< أثارت دراسة فقهية صادرة عن مجلة وزارة العدل السعودية نشرتها «الحياة» أخيراً، تفيد بأن القول بمنع الزواج من «الكتابيات» له قوة ورجحان على التمسك بأصل الإباحة، جدلاً واسعاً بين الأوساط الشرعية، إذ أكد إختـصاصيان في الشريعة الإسلامية، خلال حديثهما لـ «الحياة»، أن ما أشارت إليه الدراسة الفقهية أمر مرفوض، لاسيما وأن إباحة زواج المسلمين من الكتابيات ثابت في الشريعة الإسلامية، لافتين إلى أن منع زواج المسلمين من «الكتابيات» يعوق إحدى أهم وسائل الدعوة إلى الإسلام. وقال عضو المجمع الفقهي الإسلامي الدولي الدكتور حسن سفر لـ «الحياة»، إن الكثير من الفقهاء تناولوا الموضوع ذاته في دراسات أجروها تحت باب الفقه المقارن، والأصل في ذلك أن التقييد جاء في فقه السياسة الشرعية، وهي المصلحة، إذ إن منع الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه زواج المسلمين من الكتابيات، يهدف إلى عدم إعراض الرجال من المسلمين عن الزواج من المسلمات. وأوضح أنه في الوقت الحالي يوجد تقارب وتفاهم بين الديانات، إذ إن النظر في مسألة زواج المسلمين من الكتابيات يؤول إلى أهداف معيّنة، من بينها اعتناق الكتابية الإسلام، وكذلك عملية نشرها الإسلام في مجتمعها، والتعريف بأخلاق المسلمين، لاسيما وأن الاتصالات بين الدول الإسلامية والدول الأخرى أمر لازم وضروري، ومن أهدافه التبادل المنفعي، ونقل وجهة نظر الشريعة الإسلامية إلى غير المسلمين، فإيصال هذا الأمر من خلال الأسرة تكون له جدوى كبيرة. وبيّن أن القول بمنع زواج المسلمين من الكتابيات بحسب الدراسة التي نشرتها «الحياة»، يوجد عوائق لإحدى وسائل الدعوة إلى الإسلام، كما أنه يجب أن ينطلق من خلال ضوابط شرعية من المرجعيات الدينية، مطالباً مجمع الفقه الإسلامي الدولي بتناول موضوع زواج المسلمين من الكتابيات لنقاشه. ونوّه إلى أنه كان من الأولى أن تتناول الدراسة الفقهية زواج المسلم من الكتابية وفق الضوابط الشرعية التي لا ضرر منها ولا ضرار، بدلاً من دعوتها إلى منع زواج المسلمين من الكتابيات. وعن النتائج التي توصلت إليها الدراسة، أجاب بأن نتائجها كانت عبارة عن عموميات، وليست نتائج تفصيلية، لافتاً إلى أن الرسائل العلمية يجب أن تكون مقننة، وتستند إلى فقه الواقع، وتراعي الأحوال والظروف، وهو أمر من القواعد الفقهية في فقه السياسة الشرعية، التي تتخللها الأحكام الشرعية، ومتغيرات الفتاوى وفقاً للظروف والأماكن والأوقات، مضيفاً أن الرسائل الشرعية يجب أن تراعي عدم تكثيف الحملة ضد الإسلام والمسلمين. وأضاف أنه يوجد فقيه من فقهاء المذهب المالكي وهو الفقيه الونشريشي، أشاد في أحد مؤلفاته بالمسلمين الذين كانوا في أرض الأندلس ويعيشون بين النصارى واليهود ويتزوجون بالكتابيات، كما كان الكتابي يتربى في بيت المسلم ويتأثر به ويعتنق الإسلام. بدوره، أوضح المفكر الإسلامي عبدالله الشريف لـ «الحياة»، أن القول بالمنع من زواج «الكتابيات» له قوة على التمسك بأصل الإباحة، أمر ليس صحيحاً، لاسيما وأن الإباحة ثابتة في أصل الكتاب والسنة وفعل الصحابة رضي الله عنهم. وتساءل الشريف عن مرجّحات القول بالمنع من زواج «الكتابيات»، لاسيما وأنها ثابتة ثبوتاً يقينياً. وقال إن رأي الدراسة الفقهية التي نجم عنها رجحان القول بالمنع من الزواج من «الكتابيات» مرفوض، لافتاً إلى أن آثار زواج «الكتابيات» من المسلمين أمر اختياري، ويعود إلى المسلم وخياراته الشخصية، كما أنه في الوقت ذاته لا يمكن تحريمه. وأشار إلى أن ما تخوفت منه الدراسة من تحول زواج «الكتابيات» من المسلمين، إلى ظاهرة، أمر غير مقبول، كما أن الظاهرة الاجتماعية بحاجة إلى إحصاء ودراسة ينفّذها علماء الاجتماع الذين يمتلكون دراسات ميدانية. وكانت «الحياة» نشرت الإثنين الماضي دراسة فقهية صدرت أخيراً، تفيد بأن القول بالمنع من الزواج من «الكتابيات» له قوة ورجحان على التمسك بأصل الإباحة، وتوصلت في نتائجها إلى ضرورة منع المسلمين عموماً من الزواج من الكتابيات، ولا يختص هذا المنع بالولاة وكبار القوم الذين يقتدي بهم من هم دونهم.
مشاركة :