رحيم سترلينغ من "مغضوب عليه" إلى رقم إنكليزي صعب على المستطيل الأخضر

  • 4/14/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

خطف رحيم سترلينغ الأضواء مرة جديدة وبات مؤخرا حديث الصحف بسبب العديد من القضايا الإنسانية والمواقف الرياضية سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه؛ أبرزها دوره في مواصلة مانشستر سيتي الكفاح من أجل جبهات عديدة، ومن ناحية أخرى إسهامه كذلك في مكافحة العنصرية مؤخرا حيث أشاد زملاؤه في المنتخب بمواقفه التحفيزية الرائعة خلال لقاء إنكلترا ومونتينيغرو الشهر الماضي بعد أن تعرض زميلاه روز وهودسون أودوي لهتافات عنصرية من الجمهور. لندن – تحول رحيم سترلينغ تدريجيا من لاعب يتعرض لانتقادات الصحافة الإنكليزية، إلى مهاجم يشكل ركنا محوريا في مسعى فريقه مانشستر سيتي لرباعية تاريخية هذا الموسم، في مسار نضوج للاعب توسع نشاطه إلى خارج حدود ملاعب كرة القدم. ويدين سيتي الذي يقارع هذا الموسم على أربع جبهات، للاعبه السريع بإحراز أول ألقابه في فبراير الماضي، إذ سجل الركلة الترجيحية الحاسمة (4-3) أمام تشيلسي في نهائي كأس رابطة الأندية الإنكليزية بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي. ويأمل المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا في أن يكون لاعب الجناح البالغ 24 عاما، على الموعد مجددا، عندما يستقبل توتنهام في إياب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا في كرة القدم. وإضافة إلى لقب كأس الرابطة، ساهم سترلينغ هذا الموسم في بلوغ فريقه المباراة النهائية لمسابقة كأس إنكلترا، وصراعه المتواصل مع ليفربول للاحتفاظ بلقبه بطلا للدوري الإنكليزي الممتاز. ومع 19 هدفا (منها 15 في الدوري الممتاز) و16 تمريرة حاسمة، يفرض سترلينغ نفسه هذا الموسم مرشحا قويا لاختياره أفضل لاعب في فريقه. وعكس اللاعب نجاحه مع ناديه بأداء مماثل مع منتخب بلاده، إذ سجل ستة أهداف في المباريات الأربع الأخيرة لـ”الأسود الثلاثة”، بعد صوم عن التسجيل على الصعيد الدولي استمر ثلاثة أعوام. ويقول عنه هاري كاين، قائد المنتخب الإنكليزي ومهاجم توتنهام الذي سيتواجه معه مرتين في الأسبوعين المقبلين (إيابا في دوري الأبطال، ومباراة ضمن الدوري الإنكليزي الممتاز)، إنه لاعب “مذهل”. ويتابع “هو لاعب رائع ومتواضع جدا. يريد فقط أن يعمل بجهد وأن يتطور”. الإعلام والهتافات فرض سترلينغ نفسه رقما صعبا على المستطيل الأخضر، لكن تطوره لم يقتصر على أدائه في الميدان، إذ يقود اللاعب الشاب صراعا على جبهة أخرى هي العنصرية في الملاعب، والأقلام اللاذعة للصحافة. فاللاعب المولود في جامايكا، ارتدى قميص المنتخب الإنكليزي للمرة الأولى في سن السابعة عشرة، لكنه غالبا ما يتعرض للانتقادات على خلفية أمور لا علاقة لها بأدائه الكروي لاسيما دوليا. ووجد سترلينغ نفسه مرارا تحت مقصلة الصحافة الإنكليزية التي لا ترحم، وذلك على خلفية نشاطات خاصة مثل شراء منزل لوالدته، أو السفر على متن الدرجة السياحية. وبعدما كان عرضة لهتافات عنصرية خلال مباراة أمام تشيلسي في ديسمبر، وجه سترلينغ انتقادات لاذعة إلى طريقة تعامل وسائل الإعلام الإنكليزية مع اللاعبين الشبان ذوي البشرة السوداء. وكتب على مواقع التواصل “اللاعب الأسود الشاب ينظر إليه بشكل سيء. إضافة إلى لقب كأس الرابطة، ساهم سترلينغ هذا الموسم في بلوغ فريقه المباراة النهائية لمسابقة كأس إنكلترا، وصراعه المتواصل مع ليفربول للاحتفاظ بلقبه بطلا للدوري الإنكليزي هذا ما