريبي على دموية الإخوان وطائفيتهم. ولكننا إزاء فيلم، وفي الفن يصعب التساهل، وهذا ما أثار غضب الكاتبيْن الصحافيين نبيل عمر وأيمن الحكيم، بخصوص ما رآه الأول تهويلا، وما اعتبره الثاني بعدا أحاديا لفيلم «إخوان النازي»، وعدم الاستعانة بآراء مؤرخين محترفين ليست لهم مواقف مبدئية من القضية المثيرة للجدل، وإنما يتوقفون بالتحليل، والتشكيك أو التأكيد، لوثائق أراد بها صناع الفيلم دعم حجتهم. لكن المخرج أحمد عاطف أبدى ترحيبا بالفيلم وحماسة له، ورفض أن يُنتقد الفيلم من خارجه، قائلا إن النقد السينمائي يبدأ بالفيلم وينتهي به، ولا يصحّ أن يُملى على المخرج توجّه معين، أو وجهة نظر يتمناها المشاهد أو الناقد، وعلى من يشكك في أيّ وثيقة أن يثبت ذلك بوثيقة مضادة. المخرج مجدي أحمد علي اتفق مع الباحث سامح عيد على أن حسن البنا أكثر خطورة من سيد قطب، ووجه التحية إلى صناع الفيلم. وأشار إلى أنه شاهد قبل فترة فيلما وثائقيا في فضائية أوروبية عن قضية تشبه ما ذهب إليه الفيلم، وأبدى دهشة من التقليل من حجم الجهد المبذول في إعداد الفيلم أو التشكيك في وثائق، قال صناع الفيلم إنها من مصادرها، «ولو وردت هذه الوثائق في فيلم أجنبي لصدقناها واعتبرناها سبقا نادرا». مدير التصوير سعيد شيمي كان أول من شاهد نسخة الفيلم، قبل انعقاد المهرجان، ورشحه للمشاركة. وقال إن من يسبق إلى العثور على وثيقة يجب أن يوجه إليه الشكر، مضيفا أن توحيد مجدي عثر أيضا على وثائق فيلمية نادرة عن ثورة 1919، وقدمها إلى المركز القومي للسينما، لعل أحد المخرجين يستفيد منها في صناعة فيلم وثائقي جديد في الذكرى المئوية لثورة 1919. أكد توحيد مجدي أن حسن البنا جنّد نحو 200 ألف مقاتل من عموم العالم الإسلامي، وبعض هؤلاء حارب في البلقان، وتناول صعوبات التعامل مع المادة الأرشيفية الغزيرة في حيّز محدود ككتاب أو فيلم مثل «إخوان النازي»، حيث كان العمل فيه يتسم بالكثير من السرية والتوتر «لأن عملي حصري، ويكاد يكون انفرادا». وقال مجدي «كنا نخفي المادة ونخاف أن يسبقنا إليها أحد قبل الانتهاء من صناعة الفيلم»، مضيفا أنه بصدد عمل جديد عن شقة استأجرها حسن البنا وتطل نافذتها على قصر عابدين في القاهرة، وكانت مركزا لاتصالاته بالألمان.

مشاركة :