الأخطاء من الأمور متوقعة الحدوث في حياة البشر وأعمالهم في هذه الدنيا ولن نكف نحن البشر عن الأخطاء والخطايا، هذه سنة الله في خلقه، ومع كل هذا التسليم بطبيعية وجود الخطأ في أعمال البشر تبقى هناك أمور تكون نسبة حدوث الخطأ فيها محدودة وفي هامش ضيق لا يذكر، مصطلح الأخطاء الطبية لا يخضع في الحقيقة لذات المعيار أي أخطاء يجب أن لا تتعدى نسبة محدودة وضيقة ومقبولة ضمن التجربة الإنسانية من حيث الخسائر البشرية التي تترتب عليها. ولكن عندما تنقلب الأحوال وتختلط المعايير ويصبح ما يجب أن يكون في حكم المحدود ونادر الحدوث هو الشائع والأصل ويغيب الصواب بصورة شبه تامة هنا تكون وضعا خاطئا لا يجب السكوت عنه ولا يجب القبول به وتصبح مسؤولية تغييره فرض عين على المسؤولين بالدرجة الأولى. لا يمكن أن افهم كمواطن ينعم باهتمام القيادة الرشيدة حماها الله التي خصصت ثاني اكبر ميزانية في آخر موازنة لهذه البلاد الغالية لشؤون الصحة وفي ذات الوقت يؤكد لي من لا أشك في صدقه من المعارف بأنه قضى أياما طويلة يتردد بين أقسام الطوارئ في مستشفيات العاصمة وهو يحمل ابنته المصابة بعاهة القدم السكري وكان يحترق مع مضي الوقت بين ممرات أقسام الطوارئ ومع انتشار الغرغرينا في قدم الفتاة وكانت إجابة الجميع لا يوجد سرير، حدثني وكانت عبراته تحبس صوته وهو يحمد الله بعد أن لجأ بابنته إلى مستشفى خاص بتر جزءا من ساق ابنته بما يزيد عن المائة ألف ريال قال لي بألم وصدق وحسرة إن الله أعانه على استدانتها!! لا يمكن أن افهم كمواطن يسمع كل يوم عن الجديد من المستشفيات التي تضم مئات الأسرة وخيرة الكوادر الطبية وتكون مخرجاتها أخطاء فقط. كيف يثق الناس في مستشفى وأطباء يأتيهم المرء وهو يسير على قدميه وكل شكواه ابتلاع قطعة معدنية يستوجب إخراجها والتعامل معها بعملية منظار ولكن المفاجأة تكون بالوفاة وتحويل القضية إلى سجال يملأ صفحات الجرائد وقنوات التلفزيون بعد أن ملأ مجالس الناس وصدورهم بالحزن والغضب. كل ما أخشاه على مستقبل الإنسان السعودي أن لا يثق في جهازنا الطبي بسبب الأخطاء الطبية، التي في الحقيقة لم تعد أخطاء وهي ليست من أفعال الطب في شيء. هذا رأيي كمواطن ورأي اغلب من يتحدثون في المجالس عن الطب والخدمات الطبية لدينا، بعبارة أخرى الناس لم تعد تولي خدمات الطبابة في الداخل أي مصداقية. هذه المشاعر السلبية التي تراكمت لدى الناس ليست وليدة حادثة أو اثنتين بل ناتجة عن معاناة ومعايشة مرة لواقع اقل ما يقال عنه انه مؤلم. المهمة الأكثر صعوبة في تقديرنا هي إيماننا بأن قيادة هذه البلاد حرسها الله لن تقف مكتوفة الأيدي وستتفاعل مع متاعب الناس وهمومهم وستسعى جادة في إيجاد الحلول والتغيير من الأوضاع المتردية في القطاع الصحي وهذا هو أصعب الخطوات خاصة في بدايته وفي أوليات معالجته. الناس لا تريد أكثر من أن تأمن على حياتها وتود أن تشعر بأمان حقيقي من حيث توافر الجهة التي تقدم الدواء والعلاج المضمون، الذي يزيل الرعب من صدور الناس وهم في الحقيقة معذورون ولا يمكن أن يخطر في بالهم أو في تفكير احد منا أن رجلا ذهب ليخلع ضرسا، يصاب بجلطة في الدماغ يكاد يفقد على أثرها حياته وذاكرته لمجرد أن أعطي جرعة مخدر زائدة. دور التوعية والإشارة إلى ما يسمى بالأخطاء الطبية تصدى له عدد من الكتاب وللمفارقة العجيبة كان آخرهم الصحفي المغفور له بإذن الله محمد الثبيتي رحمه الله وغفر له والذي فقد حياته نتيجة ما يسمى بخطأ طبي! محمد الثبيتي قالت عنه قناة السي إن إن انه حاول التوعية بخطورة ما يسمى بالأخطاء الطبية وراح ضحيتها. قال المغفور له بإذن الله في تغريدة له على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعية «تويتر» عن هذا الموضوع: «مسلسل الأخطاء الطبية مستمراً «أبطاله» أطباء بدرجة «.....» ووزارة الصحة غائبة عن المشهد». رحمك الله يا محمد الثبيتي ورحمنا معك إذا ما سرنا إلى ما سرت إليه نتيجة خطأ طبي. مستشار وباحث في الشأن الدولي
مشاركة :