كارثة حريق كاتدرائية نوتردام توحّد فرنسا والعالم

  • 4/17/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أثار حريق ضخم دمّر جزءاً في كاتدرائية نوتردام في باريس، ذهولاً وصدمة في العالم، في ظلّ تضامن دولي واسع مع فرنسا التي تعهد رئيسها إيمانويل ماكرون إعادة بناء معلم تاريخي يُعتبر رمزاً لبلاده. نوتردام التي تُعدّ أحد أرقى نماذج الطراز المعماري لكاتدرائيات العصر القوطي في فرنسا، بدأ تشييدها في القرن الثاني عشر وهي مدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) للتراث العالمي منذ العام 1991، وتستقطب أضخم عدد من الزوار في اوروبا، إذ يزورها حوالى 13 مليون سائح سنوياً. الكاتدرائية التي تشكّل جزءاً من التراث العالمي والذاكرة الانسانية، إذ تحوي كنوزاً دينية وثقافية، والتي صمدت في مواجهة حروب وثورات، اكتسبت أيضاً شهرة عالمية بفضل رواية فيكتور هوغو "أحدب نوتردام" التي اقتُبست مرات في السينما والعروض المسرحية الغنائية. وأعلن ناطق باسم جهاز الإطفاء "إخماد الحريق في شكل كامل" بعدما امتدّ "بسرعة كبيرة في السقف الخشبي" للصرح على مسافة "ألف متر مربع تقريباً". وأضاف أن الإطفائيين ركّزوا على برجَي الأجراس العملاقين في الكاتدرائية وتأكدوا من عدم تدميرهما، وتابع: "نحن الآن في مرحلة تقويم الوضع". وأشار الى أن المهمة تنحصر الآن في مراقبة هيكل البناء، للتأكد ممّا إذا تحرّك من مكانه، وإخماد أي بؤر متبقية محتملة، مضيفاً أن حوالى 100 إطفائي سيبقون في الموقع اليوم الثلثاء. وكان قائد فرق الإطفاء في باريس جان-كلود غاليه أعلن "إنقاذ الهيكل الرئيس لنوتردام والحفاظ عليه"، بعدما كافح مئات من الإطفائيين الحريق لنحو 12 ساعة، قبل أن يصبح تحت السيطرة، وتمكّنوا من إنقاذ برجَي الجرس والجدران الخارجية للكاتدرائية، في مقابل انهيار السقف والبرج الذي يرتفع 93 متراً. وأعلن مكتب المدعي العام في باريس فتح تحقيق في تهمة "تدمير غير متعمد عبر حريق". وقال المدعي العام في العاصمة ريمي هيتس إن المحققين يعملون على فرضية الحريق العرضي، لا المتعمد، في الكارثة. لكن وزير الدولة للداخلية لوران نونيز لفت الى ان التساؤلات الآن تتمحور حول معرفة كيف يمكن للبناء "أن يصمد"، وزاد: "سيُعقد اجتماع مع خبراء ومهندسين معماريين من فرنسا، لمحاولة تحديد هل أن المبنى ثابت وهل يستطيع الإطفائيون العمل في داخله لمواصلة مهمتهم". وأعلنت رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو إنقاذ تحف فنية كانت في الكاتدرائية، ووضعها في مخزن آمن، فيما اشار مساعدها إيمانويل غريغوار الى "استنفار فريق خاص لمحاولة إنقاذ كل التحف الفنية الموجودة". أما وزير الثقافة فرانك رييستير فتحدث عن "رمز لبلدنا كان مهدداً بالدمار"، مضيفاً أن الإطفائيين أنقذوا كنوزاً، ومستدركاً أن لوحات لا تزال في الداخل ومهددة بالتلف، نتيجة الدخان والمياه. وتحدثت إيدالغو عن "حريق رهيب"، مقترحة عقد "مؤتمر دولي للمانحين" في باريس، من أجل استقبال "خبراء" و"التمكّن من جمع أموال" لإعادة تشييد الكاتدرائية. جاء ذلك بعدما أعلنت "مؤسسة التراث" الخيرية المعنية بحماية الآثار الفرنسية، إطلاق "حملة جمع أموال وطنية" لإعادة تشييد نوتردام، علماً أن البليونير الفرنسي فرانسوا هنري بينو تعهد تقديم مئة مليون يورو لإعادة التشييد. ويرأس بينو مجلس إدارة مجموعة "كيرينغ" التي تملك علامات تجارية فاخرة، مثل "غوتشي" و"إيف سان لوران". كذلك أعلن البليونير برنار أرنو، أبرز المساهمين في مجموعة "إل.في.إم.إتش" للسلع الفاخرة، تبرّعه بـ 200 مليون يورو. ووَرَدَ في بيان أصدره: "هذه مأساة تعصف بجميع الفرنسيين وآخرين ممّن يعتنقون قيماً روحانية. ترغب عائلة أرنو ومجموعة إل.في.إم.إتش في إبداء تضامنها خلال هذه الفاجعة الوطنية، ونشارك لدعم إعادة تشييد الكاتدرائية المتميزة التي ترمز الى فرنسا وتراثها والى الوحدة الفرنسية". في الوقت ذاته، تعهد ماكرون لدى تفقده الكاتدرائية مساء الاثنين "إعادة بنائها"، لافتاً الى "تجنّب الأسوأ". وتابع: "ستكون بلا شك جزءاً من المصير الفرنسي ومشروعنا للسنوات المقبلة". وأرجأ ماكرون إلى موعد غير محدد، خطاباً كان سيلقيه مساء الاثنين، رداً على مطالب محتجّي "السترات الصفر". كما جمّد حملته لانتخابات البرلمان الأوروبي المرتقبة الشهر المقبل. وأكدت المديرة العامة لـ "يونيسكو" أودري أزولاي أن المنظمة "تقف إلى جانب فرنسا"، مشددة على ضرورة "تسخير جهود التضامن الدولي الآن في خدمتها". وأضافت: "التراث هو ثروة في متناول كلّ منا، ويجمعنا". وأثار الحريق حزناً في العالم، إذ قال البابا فرنسيس إنه "يصلّي من أجل الكاثوليك في فرنسا وسكان باريس"، معرباً عن أمله بأن "تصبح الكاتدرائية مجدداً، بفضل أعمال إعادة البناء وحشد جهود الجميع، جوهرة في قلب المدينة". واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن الكاتدرائية هي "رمز لفرنسا ولثقافتنا الأوروبية"، فيما وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحريق بأنه "فظيع"، معتبراً أن الكاتدرائية "تشكّل أحد أكبر كنوز العالم". أما نظيره الروسي فلاديمير بوتي فتحدث عن "ألم في قلوب" مواطنيه، وعرض مساعدة الفرنسيين في عمليات الترميم. وأعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن "حزن شديد" على "كنز رائع للحضارة البشرية". وأشار رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الى "جرح" لأوروبا واتحادها، فيما وصف الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحريق بأنه "مروّع". وكتب شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيّب على "تويتر": "أشعر بحزن تجاه حريق كاتدرائية نوتردام، هذه التحفة المعمارية التاريخية. قلوبنا مع إخواننا في فرنسا، لهم منا كلّ الدعم". وأسفت الخارجية المصرية لما حدث في "صرح عريق"، فيما كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على "تويتر": "حزين جداً للنيران الرهيبة التي تدمّر كاتدرائية نوتردام العظيمة، معلم مقدس مهم ليس لفرنسا فقط، كارثة رهيبة لرؤية هذا يحدث". كذلك أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ووزيرا الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والإيراني محمد جواد ظريف، تضامنهم مع باريس.

مشاركة :