حملة الاستفتاء على تعديل الدستور دعاية يعاد تدويرها في مصر

  • 4/15/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

غطت الدعاية شوارع مصر ووسائل إعلامها لحض المواطنين على التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية المتوقع الاستفتاء عليها شعبيا بعد أيام، دون أن تستخدم عبارة “عشان (كي) نبنيها”، والتي تصدرت حملة إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي لفترة ثانية العام الماضي. وتغيرت العبارة ولم يتغير المضمون نفسه في العناوين المختلفة، والتي تتراوح بين الرغبة في استكمال البناء والاستمرار في مكافحة الإرهاب ومواصلة “عهد الإنجازات المزدهر”. ويجد المواطن المصري المشغول بإجراءات رفع الدعم أمامه وجبة دسمة من شعارات خلفّت تخمة بسبب تكرارها، فقد سمعها من قبل في الدعوة إلى الاستفتاء على دستور 2014، ثم في الانتخابات الرئاسية في العام نفسه، وفي مجلس النواب 2015، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية الأولى عام 2014 والثانية عام 2018، حيث بدت مادة يعاد تدويرها. وأتى التجديد الوحيد تقريبا لدى حزب “مستقبل وطن”، الذي يقود الأغلبية البرلمانية، مع استخدامه عبارة “اعمل الصح”، في توجيه مباشر للموافقة على الاستفتاء، ما أخرج الحملة من هدفها المعلن بالتوعية. ورد مواطنون بحملات من السخرية في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام نكتة “اعمل الصح يا حزلئوم”، وهي عبارة شهيرة في فيلم “لا تراجع ولا استسلام”، ولعب بطولته الممثل أحمد مكي، من خلال شخصية شاب يتسم بالغباء الشديد.اللافت في حملات الدعاية السياسية على الاستفتاء، والذي لم يحدد موعده النهائي بعد، افتقارها إلى السياسة، وكما في المرات السابقة لم تتطرق الدعاية إلى وعود بانفراجة حقيقية في الحريات أو مساحة أوسع لعمل الأحزاب أو تنوع في نبرة الإعلام المتسمة بالوحدوية. المؤيدون يحضون على المشاركة في الاستفتاء لاستكمال الإنجازات.. والمعارضون يرون الدعاية مثل "الدبة التي قتلت صاحبها" لم تأت على ذكر حالة الطوارئ أو تتطرق إلى مواد الدستور المعدلة، في إبهام غامض ومقصود. ودارت الدعاية في شقين أساسيين: مشروعات وإنجازات يجب استكمالها، وإرهاب ومخاطر محيطين بكافة الدول يجب أن يواجها بالحسم. ورافقت هذه المعاني عبارات فضفاضة يتم استخدامها منذ تولي السيسي الحكم عام 2014، مع فارق يتمثل في تبدل نسبي في المواقع والأولويات، حيث كان الحديث عن الإرهاب متصدرا بعدها انتقل إلى الإنجازات. أما حقوق الإنسان، المنتقدة أوضاعها في مصر، فيأتي الرد عليها غالبا باقتباس عبارة شهيرة للرئيس السيسي قالها في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس في أكتوبر 2017، “مصر ترسخ مبدأ جديدا في حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة.. وترى الأولوية للشق الاقتصادي”. لم تثن تلك العبارة ماكرون عن انتقاد حالة حقوق الإنسان عند زيارته للقاهرة في يناير الماضي، حين قال “لا يمكن فصل الاستقرار والأمن عن حقوق الإنسان”. ردت الحركة الوطنية المدنية المعارضة في مؤتمر صحافي، لم تتطرق إليه غالبية وسائل الإعلام المحلية، في 27 مارس الماضي، على دعاية الاستفتاء، حين قالت “الرئيس ليس مقاولا كي نمدد له فترة الرئاسة إلى حين إتمام مشاريعه، ومن يدعون أن مصر ليس بها أحد غير السيسي يصلح لتحمل المسؤولية، فماذا إذا استيقظت ذات يوم دونه لأي سبب.. هل ستتعطل الدولة؟”. ويقول أحمد رمضان (60 عاما)، وهو موظف محال حديثا إلى التقاعد، “إن السياسيين يرددون شعارات حول استكمال المشاريع والإنجازات، لكن ما الذي عاد علينا من تلك المشاريع؟”. وتابع في تصريحات لـ”العرب”، “مزارع الأسماك نسمع عنها وسعر السمك ما زال مرتفعا، وحقل ظهر في البحر المتوسط يحقق الاكتفاء فيما تأتي فاتورة الغاز أعلى من السابقة”. وتنوي نهى ياسين (27 عاما)، وهي عاملة في شركة استثمارية، المشاركة في الاستفتاء للتصوت بـ”لا”، لأن الدعاية الانتخابية للاستفتاء أثارت اشمئزازها ولم تقنعها بأن تعمل الصح وتصوت بـ”نعم”. وأشارت إلى أن الحملة تدعوها إلى المشاركة برأيها فيما يتم توجيهها مباشرة إلى قول “نعم”، وترفض أصلا التعديلات حاليا لعدم ثقتها في ما ينتجه البرلمان، وقفزه على أولويات عدة إلى التعديلات، التي ليست أولوية في الوقت الحالي. دارت الدعاية في شقين أساسيين: مشروعات وإنجازات يجب استكمالها، وإرهاب ومخاطر محيطين بكافة الدول يجب أن يواجها بالحسم. ورافقت هذه المعاني عبارات فضفاضة يتم استخدامها منذ تولي السيسي الحكم وترى ياسين أن التعديل الخاص بحجز نسبة ثابتة للمرأة في البرلمان لا يشكل حافزا يدعوها إلى الموافقة على التعديلات، قائلة “لا أعتبرها انتصارا، فعلى عكس الوزيرات اللاتي أحدثن فرقا وطفرات في مناصبهن لم نلحظ الأمر ذاته من نائبات البرلمان”. وفسر أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة سعيد صادق أسباب فشل الدعاية في إقناع فئة كبيرة من الناس بالتعديلات الدستورية، قائلا “مصر متعثرة في مجال الدعاية، والتناول السيء للتعديلات أنتج حملة دعائية غير محترفة، وتفتقد إلى أبسط المعايير، وتعتمد بالكامل على التملق وإعادة إنتاج العبارات ذاتها، ما أفقدها التأثير المرجو، بل تحقق نتائج عكسية”. وأكد لـ”العرب” أن التصويت على التعديلات الدستورية سيكون الأقل بين كافة الانتخابات في مصر، والحكومة أمام تحديات مضاعفة، وبدلا من اللجوء إلى أصحاب الخبرات، تم الاعتماد على مجموعة كانت من قبل تعمل في حملات جمال مبارك (نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك)، ولذا نشتم رائحة الشعارات نفسها من الأمن والهدوء والاستقرار والإنجازات. وأوضح صادق أن الحملة الدعائية فشلت في إدارة المعركة، واستخدمت عبارات إنشائية سيئة السمعة لم ينسها المواطنون، لذا فهي تشبه “الدبة التي قتلت صاحبها”.

مشاركة :