يغذي العنصرية والتصرف العدواني”، مضيفا “لكل الصحف التي لا تفهم لماذا يكون الناس عنصريين في هذا العصر، كل ما يمكنني أن أقوله: أعيدوا التفكير (…) وامنحوا كل اللاعبين فرصا متساوية”. وبعدما كان لاعبو المنتخب الإنكليزي ضحايا هتافات عنصرية خلال الفوز على مونتينيغرو 5-1 ضمن تصفيات كأس أوروبا 2020 في مارس الماضي، تقدم سترلينغ على أرض الملعب بعد تسجيله الهدف الخامس لمنتخب بلاده، واتجه نحو مدرجات المشجعين المحليين واضعا يديه على أذنيه (في إشارة إلى سماع الهتافات). كما دعا بعد المباراة إلى إنزال أشد العقوبات بحق مطلقي الهتافات. دعا رحيم سترلينغ المزيد من اللاعبين إلى الكشف عما يعانونه من عنصرية إذا كان الهدف هو استئصال المشكلة من ملاعب كرة القدم، لكن مهاجم مانشستر سيتي رفض اللجوء إلى أسلوب الخروج من الملعب ردا على العنصرية. وحصل سترلينغ على دعم واسع لموقفه في أعقاب إساءة عنصرية تعرض لها خلال مباراة في التصفيات المؤهلة لنهائيات بطولة أوروبا 2020 على ملعب الجبل الأسود. وفي وقت سابق هذا الموسم اتهم سترلينغ وسائل إعلام بريطانية بإذكاء المشكلة من خلال نشر صورة سلبية للاعبين السود الشبان. وقال سترلينغ للصحافيين”لا أعتقد أنني أحدث تغييرًا أو أحاول إحداث تغيير. الأمر يتعلق بقدرتي على الحديث عن تجربة تعرضت لها ربما يخجل آخرون من الحديث عنها”. وتابع “إذا تحدث المزيد من اللاعبين عن المسألة ستتحسن الأمور”. لكن عندما سئل عما إذا كان سيؤيد الخروج من الملعب ردا على أي إساءة، وهو أسلوب أعرب عدد من مدربي الدوري الإنكليزي عن تأييده في الآونة الأخيرة، قال سترلينغ إنه يفضل الاعتماد على كرة القدم للرد على الإساءة بشكل مناسب. وأضاف “لا أوافق على ذلك (مغادرة الملعب). أعتقد أن مواصلة اللعب والفوز في المباراة سيكونان أكثر تأثيرًا، إذا سجل اللاعب هدفًا أو فاز الفريق بالمباراة سيؤلمهم ذلك أكثر”. وقال داني روز مدافع توتنهام، الذي تعرض أيضا لإساءة عنصرية على ملعب الجبل الأسود، الأسبوع الماضي إنه يتوق لاعتزال كرة القدم بعد أن شعر بإحباط من الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع المشكلة. وقال سترلينغ “أحترم تعليقه، ومن المحزن أن أسمع ذلك، من المؤسف فعلا أن نسمع ذلك”. وحين سئِل ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام هوتسبير عما إذا كان تحدث إلى روز بشأن تعليقه قال المدرب الأرجنتيني “الوضع حساس للغاية. المسألة ليست سهلة، التعبير عن المشاعر مسألة شخصية للغاية. نحاول مساعدة اللاعب ونساعد أي شخص يمكن أن تنتابه هذه المشاعر بسبب التعرض لإساءة، إنها مسألة نعمل جميعا بالطبع على استئصالها تماما”. وقال بوكيتينيو إن المسألة ليست جديدة وإنها مشكلة تتخطى كرة القدم حتى لو كان لاعبون مثل روز وسترلينغ سببا في تسليط الضوء عليها. وأضاف “الأمر يتعلق بضرورة مواجهة أمر داخل مجتمعاتنا وأن نقف جميعًا للحيلولة دون حدوث هذا مرة أخرى”. وتابع “المعاناة لا تتوقف عند داني فقط أو سترلينغ أو غيرهما، هذا يحدث مع أشخاص عاديين في الشارع، أنت وأنا لا نعرف تفاصيل ذلك، وربما يعاني هؤلاء أكثر من الأشخاص الذين نعرفهم”. وقال دي بروين “بالنسبة لداني وسترلينغ نشعر بالأسف الشديد لما حدث لهما، لكنهما يتمتعان بالقدرة والقوة لأنهما مشهوران ويستطيعان التنديد بما جرى، كم من شخص لا يستطيع التحدث عن أي شيء؟ كل ما يمكنهم فعله العودة إلى المنزل والبكاء”. وتعرض سون هيونغ مين مهاجم توتنهام لإساءة هو الآخر وقال إنه يتعين على اللاعبين الكفاح سويا. وأضاف اللاعب الكوري الجنوبي “يجب علينا حماية أي لاعب يتعرض لإساءة عنصرية، علينا الكفاح معًا من أجل هذا الهدف”. ورأى مدرب منتخب إنكلترا غاريث ساوثغايت أن لاعبه الشاب “يمر بمرحلة من الثقة الكبيرة، ليس فقط على أرض الملعب، ولكن خارجه أيضا حيث يتمتع بنضج كبير ومرتاح مع نفسه”. وتابع “لا يمكننا أن نخفي حقيقة أنه عانى من لحظات صعبة مع إنكلترا، ولكنه نجح في قلب الأمور رأسا على عقب”. وكال ساوثغايت المديح لرحيم سترلينغ “المتألق”. وتفوق الهجوم الشاب السلس لإنكلترا على منتخب تشيكي ضعيف، إذ قدّم الشاب “جيدون سانتشو” أداء مذهلا إلى جانب القائد هاري كين، لكن سترلينغ خطف الأضواء. وقال ساوثغيت “أعتقد أن رحيم كان متألقا، وظهر بهذا الشكل في التدريب طيلة الأسبوع، وأنا سعيد لأجله، وكانت ليلة استثنائية له، وأعتقد أنه نضج كشخص وكلاعب كرة قدم، إنه متعطش إلى تسجيل الأهداف، وهز الشباك بغريزته ودون التفكير كثيرا”. وسلك سترلينغ طريقا وعرا منذ مباراته الأولى مع إنكلترا في 2012 بعد شق طريقه إلى الفريق الأول بليفربول. وجاء هدفه الأول مع إنكلترا في مباراته الـ14 وعندما ودع المنتخب بطولة أوروبا 2016 بشكل مهين أمام إيسلندا تم إلقاء النصيب الأكبر من المسؤولية على سترلينغ. إثارة الشكوك حتى في كأس العالم في العام الماضي ثارت الشكوك بشأن مستوى سترلينغ الدولي بعد استبداله في الفوز الصعب على تونس في أول مباراة. وتألق سترلينغ، الذي تحدث عن الصورة السلبية للاعبين السود في وسائل الإعلام، تحت قيادة بيب غوارديولا منذ تولّي المدرب الإسباني المسؤولية في مانشستر سيتي. ويجني ساوثغيت ثمار إيمانه بإمكانات لاعب يملك السرعة والمهارة. عكس اللاعب نجاحه مع ناديه بأداء مماثل مع منتخبه بلاده، إذ سجل ستة أهداف في المباريات الأربع الأخيرة لـ"الأسود الثلاثة"، بعد صوم عن التسجيل على الصعيد الدولي استمر ثلاثة أعوام وبعد 3 سنوات خاض خلالها 27 مباراة دون تسجيل هدف مع إنكلترا أحرز الآن 5 أهداف في آخر 3 مباريات، إذ هز الشباك مرتين في الفوز 3-2 على إسبانيا في دوري الأمم الأوروبية في أكتوبر. وأبلغ ساوثغيت الصحافيين “رحيم لم يفاجئني، إنه يمر بلحظات واثقة داخل وخارج الملعب، ويشعر براحة، وأنا سعيد لأجله بعد رد فعل الجماهير، ولا يمكن إخفاء أنه تعرض للحظات صعبة مع إنكلترا، لكنه قلب الأمور تماما”. دور مهم لا يخفى أن غوارديولا أدى دورا مهما في تبدل أحوال سترلينغ، بعدما دفعت انتقادات الصحافة اللاعب إلى إطلاق صفة “المغضوب عليه” على نفسه خلال كأس أوروبا 2016 التي انتهت بخسارة إنكليزية مفاجئة أمام إيسلندا بنتيجة 1-2 في الدور ثمن النهائي. وتولى غوارديولا مهامه في سيتي في صيف العام نفسه، وكانت أولى الخطوات التي أقدم عليها، قوله لسترلينغ “سأقاتل من أجلك”. هذه الثقة منحت اللاعب جرعة دعم لإثبات نفسه. ورغم أن غوارديولا أحبط أحيانا من أداء لاعبه في الموسمين الأوليين بسبب الإخفاقات المستمرة أمام مرمى الخصوم، بقي على ثقته بمن قال عنه إنه “سيصبح أحد أبرز اللاعبين في العالم لأنه يمتلك كل شيء”. وحاليا، بات في إمكان غوارديولا أن يعول على لاعب يصنع الفارق في كل مباراة ويسجل الأهداف ويمرر الكرات الحاسمة، بصرف النظر عن عدد الألقاب التي سينهي بها فريقه الموسم. وحسب غوارديولا “عندما يعبر أناس مثل رحيم عما يعبرون عنه، فإن ذلك جيد لمستقبل مجتمعنا”، مضيفا “أعتقد أنه شخص مهم في هذا البلد (إنكلترا)، وهذا النوع من التصريحات يساعدنا في بناء مجتمع مختلف”.

مشاركة :