رعى وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار يوم امس حفل افتتاح ندوة الحج الكبرى في دورتها ال 38 لهذا العام تحت موضوع " فقه الأولويات في الحج"، بحضور سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وأكثر من 200 مشارك وباحث ومفكر من جميع أنحاء العالم، وذلك بقاعة " الذكرى الخالدة " بمكة المكرمة والتي تستمر على مدى ثلاثة أيام. وبدأت فعاليات الندوة بالقرآن الكريم ثم ألقى الأمين العام لندوة الدكتور هشام بن عبد الله العباس كلمة قال فيها إن مثل هذه اللقاءات الخيرة التي دأبت وزارة الحج في المملكة العربية السعودية على عقدها في العشر الأول من شهر ذي الحجة من كل عام، يمثل فرصة ثمينة لتدارس عدة قضايا من أهمها قضية تفاضل الأعمال بمراعاة حال الشخص، واغتنام الأوقات، وصرف الأموال بما هو أولى وأحرى، ومن هنا كان من فقه المرء: تقديم الأهم على المهم، والأفضلِ على الفاضل بحسب الأحوال والظروف، وتركِ النفل؛ لضمان أداء الفريضة، وذلك توقياً وتلافياً لأي إشكالات قد تواجه حجاج بيت الله الحرام حتى تتواءم مع جميع الاستعدادات والانجازات التي وفرت لخدمتهم وتحقيق أعلى مستويات السلامة ليقوموا برحلتهم المقدسة في أمن وأمان. وأضاف إن ما يدعو للارتياح أن المشاركين في ندوة الحج الكبرى عندما يعود كل واحد منهم إلى بلاده وفي جعبته الكثير مما علق في الذاكرة.. لإمداد المسلمين بمادة علمية خصبة يمكن أن يرتكزوا عليها ضمن ما يجتهدون في إيصاله لحجاج بلادهم لمزيد من التوعية لكي يؤدوا نسكهم وفق مراد الله عز وجل ولكي يستفيدوا من الخدمات الحيوية المتعددة الأبعاد التي وفرتها حكومة المملكة العربية السعودية وكذلك المشروعات في الحرمين الشريفين والتوسعات ذات الصلة بما في ذلك المشاعر المقدسة. وأكد الدكتور العباس أن تثقيف الحجاج في بلدانهم وتوعيتهم قبل وصولهم إلى الديار المقدسة يسهم في التقليل من الأخطاء المحتملة، فالأخطاء التي قد يقع فيها بعض الحجاج تزيد من المشاق والمتاعب لكل الأطراف معبرا عن أمله أن يعود هذا اللقاء بعظيم الفائدة على عمال الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام. عقب ذلك ألقى معالي وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار كلمة قال فيها دأبت وزارة الحج منذ عدة عقود على الأخذ بالأسباب لاستثمار هذا التجمع الطيب لإقامة ندوات تستعرض وتناقش هما من هموم المسلمين أو طموحا من طموحاتهم لإيجاد السبل الكفيلة للارتقاء بالإنسان المسلم لتعزيز دوره لمزيد التقدم لأمته لتسهم باقتدار في بناء حضارة بشرية يسودها العدل ويتوافر فيها الأمان وتحترم فيها كرامة الإنسان. وأضاف انه في هذا السياق يأتي اختيارنا لموضوع: "فقه الأولويات في الحج" ليكون موضوع ندوة هذا العام؛ إنما هو لتأصيل مفهوم فقه الأولويات، وبيان شروطه وضوابطه وأهميته في هذا العصر الذي تكاثرت فيه الواجبات، وازدحمت فيه المسؤوليات، وكثرت فيه أعداد الحجيج، وليكون سبباً لنشر ثقافة فقه الأولويات بين المسلمين بعامة، والحجاج منهم بخاصة؛ لتكون عوناً لهم على أداء نسكهم بوعي وبصيرة وبأمانٍ واطمئنان. وأوضح أن كثرة أعداد الحجاج هذه الأيام تدعوا للبحث في هذا الموضوع المهم وترسخ فقه الأولويات في المناسك وذلك في مثل تقديم من لم يحج على من كرر الحج وتوجيهه لصرف ما أعده للحج النفل من إنفاقه على المحتاجين وسد حاجاتهم وما أكثرهم. وبين أن السلف الصالح فهموا معنى الحج ومقاصده حيث أدركوا وفطنوا إلى أولويات دينهم فلم يفرطوا ولم يفرطوا وهو ادراك غاب عنا اليوم فأفرط كثير من المسلمين في أداء فريضة الحج وفرطوا في حق الفقراء والمنكوبين وأعمال البر الأخرى. وأكد وزير الحج أن الوزارة وهي واسطة عقد منظومة الأجهزة والخدمات التي توفرها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن، تسعى كواجب أساس من مسؤولياتها أن يكون لمثل هذا التجمع الكبير ثمرته في توثيق عرى التعارف وخاصة عبر مفكري الأمة وعبر القادرين على تشخيص همومها وآمالها وتطلعاتها وان يكون من منافع الحج أيضا مد جسور التعاون البناء بين المسلمين عامة وان نصل بما يطرح في مثل هذه الجلسات إلى أوسع نطاق ممكن من الناس في أواسط امة الإسلام. اثر ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة أوضح فيها أن الدين الإسلامي بني على أركان خمسة منها الحج فهو احد الأركان الخمسة التي يقوم عليها هذا الدين وجعله الله مرة واحدة في العمر حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة وهي حجة الوداع التي كملت بها الرسالة وأتم الدين وقال سماحته إن جميع الأوامر والنواهي في أمور الدين كلها صادرة من عليم خبير فيجب على المسلمين تنفيذ تلك الأوامر ومنها التيسير في الحج فلم يسأل نبي الأمة عن شيء في الحج إلا وقال افعل ولا حرج والله سبحانه جعل الحج مرة واحدة في العمر من أداها فقد برئت ذمته مشيرا إلى أن هذا الزمان يتكاثر أعداد الحجيج مما يستلزم التنظيم فالدولة رعاها الله استنفرت كافة إمكاناتها الآلية والبشرية لخدمة الحج وتنظيمه وكذلك خدمة ضيوف بيت الله الحرام ومن جهود الدولة في هذا المجال ما قامت به من توسعة لجسر الجمرات وإقامة عدد من المشاريع لتوسعة الحرمين الشريفين ومن تلك التوسعات التوسعة الضخمة المباركة القائمة الآن والتي تحتاج إلى ثلاث سنوات للانتهاء منها لتستوعب بعد ذلك الأعداد الكبيرة من الحجاج ودعا آل الشيخ العلماء إلى تبصير الناس وتثقيفهم بهذا الأمر فمن أدى فريضة العمر فعليه أن يؤجل تأديتها مرة أخرى إلى ما بعد خمس سنوات لافتا إلى أن من كان لديه مال وأراد أن يحج مرة أخرى فالأولى أن يتصدق به للمساكين والفقراء أوان يعين مسلما على أن يؤدي فريضة العمر وتمنى سماحة مفتي عام المملكة أن تخرج هذه الندوة بتوصيات جليلة تعود بالنفع على المسلمين لتفقههم وتبين لهم أهمية تنظيم الحج شاكرا لمنظمي هذه الندوة وعلى رأسهم وزير الحج.
مشاركة :